على بعد يومين فقط من اختتامه، مازال مهرجان سينما المؤلف بالرباط يعيش على إيقاع الصراعات والاتهامات والبلاغات المتبادلة بين منظميه. وبعيدا عن الأفلام المعروضة في المهرجان والموائد المستديرة والندوات المنظمة على هامشه، نشب خلاف حاد بين مدير المهرجان عبد الحق المنطرش، والناقد السينمائي محمد الطالب، المكلف بالملف الفني للمهرجان الدولي لسينما المؤلف. واشتعل الصراع بين الطرفين، عندما لم يستسغ مدير المهرجان أن يقوم محمد الطالب بتحرير بيان وتعميمه على مختلف وسائل الإعلام، يفيد بإلغاء جائزة النقد والندوة التي برمجت في الدورة الثامنة عشرة للمهرجان. وجاء في البلاغ، الذي وقعه الطالب بصفته منسقا للجنة الفنية ومسؤولا عن تنظيم الندوة، أن الأخيرة قد تم إلغاؤها من برنامج المهرجان، «نظرا للظروف المادية الصعبة التي يمر منها المهرجان»، رافضا ما أسماه «اللجوء إلى حلول ترقيعية تم اقتراحها في آخر لحظة». رد مدير المهرجان عبد الحق المنطرش، جاء من خلال بيان نشرته إحدى الجرائد اليومية المغربية، نفى فيه أن تكون الندوة قد ألغيت، مؤكدا أنها ستجرى في موعدها. وأوضح محمد الطالب في بيان استنكاري توصلت «المساء» بنسخة منه، أنه يرفض «الأسلوب اللاحضاري واللاأخلاقي واللامهني، الذي حاول من خلاله رئيس المهرجان النيل من سمعته ومصداقيته وشفافيته»، مؤكدا أنه مباشرة بعد نهاية الدورة السابقة من مهرجان سينما المؤلف بالرباط، تم تكليفه بالملف الفني للمهرجان في دورته ال 18، من طرف لجنة فنية تتكون من مصطفى استيتو، ونجيب الزواوي، ومحمد بلغوات، وأبي الفضل، وعبد الكبير برقية، وملاك الدهموني، إضافة إلى رئيس المهرجان، الذين وافقوا جميعا، حسب نص البيان، على أن يكون الطالب منسقا للجنة بشكل شفوي دون أن يحتاج ذلك إلى أي توقيع على وثائق معينة. وبرر الطالب إعلانه عن إلغاء الندوة بالظروف المادية الصعبة، التي تخيم على المهرجان، مشيرا إلى أن مدير المهرجان هو من شرح له ذلك. وهاجم الطالب إدارة المهرجان، محملا إياها مسؤولية الأزمة المادية التي تهدد المهرجان، بسبب ما اعتبره، سوءا للتسيير وانعداما للشفافية، ودعا إلى إجراء مراجعة ومحاسبة بما أن الأمر يتعلق بالمال العام. وحاولت «المساء» الاتصال بمدير المهرجان، المنطرش، لأخذ تصريحه ووجهة نظره حول الموضوع، بيد أن هاتفه كان خارج التغطية. ويذكر أن الندوة أجريت في موعدها أول أمس الثلاثاء بالرباط، وشارك فيها نقاد سينمائيون، ناقشوا واقع وآفاق النقد السينمائي في المغرب، في ظل التحولات التي تعرفها الصناعة السينمائية وطنيا ودوليا. وتحولت الندوة التي برمجها منظمو المهرجان في سياق الأنشطة الفكرية الموازية للعروض٬ تحت عنوان «النقد الأدبي والنقد السينمائي.. أية علاقة» إلى فضاء لمحاكمة التجربة النقدية في المغرب٬ ومساءلة قدرتها على مواكبة التطور الكمي والنوعي، الذي تعرفه السينما المغربية وإنتاج خطاب سينمائي رصين يمهد لتأسيس ذوق فني عام. وتعددت زوايا النظر إلى النقد السينمائي بين رؤى من داخل الممارسة لنقاد من قبيل حمادي كيروم وخليل الدامون ومحمد شويكة وعز الدين الوافي وفؤاد السويبة٬ وأخرى من مواقع محاذية أو متقاطعة مع الإنتاج النقدي من قبيل المخرجين حسن بنجلون وعز العرب العلوي، فضلا عن الناقد الأدبي سعيد يقطين، الذي قارب خصوصيات الممارسة النقدية بين ساحتي الأدب والسينما.