أكد الدكتور جمال الدين الكوهن، رئيس الفيدرالية الوطنية لأطباء التخدير والإنعاش، ارتفاع نسبة ملء أسرة العناية المركزة والإنعاش التي تستقبل المصابين بعدوى كوفيد، إذ انتقلت من 6,6 في المائة باستشفاء 108 مرضى بكوفيد، إلى 11 في المائة، بشكل سريع وفي ظرف 15 يوما، بعد أن فاق عدد المرضى 180 مصابا داخل أقسام الإنعاش لأجل العلاج بالتنفس الاصطناعي أو الاختراقي. وذكر الكوهن أن الوضعية الوبائية الحالية مقلقة جدا وكانت منتظرة بالنظر إلى سرعة وحركية تنقل وانتشار المتحور "دلتا"، واستهدافه لفئة الشباب بشكل أكبر، ما قد تصبح معه هذه السلالة هي السائدة في المغرب بدلا من السلالة البريطانية، إلى جانب السبب المرتبط بعدم الأخذ بالتدابير الاحترازية للوقاية من نقل عدوى الفيروس. وأكد الكوهن سعي المغرب إلى تحقيق المناعة الجماعية في ظل عالم يشهد ظلما في الوصول إلى اللقاحات، ما جعل المملكة المغربية تبذل مجهودات كبيرة لتوفير اللقاحات وأبرمت اتفاقيات لأجل تصنيعها لتلبية الطلب الداخلي والاستجابة لحاجيات العديد من الدول، في مقدمتها دول إفريقية. ولتجاوز هذه الأزمة الوبائية، شدد الكوهن على وجوب انخراط السكان غير الملقحين في الحملة الوطنية للتلقيح ضد الفيروس، مع التنبيه إلى أن التلقيح يعطي حماية نوعية وجزئية ولا يغني عن الأخذ بالتدابير الاحترازية من ارتداء الكمامة والتباعد وغسل اليدين.
شهدت الوضعية الوبائية لانتشار فيروس كوفيد19 في المغرب تغيرات ملحوظة منذ أزيد من أسبوع. ما تقييمكم لهذه الوضعية؟ الحالة الوبائية مقلقة جدا مع ملاحظة الارتفاع التصاعدي والسريع للحالات الإيجابية المصحوب بالارتفاع التدريجي للمرضى داخل أقسام العناية المركزة والإنعاش، أكثرهم من الفئات العمرية أقل من 40 سنة ومن فئة الملقحين أيضا. هذه الوضعية تذكرنا بوضعية وبائية مماثلة لما عشناه خلال صيف 2020، وتحديدا قبيل عيد الأضحى.
بلغة الأرقام، كم هي نسبة استقبال المرضى بأسرة أقسام العناية المركزة والإنعاش؟ منذ أسبوعين، بلغت نسبة ملء أسرة العناية المركزة والإنعاش 6,6 في المائة مع استشفاء 108 مرضى بكوفيد في أقسام الإنعاش، أما حاليا، انتقلت نسبة ملء أسرة الإنعاش إلى 11 في المائة، بشكل سريع وفي ظرف 15 يوما، بعد أن فاق عدد المرضى 180 مصابا داخل أقسام الإنعاش لتلقي علاجاتهم إما بالتنفس الاصطناعي أو الاختراقي. رقم الاستشفاء داخل أقسام الإنعاش بسبب الإصابة بكوفيد 19 مرتبط بالعدد الإجمالي لحالات الإصابة الإيجابية بالفيروس عند السكان، لذلك يكتسي التشخيص المبكر والعلاج المبكر والمراقبة الطبية الصارمة دورا كبيرا في خفض عدد المرضى داخل أقسام الإنعاش.
ما هي الأسباب التي ساهمت في انتقال الوضعية الوبائية من حالة مستقرة إلى مقلقة، على صعيد ارتفاع حالات الإصابة وعدد المحتاجين لخدمات الإنعاش والعناية المركزة؟ واقع الوضعية الوبائية الحالي كان منتظرا بالنظر إلى سرعة وحركية تنقل وانتشار المتحور "دلتا"، وهو ما قد يجعله السلالة السائدة في المغرب بدلا من السلالة البريطانية. الانتشار السريع للفيروس يعود إلى أسباب عدة، أولها ظهور متحورات جديدة وسريعة الانتشار، خصوصا وسط فئة الشباب، ثانيها عدم الأخذ بالتدابير الاحترازية للوقاية من نقل وعدوى الفيروس، على المستوى الشخصي والجماعي، وهو ما يجعلنا الآن أمام حالة من التراخي باتت حالة شبه عامة في عدد من المناطق. كل هذه المعطيات، تأتي في سياق يعرف فيه المجتمع حركية متزايدة مرتبطة بفصل الصيف وعقد اجتماعات عمومية، واللقاءات والمناسبات العائلية وفتح المجال أمام السياح والتصييف وعودة المغاربة من الخارج، إضافة إلى العودة التدريجية للحركة الاجتماعية والحركة الاقتصادية، التي تشكل ضرورة اقتصادية ونفسية في هذه المرحلة. أما بالنسبة إلى السبب الثالث، فيتمثل في عدم بلوغ المجتمع مرحلة المناعة الجماعية التي كانت منتظرة في مثل هذا التاريخ، رغم وصول عداد التوصل بشحنات اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد 19 إلى 20 مليون حقنه وتلقيح قرابة 10 ملايين شخص بالحقنتين. هذا إنجاز كبير للمغرب على الصعيد القاري، إلا أنه يبقى غير كاف للحصول على المناعة الجماعية. مهم أيضا للمساهمة الإيجابية لعملية التلقيح في خفض حالات الإصابة بالفيروس، خصوصا الأشكال الحرجة منها. نسعى إلى تحقيق المناعة الجماعية في ظل عالم يشهد ظلما في الوصول إلى اللقاحات، وفي هذا الصدد تبدل المملكة المغربية مجهودات كبيرة لتوفير اللقاحات بل أبرمت اتفاقيات لأجل تصنيعها لتلبية الطلب الداخلي والاستجابة لحاجيات العديد من الدول، في مقدمتها دول إفريقية.
هناك إجماع على الوضع المقلق لتسارع انتقال متحور دلتا على الصعيد العالمي، الفيروس ليست له حدود جغرافية الآن. كيف ترون مواجهة هذا الوضع الوبائي المقلق؟ هل من سبيل لذلك؟ لمواجهة الوضع الوبائي المقلق لانتشار متحور دلتا، وجب تسريع وتيرة التلقيح ضد الفيروس مع البحث عن سبل وإمكانية جلب تلقيحات أخرى، غير تلك المعتمدة حاليا في الحملة الوطنية للتلقيح ضد الفيروس. يمكن التفكير في جلب لقاحات مختبرات "موديرنا" أو "فايزر" أو أخرى. إلى جانب ذلك، يجب على السكان غير الملقحين، الانخراط في الحملة الوطنية للتلقيح ضد الفيروس، مع التنبيه إلى أن التلقيح يعطي حماية نوعية وجزئية ولا يغني عن الأخذ بالتدابير الاحترازية من ارتداء الكمامة والتباعد وغسل اليدين. مع الأسف، وفي ظل الوتيرة المتسارعة للارتفاع في عدد المصابين، تبقى العودة إلى التدابير الوقائية على الصعيد الترابي ضرورية، عند التنقل وفي التجمعات الكبيرة، مع الاعتماد على نشر التحسيس والوعي بضرورة تفادي التنقلات والتجمعات الكبيرة. كما من الوسائل لمواجهة الفيروس ومتحوره، تعميم إجراء التحاليل السريعة عند الحاجة لحتمية تفادي انتكاسة خطيرة خلال هذه الأيام وقبل عيد الأضحى. يجب على الجميع استحضار معطى إصابة الشغيلة الصحية بالعياء، لا سيما النفسي منه، إذ تجندت لمواجهة الجائحة منذ ظهور الفيروس موازاة مع اهتمامها بالتكفل بالأمراض الأخرى، ثم استحضار عدم قدرة المنظومة الصحية الحالية على مواجهة أي إكراهات جديدة للتكفل بمرضى كوفيد. لذلك يجب حث المواطنين على عدم التراخي والتهاون في احترام التدابير الاحترازية، للمحافظة على الاستعدادات التي تجريها المنظومة الصحية لمواجهة الوضع الوبائي الجديد.