عرف المجال السينمائي المغربي تطورا ملحوظا وبشكل تدريجي منذ وجود السينما إلى الآن، وقد عرفت السنوات الأخيرة أشياء عديدة ميزت هذا الحقل بشكل لافت على مستوى الإبداعية ووفرة الإنتاجات، ورفع قيمة الدعم... إلا أن المجال تطبعه سلبيات عديدة سيكون مفيدا لو تم تحديد المسؤولية عنها، لأنه لا يعقل أن تتكثف أعطاب في بعض حلقات المجال السينمائي دون أن ينتبه إليها، ما دام أنه لا جهة تعلن مسؤوليتها عن ذلك وتستجيب لما تتطلبه هذه المسؤولية من مبادرات لتصحيح الوضع، ونكتفي في هذا الإطار بإشارات إلى بعض أبرز الأعطاب، منها أساسا: تسيب واقع الإنتاج وتدبيره، سواء في ما يخص الإنتاجات الأجنبية أو الوطنية، لأنه لا يعقل بالنسبة إلى الأفلام الوطنية أن تمنح أموال بصيغة دعم أو تسبيق على الدخل، ويتم صرفها دون أن يتم التأكد من كيفية صرفها، ومدى توظيفها فعليا لخدمة احتياجات الفيلم، كما لا يعقل أن يتكلف سماسرة ومتطفلون على المجال بالعمل في الإنتاج وتدبيره بالنسبة إلى الأعمال الأجنبية، لأن الإنصات إلى العاملين في المجال وإلى الكومبارس أساسا بورزازات يعطي انطباعا بأن حقل السينما بالمغرب يحكمه قانون الغاب ومنطق الفوضى، خاصة أن حكايات بعض العاملين مع بعض المنتجين المغاربة تأخذ طابعا شبه أسطوري، ولا من يتدخل لإقرار الحق. هناك كذلك غياب التأهيل الفعلي لبعض جوانب القطاع، هذا الذي يجب أن تنعكس آثاره في الواقع، ويتم التأكد منه من طرف الجميع، وما يمكن الاستدلال به على هذا الأمر هو ما تمت تسميته بلجنة الفيلم بورزازات، وهي هيئة عهد إليها الإشراف على أشياء استراتيجية بالمنطقة، إلا أن الإنصات إلى الناس في الواقع يؤكد أن لا شيء يطرأ كجديد غير الكلام الأملس لأصحابه الذي لا يفيد في تغيير الوضع نهائيا، مما يعني أن حال السينما كحال بقية الحقول المغربية، حيث التناقض صارخ بين ما يتم الإعلان عنه وما يتم حصره من مشاريع وإمكانيات نظريا، وما يتم تحقيقه في الواقع، أي في واقع الناس والوطن وليس في واقع الأحلام الخاص بالمسؤولين الرسميين، فإلى من تعود المسؤولية عن هذا التناقض؟ انحسار الثقافة السينمائية هو الإشارة الثالثة التي يجب البحث عن المسؤول عنها، لأن ما يميز المجال السينمائي حاليا هو انحباس الينابيع التي أثرت الثقافة السينمائية، من ذلك أساسا الأندية السينمائية التي تراجع فعلها، خاصة الأندية التابعة لجواسم، لأن تضخيم رقم أندية أخرى كأندية دور الشباب كان لغايات أخرى ليس من بينها إنعاش ثقافة السينما، وتوقف مجلات السينما التي هي قليلة في كل تاريخ الإصدارات في المغرب، فأن تتوقف سابقا «دراسات سينمائية» ولاحقا «سينما» التي كانت تصدرها جمعية النقاد، و«وشمة» التي لم تنتظم في صدورها، يطرح أكثر من سؤال عن الجهة التي من مسؤوليتها توفير إصدارات سينمائية ودعمها، ثم هناك كذلك القاعات التي تراجع عددها بشكل كبير، مما يطرح سؤالا ليس حول أفق ثقافة السينما، بل حول معنى وجود إنتاجات وأفلام سينمائية بدون قاعات لعرضها وجمهور لمشاهدتها. وقد نضيف إلى هذه الإشارات أشياء كثيرة، مما يعني أن المسؤولية السينمائية تستدعي خلق ما يقلص مساحة الأعطاب، وما يذكي الفعل المسؤول، وما يجعل من المحاسبة أساس المسؤولية، فمن يحاسب المسؤولين عن استنبات الأعطاب في المجالات التي تم ذكرها؟