في خطوة تؤكد تشديد الرقابة على تدبير المال العام بالمغرب، أعلنت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أن الوكيل العام للملك لدى المجلس أحال على رئاسة النيابة العامة 55 ملفا يتعلق بقرائن أفعال يحتمل أن تشكل مخالفات جنائية، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين سنة 2021 وأكتوبر 2025. العدوي، التي كانت تتحدث خلال افتتاح يومين دراسيين بالصخيرات حول "تعزيز آليات الرقابة القضائية والإدارية لتدبير الأموال العمومية"، أوضحت أن إحالة الملفات لا تتم إلا بعد دراسة معمقة ودقيقة للقرائن من طرف مختلف الغرف بالمجلس الأعلى والمجالس الجهوية، أو من خلال النيابة العامة المالية، مؤكدة أن الهدف هو ضمان مصداقية المساطر وارتكازها على أسس قانونية متينة. وأضافت أن عدد الشكايات التي تتوصل بها المحاكم المالية كبير، إلا أن أغلبها لا يفضي إلى متابعات قضائية بسبب غياب معطيات كافية أو أدلة قوية. فخلال سنة 2024 فقط، تلقى المجلس 77 شكاية من رئاسة النيابة العامة، تبين أن اثنتين منها فقط تضمنتا مؤشرات على أفعال قد ترقى إلى مستوى الجريمة المالية. أما إجمالي الشكايات التي وردت على المجلس فبلغ حوالي 1650 شكاية، لم يبرمج للتدقيق منها سوى 14%، ما يعكس حجم التحديات المرتبطة بترشيد الجهود وتدقيق المعطيات. وأشارت العدوي إلى أن تدخلات المحاكم المالية كان لها أثر مالي إيجابي يقدر ب140 مليون درهم، نتج عن الإجراءات التصحيحية المتخذة خلال عمليات المراقبة أو بعد التوصل بالتقارير التمهيدية، وهو ما يبرز الدور العملي والوقائي لهذه المحاكم في حماية المال العام. وفي ختام كلمتها، دعت العدوي إلى تعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الرقابة وتطوير أدوات التقييم الحديثة، معتبرة أن "كل مواطن أصبح اليوم جزءا من منظومة النزاهة الوطنية بفضل الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي"، لكنها نبهت في الوقت نفسه إلى ضرورة توخي الحذر من "استغلال المعطيات والتقارير الرقابية لأغراض غير موضوعية أو لحسابات سياسوية"، مشددة على أن حماية المال العام مسؤولية جماعية تتطلب وعيا مؤسسيا ومواطنا.