الدمناتي: مسيرة FDT بطنجة ناجحة والاتحاد الاشتراكي سيظل دائما في صفوف النضال مدافعا عن حقوق الشغيلة    تيزنيت: الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ينظم تظاهرته بمناسبة فاتح ماي 2025 ( صور )    عندما يهاجم بنكيران الشعب.. هل زلّ لسانه أم كشف ما في داخله؟    وزراء خارجية "البريكس" وشركاؤهم يجتمعون في ريو دي جانيرو    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يدشن مشاركته بفوز صعب على كينيا    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«راميد» .. نهاية شهادة الاحتياج في المغرب
مهنيون اعتبروا الميزانية المخصصة للنظام «هزيلة» وسط تخوفات من نقص الموارد البشرية
نشر في المساء يوم 18 - 03 - 2012

وجد العديد من مهنيي قطاع الصحة في برنامج المساعدة الطبية المعروف اختصارا ب«راميد» والذي ستستفيد منه الفئات الفقيرة من المغاربة،
فرصة حقيقية لضخ نفس جديد في القطاع
الذي يقولون إنه تم تهميشه لأزيد من أربعين سنة، منوهين بهذا النظام الذي خرج إلى الوجود بحر هذا الأسبوع، بعدما سهرت على تحضيره الوزيرة الاستقلالية السابقة ياسمينة بادو إلى جانب عدة قطاعات ضمنها وزارة الداخلية والاقتصاد والمالية. وربما لهذا السبب، تقول مصادر مطلعة، حرص الملك محمد السادس على أن يشارك في حفل الإعلان عن نظام «راميد» بالدار البيضاء وزراء سابقون في حكومة عباس الفاسي وهم صلاح الدين مزوار والطيب الشرقاوي وياسمينة بادو اعترافا لهم بالمجهودات التي بذلوها من أجل إخراج هذا النظام إلى حيز الوجود. نظام المساعدة الطبية، الذي وجده وزير الصحة الحسين الوردي جاهزا فوق مكتبه، سيعطي الأولوية للمواطنين البسطاء للاستفادة من العلاج المجاني. مجانية تسير وفق شروط ستسهر على مراعاتها لجنة خاصة تحدد المستفيد من غيره، لكن الإشكال الذي يطرحه بعض المهنيين هو لماذا تراجع الوزير حسين الوردي عن إحداث مديرية لتدبير هذا النظام في انتظار إحداث وكالة كما كان مقررا؟ أكثر من هذا لماذا أصر الوزير المذكور على إبعاد الأسماء التي كانت تشرف على تحضير هذا النظام وقرب أسماء أخرى للتصرف في كل صغيرة وكبيرة تهم الأموال المخصصة له؟
لطالما صدحت حناجر مهنيي القطاع الصحي بضرورة تعميم الخدمات الصحية على المواطنين حتى يتمكنوا من الاستفادة منها، درءا للمعاناة التي يتجرعها الملايين منهم بسبب العوز والفقر. وبدخول نظام المساعدة الطبية حيز التطبيق وبداية أجرأته من قبل الوزارة، استبشر المواطنون والمهنيون خيرا، معتبرين أن الأمل عاد من جديد لتشرق شمسه على قطاع الصحة، فالحق في ولوج العلاج أضحى مضمونا مع بطاقة «راميد» دون الحصول على شهادة الاحتياج، مع شرط بسيط هو إثبات أحقيتك في العلاج وبأنك غير متوفر على دخل قار وغير منخرط في أي تأمين إجباري عن المرض، فهذا النظام العمومي ليس موجها لكل الشرائح الاجتماعية، بل يهم فقط الفقراء من المغاربة ومن لم تسعفهم الظروف في الاستفادة من التغطية الصحية، وصلاحية إثبات ذلك موكولة إلى لجنة محلية التي ستمنح المستفيد حق الاستفادة من البطاقة لمدة ثلاث سنوات، وإذا رفضت ذلك فمن حقه الطعن في قرارها لدى لجنة جهوية.
ومن أجل تنوير الرأي العام الوطني، عقد وزير الصحة هذه الندوة الصحفية التي عدد فيها إيجابيات نظام المساعدة الطبية والمستفيدين منه، مؤكدا أن النظام أثبت نجاحه في جهة تادلة أزيلال.
ويهم نظام المساعدة الطبية 8.5 مليون نسمة، أي ما يناهز 28 في المائة، هذه النسبة تضم، حسب الوزير، أربعة ملايين شخص في وضعية فقر و4.5 ملايين في وضعية هشاشة و160 ألفا يستفيدون من المجانية بحكم القانون، القاطنين بالمؤسسات الخيرية ودور الأيتام والملاجئ ونزلاء المؤسسات السجنية والأشخاص غير المتوفرين على سكن قار.
أما فيما يخص السلة العلاجية والعلاجات المضمونة، فهي تتمثل، حسب الوردي في الخدمات الوقائية والخدمات الاستشفائية والعلاجات الطبية العامة والمتخصصة والخدمات الجراحية والاستفادة من الأدوية والمستلزمات الطبية، زيادة على النظارات الطبية وجراحات الفم والأسنان والتكفل بالأمراض المزمنة. أما بالنسبة إلى المناطق القروية، فستخصص لها وحدات خاصة متنقلة، الأمر الذي سيسهل عملية تقديم الخدمات الصحية للمواطنين.
من جهة أخرى، حددت لاستفادة المواطنين، سواء في العالم الحضري أو القروي، معايير تتمثل في الدخل المصرح به والمصحح حسب المتغيرات السوسيو اقتصادية والنقط المحصل عليها والمتعلقة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية، زيادة على مؤشر الممتلكات بالوسط القروي . كما أشار الوزير، في اللقاء الذي حضره أطباء وصيادلة ومهنيون صحيون، إلى أنه تم إحداث خلايا إقليمية ومكاتب محلية مكلفة بتدبير النظام، زيادة على لجان إقليمية ومحلية، كما تم تخصيص موقع إلكتروني خاص لهذا الغرض، حتى يتسنى للراغبين في ملء الاستمارة سحبها بكل سهولة من الموقع www.ramed.ma.
الأجرأة
الحديث عن نظام المساعدة الطبية وتقديم الخدمات الصحية للفقراء بالمجان حديث ذو أشجان وبث للأمل في نفوس الكثير من المواطنين، الذين قضوا سنوات ينتظرون دورهم لإجراء الفحوصات والتمتع بالعلاج الذي يكفله القانون وتضمنه المواثيق الدولية، إلا أن المتتبعين للشأن الصحي ومجموعة من المهنيين الذين تحدثت إليهم «المساء» اعتبروا أن المسألة ترتبط بشكل وثيق وحساس بالأجرأة وتفعيل هذا النظام، حتى يجد طريقه نحو التحقق بشكل إيجابي وفعال، وحتى لا تكون هناك نكبة جديدة يتجرع صدماتها المواطنون الفقراء.
ولأجرأة نظام المساعدة الطبية، تم تحديد ثلاث مراحل تسهل عملية تطبيق النظام، حيث حددت للمرحلة الأولى ثلاثة أشهر، تعتمد بشكل أساسي على ما هو متواجد في المستشفيات، ولكن في نفس الوقت تعتمد على الشروط الضرورية لدعم الأمراض المزمنة والعمل على إخراج مستعجلات القرب إلى الوجود حتى يخف الضغط على المراكز الصحية والمستشفيات. وحسب المعطيات التي قدمها وزير الصحة الحسين الوردي، فإن هناك 80 وحدة خصصت على الصعيد الوطني من أجل تقديم خدماتها للمواطنين، زيادة على القوافل الطبية، أما استكمال ترميم وتحديث المنشآت الطبية وتجهيزاتها على الصعيد الجهوي، فقد حدد له تاريخ أواخر ديسمبر 2012 على أساس أن يكون فاتح يناير 2013 نهاية لمشاكل الموارد البشرية.
وقد خصصت لأجراة النظام وتفعيله، زيادة على الوحدات والقوافل الطبية المتنقلة، 12 مستشفى جهوي و111 مستشفى إقليمي، مع برمجة قوافل طبية متخصصة بالأقاليم تنظم استشارة طبية أسبوعية لفائدة مرضى داء السكري وارتفاع الضغط الدموي.
كما أكد الحسين الوردي أنه سيتم الرفع من عدد الوحدات الطبية المتنقلة ليصل إلى 602 وحدة طبية متنقلة و19 وحدة متنقلة لطب الأسنان، بغية تنفيذ 26.000 نقطة تجمع سنويا. وفيما يخص الأدوية والمستلزمات الطبية، تم الرفع من الاعتمادات المالية لاقتناء المواد الصيدلية إلى أكثر من مليار درهم، وستعمل الوزارة من خلال هذا النظام على دعم الأمراض المكلفة داخل المراكز الاستشفائية الجامعية من خلال إنجاز 1600 عملية جراحية وتشجيع عمليات زرع الكلي والتكفل بمرضى جراحة القلب، إجراءات من شأنها، حسب تصريحات الوزير، أن تحدث ارتفاعا ملحوظا في الولوج إلى المستشفيات، حيث سيصل عدد المستفيدين إلى 20 في المائة.
وحسب الدراسات التي قامت بها وزارة الصحة، فإن تمويل راميد سيصل إلى 2.7 مليار درهم، دون احتساب نفقات الأجور، وهي الميزانية التي تشارك فيها الجماعات الترابية والمواطنون في وضعية هشاشة.
الخصاص في الأدوية
في الوقت الذي يتحدث وزير الصحة عن تقديم الأدوية بالمجان للمرضى، فإن مهنيين من قطاع الصحة أكدوا ل«المساء» أن المراكز الصحية في بعض المدن تعرف خصاصا مهولا في ما يخص الأدوية، إلى درجة أن المواطنين أصبحوا ينعثون الموظفين ب«الشفارة»، لأنهم لا يريدون، حسب تعبيرهم، مدهم بالأدوية اللازمة.
وقد نوه مجموعة من المهنيين والممرضين بالنظام، معتبرين أنه أتى لإنصاف فئة عريضة من المواطنين، لكن هذا لا يمنع أن هناك مجموعة من الانتقادات يقولون يجب أن تطرح أمام الوزير لمعالجتها، والتي ستكون عائقا أمام فعالية وجدوى النظام.
أول الانتقادات التي وجهت من طرف المهنيين، تتمثل في الإعلان عن هذا النظام في ظرف قياسي، دون توفير الموارد البشرية اللازمة ودون تقديم أي تحفيزات لموظفي القطاع، الذين سيقومون باستقبال المرضى حاملي بطائق «راميد».
اسماعيل المهداوي، الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة بمكناس، المنضوي تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، اعتبر أن هناك نقصا في الموارد البشرية وأن تطبيق النظام في ظل هذا النقص من شأنه أن يخلق عبئا على الممرضين والأطباء على حد سواء، مؤكدا ل«المساء» أن الأدوية التي يتوفرون عليها اقتربت من الانتهاء من الصيدليات التي يتوفرون عليها، والوزير يصرح بأن الدواء سيكون بالمجان، فلا يمكن في نظره أن ينجح النظام بدون تجهيز البنية التحتية وتوفير المؤسسات الصحية، وأشار المصدر ذاته إلى أن الأنسولين بالنسبة إلى مرضى السكري لم يوجد لمدة ثلاثة أشهر في الصيدليات، زيادة على مشكل نقص الأطباء المتخصصين في مدينة كمكناس.
وفور وصول الخبر إلى المواطنين، يضيف المتحدث، عرفت مجموعة من المستوصفات بالمناطق المجاورة للمدينة فوضى عارمة بسبب المواطنين الذين جاؤوا من أجل الاستفسار حول هذا النظام والفرق بينه وبين شهادة الاحتياج، علما أن الأطر الصحية ليس من اختصاصها تقديم هذا النوع من الخدمات، فهي مطالبة بتوفير العلاجات الصحية وقد تطور الوضع في منطقة تواركة إلى درجة أن مواطنا أشهر سيفه في وجه أطر أحد المستشفيات مطالبا بالدواء، والمستشفى فعلا لا يتوفر عليه، وقد اعتبر المتحدث أن تأهيل العنصر البشري في وزارة الصحة هو الأساس لخلق مبدأ التوازن.
أحمد الصالحي، ممرض رئيسي بقسم الجراحة بالمركز الاستشفائي ابن رشد، أوضح كذلك في تصريحه أن النظام الذي جاء بمشروعه عبد الرحمان اليوسفي تم انتظاره لسنوات، لكن هذا المشروع الذي خرج إلى الوجود ستواجهه، على حد قوله، مجموعة من العوائق أهمها المغادرة الطوعية للأطر الصحية التي خلفت خصاصا كبيرا في الموارد البشرية ينضاف إلى عدم تعويض الدولة المحالين على التقاعد، زد على ذلك هجرة خريجي المعاهد الصحية إلى قطر والدول الأجنبية بحثا عن أجور أحسن، كلها عوامل، يضيف الصالحي، ستقف حاجزا أمام تفعيل النظام بالطريقة التي كان من المفروض أن يفعل بها، وهي تخصيص الحيز المهم للعنصر البشري، فضلا عن الرفع من الميزانية.
القرية قبل المدينة
النظام الذي كان جاهزا وكان من المنتظر أن تحدث مديرية لتدبيره في أفق إنجاز وكالة في عهد الوزيرة السابقة ياسمينة بادو، أسرع بالتعجيل به الحسين الوردي، رغبة في الإسراع في تأهيل القطاع حتى يتلاءم مع حاجيات المواطنين الصحية المتزايدة، لكن بالرغم من إيجابيات النظام ككل والخدمة التي تقدمها بطاقة «راميد»، إلا أن هناك فئات، يقول المهنيون، حرمها البرنامج من الاستفادة من العلاج المجاني، إذ أقصى البرنامج المتقاعدين الذين يتقاضون معاشات هزيلة، الأمر الذي يستدعي من الوزارة التدخل لتداركه بجعل اللجن تعتمد على نوع من المرونة في التعامل مع الملفات المرشحة للاستفادة من البرنامج. ممرض بالمستشفى الإقليمي ببرشيد اعتبر أن النظام مهم بالنسبة للأسر المعوزة وسيعمل على تسهيل الاستشفاء ولن يجد الممرضون صعوبة في استخلاص الفاتورة من لدن المواطنين، وأن على النظام الجديد أن يخفف الضغط على المراكز الاستشفائية بالمدن الكبرى بالاهتمام بالعالم القروي، من خلال إحداث مستشفيات تلبي الطلب المحلي والإقليمي حتى تسهل على المواطنين عناء السفر وقطع المسافات طمعا في العلاج، منوها بالقوافل الطبية المتنقلة التي من شأن خدماتها توفير المال والجهد على المواطنين المعوزين. كما اعتبر المتحدث أن البطاقة الجديدة ستمكن الفقراء من الاستفادة بشكل فعال، على عكس شهادة الاحتياج التي يقول كان يطالها «التلاعب»، وفي كثير من الأحيان يستفيد منها الأغنياء ويحرم منها الضعفاء. وللاستفادة من هذه الخدمات، فإن المريض عليه أن يتوجه إلى المركز الصحي التابع لمقر سكناه والمشار إليه في بطاقة المساعدة الطبية، أو إلى أقرب مستشفى محلي أو إقليمي، وفي حال عدم توفر التخصص هناك يوجه نحو المستشفى الجهوي، أما إذا تطلبت حالته فحوصات إضافية، فإنه يوجه آنذاك إلى المستشفى الجامعي، هذه التراتبية اعتبرها البعض ليست في صالح المريض الذي من حقه أن يختار المستشفى والطبيب المعالج، خاصة في حالة السفر.



الدكتور محمد بناني الناصري : هل لدى الحكومة ما يكفي من المؤسسات والموارد البشرية لحوالي 8 ملايين فقير؟
أوضح الدكتور محمد بناني الناصري، رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، أن عدد المعوزين الذين يدخلون في إطار المساعدة الطبية حددته الوزارة الوصية في ثمانية ملايين ونصف مغربي، وأنه عند تأمل الميزانية المخصصة لهذا العدد من المواطنين، نجدها لا تتجاوز الثلاثة ملايير درهم في السنة، هذه الميزانية اعتبرها المتحدث هزيلة ولا تكفي لاستيعاب عدد المرضى المحتاجين إلى العلاج. فبإجراء عملية حسابية، يتضح، حسب المصدر ذاته، أنه لا يمكن لثلاثة ملايير درهم أن تلبي حاجات ثمانية ملايين ونصف من المواطنين، فكل مواطن سيخصص له 350 درهما في السنة، موضحا أن هذه الميزانية لا يمكن أن يعالج بها مرض واحد، فبالأحرى مجموعة من الأمراض من ضمنها الأمراض الخطيرة والمزمنة.
من جهة ثانية، أشار بناني الناصري في اتصال هاتفي، إلى أن تطبيق النظام بصيغته الحالية سيفرض على المواطنين التوجه إلى المستشفى العمومي، وهنا يطرح التساؤل: هل الحكومة المغربية لها ما يكفي من مؤسسات عمومية وموارد بشرية للتكفل بثمانية ملايين ونصف من الفقراء؟ هل المستشفى العمومي خاص بالفقراء؟ إذا كان الأمر كذلك، فسيزداد وضعه تدهورا، يضيف المتحدث.
وتساءل رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، قائلا: «لماذا تم حرمان هذه الفئة من المواطنين من حقها في اختيار الطبيب المعالج؟»، هذا الحق يقول بأنه مقدس، لأنه له علاقة بالطبيب ومريضه وللعلاقة دور كبير في إنجاح عملية العلاج.
وأضاف أن بعض الناس قالوا لنا عند طرح هذا الانتقاد إننا نسعى فقط إلى الربح عندما قدمنا مذكرات في الموضوع سنة 2004 ومذكرة إلى الوزير السابقة، ونفس الأفكار تم تقديمها إلى الوزير الحالي، لكن لم تلق صدى ولم تتم الاستجابة إلى ما ورد فيها.
الاقتراح الذي يتحدث عنه الدكتور بناني الناصري، يتمثل في أن يتمكن المريض من اختيار الطبيب المعالج بدون تمييز، وفي المقابل، يلتزم الأطباء في القطاع الخاص وعن طريق توقيع اتفاقية شراكة مع الوزارة، بمعالجة المرضى المعوزين في المغرب المتوفرين على بطائق «راميد» بنفس التكلفة في القطاع العام، الأمر الذي سيسهل المهمة ويخفف الضغط على هذا القطاع.
الاقتراح يضيف المتحدث كان في عمقه وطنيا واجتماعيا ولا علاقة له بالربح، ولكن لم تستجب له الحكومة، مؤكدا أن إلزام المرضى بالذهاب إلى المستشفيات العمومية من شأنه التمييز بين المواطنين في العلاج، وهذا يتنافى مع المواثيق الدولية، زد على ذلك، يتابع المتحدث، أن الحكومة ليست لها موارد بشرية كافية، لا من حيث الأطباء ولا الممرضين، وحتى المؤسسات ليست كافية، والدليل الاكتظاظ الذي تعانيه المراكز الصحية في مدينة كالدار البيضاء، موضحا أن الأوضاع قد تزداد سوءا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.