وجه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية السابق، انتقادات لاذعة إلى الحكومة الحالية، متهما إياها بتجريف العمل السياسي وإفراغه من مضمونه الدستوري، مما أدى، بحسبه، إلى تفاقم الأزمة الاجتماعية والسياسية التي تمر منها البلاد. وقال العثماني، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الخامس للحزب المغربي الحر، المنعقد اليوم السبت بالرباط، إن الحكومة "تخلت عن الحديث عن قضايا جوهرية مثل حقوق الإنسان وكرامة المواطن والعدالة الاجتماعية"، معتبرا أن جوهر العمل السياسي يقوم على التواصل والانخراط الفعلي في قضايا المجتمع، وهو ما تفتقده الحكومة الحالية. وأضاف العثماني بلهجة انتقادية حادة أن "أول خطأ ارتكبته الحكومة هو تجريف السياسة ومحاولة القضاء عليها"، مشيرا إلى أن نتائج انتخابات 2021 أفرزت نخبة "عوجاء بالمال السياسي الفاسد"، على حد تعبيره، مؤكدا أن "32 برلمانيا منتمين لأحزاب الأغلبية متابعون قضائيا بتهم فساد". كما لفت إلى أن عددا كبيرا من رؤساء الجماعات تمت إقالتهم بناء على تقارير المجالس الجهوية للحسابات، موضحا أن ارتفاع منسوب الاحتجاجات الشبابية دليل على أزمة ثقة حقيقية في المؤسسات، خاصة في ظل تصاعد مطالب محاربة الفساد، التي قال إنها "مطلب مشروع تؤكده التقارير الدولية". وانتقد العثماني تجميد الحكومة الحالية للاستراتيجية الوطنية للنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، مؤكدا أن اللجنة الوطنية لتنفيذ هذه الاستراتيجية "لم تنعقد ولو مرة واحدة منذ بداية الولاية الحكومية الحالية"، معتبرا ذلك "دليلا على غياب الإرادة السياسية لمحاربة الفساد". كما هاجم قرار سحب مشروع القانون الجنائي بسبب فصل يتعلق بمحاكمة الفاسدين، إلى جانب تجميد القانون الإطار لإصلاح التعليم الذي تم إقراره بأمر ملكي، معتبرا أن هذه القرارات تمثل "أخطاء جسيمة أثرت على قطاعات حيوية يطالب الشباب بإصلاحها". وبخصوص وعود الحكومة بخلق مليون منصب شغل، أكد العثماني أنها لم تحقق سوى أقل من 200 ألف فرصة عمل، بحسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط، مشيرا إلى أن معدل البطالة بلغ 13.8 في المائة، وهو "رقم غير مسبوق منذ ربع قرن". وفي تعليقه على الاحتجاجات التي يقودها شباب "جيل Z"، اعتبر رئيس الحكومة السابق أن هذه التظاهرات "تحمل رسائل سياسية إيجابية وتعكس وعيا متزايدا بضرورة الدفاع عن الحقوق الأساسية في الصحة والتعليم والشغل ومحاربة الفساد"، داعيا إلى احترام حرية التعبير والتجمع السلمي. غير أنه في المقابل شدد على رفض أي أعمال عنف أو تخريب ترافق هذه التحركات، قائلا: "لا أحد من المغاربة يقبل بالاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة أو على رجال الأمن". وختم العثماني حديثه بالتحذير من محاولات بعض الجهات استغلال هذه الدينامية الاحتجاجية، قائلا إن "المغرب كما أكد الملك في خطاب سابق، محسود وله أعداء يسعون إلى زعزعة استقراره، ولا يجب أن نمنحهم الفرصة للنيل من وحدته وثوابته الوطنية".