"حزب الأحرار" يعقد لقاءات جهوية    الأزمي: لم تحترم إرادة الشعب في 2021 وحكومة أخنوش تدعم الكبار وتحتقر "الصغار"    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    أطنان من "الشيرا" في ضيعة فلاحية    ثلاث سنوات من السجن في انتظار مغربي أوقفته ألمانيا بطلب من هولندا    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية بولندا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    "الأحرار" يطلق جولة تواصلية جديدة ويشيد بالحوار الاجتماعي وبمكتسبات الشغيلة    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    إسرائيل تقحم نفسها في اشتباكات بين السلطات السورية والدروز    لماذا أصبحت فلسطين أخطر مكان في العالم على الصحفيين ؟    استقدمها من علبة ليلية بأكادير.. توقيف شخص اعتدى على فتاة جنسيا باستعمال الضرب والجرح بسكين    فريق طبي مغربي يجري أول عملية استئصال للبروستاتا بالروبوت عن بعد بمسافة تجاوزت 1100 كلم    تنظيم يوم وطني لخدمات الأرصاد الجوية والمناخية الاثنين المقبل بالرباط    "هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    تونس تسجن رئيس الوزراء السابق العريض 34 عاما بتهمة تسهيل سفر جهاديين لسوريا    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    ألمانيا تهتز على وقع حادث دموي في شتوتغارت.. سيارة تدهس حشداً وتصيب 8 أشخاص    أجواء حارة مرتقبة اليوم السبت بعدة أقاليم    كيوسك السبت | الحكومة تكشف بالأرقام تفاصيل دعم صغار الفلاحين و"الكسابة"    كبرى المرافئ الأميركية تعاني من حرب ترامب التجارية    الموت يغيّب المنتج المصري وليد مصطفى    قصف منزل يخلف 11 قتيلا في غزة    زيارة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت تعزز "العلاقات الممتازة" بين الولايات المتحدة والمغرب (الميداوي)    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    قيادات "الأحرار" تلتئم بالداخلة.. تنويه بمنجزات الصحراء وحصيلة الحوار الاجتماعي    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يعيد الإفراج عن مذكراتها كتابة تاريخ تركيا الحديثة ؟
لطيفة هانم..
نشر في المساء يوم 09 - 08 - 2012

«لا تدعه يبقيك مستيقظا طوال الليل لأن اللغز لن تستطيع حله والأسئلة لن تجد لها أجوبة»، لكن في «أسرار غامضة طبعت التاريخ» نقوم بالإحياء الدرامي الدقيق لتلك الأسرار التي ألهمت الخبراء
وأثارت اهتمامهم وأذهلتهم لقرون وعقود وجعلت من شخصياتها أساطير في الذاكرة. سوف نقوم بكشف حقيقة بعض الشخصيات الأسطورية من خلال اكتشاف أدلة ونظريات جديدة.
عندما طلّقها كمال أتاتورك، بعد نحو 3 سنوات من الزواج، لم يفتقدها أحد في قصر الرئاسة في منطقة تشانكيا، وسط أنقرة، بسبب الصورة التي رُسِمت عنها بأنها امرأة مُدلَّلة تمر بحالات هيسترية وتصرخ على كمال وهو يتناول العشاء مع أصدقائه.. كان الوحيد الذي افتقدها أتاتورك نفسه، والذي كان يختلي بنفسه ليبكي.. لم يهتمّ بها أحدٌ بعد طلاقها وعاشت وماتت في الظل.. غير أن كتابا لمؤلفته الصحافية التركية إيبك شاليشلار، نُشِر قبل 3 سنوات، أعادها بقوة إلى الأضواء، إنها لطيفة هانم، الزوجة الأولى والأخيرة في حياة باني تركيا الحديثة.. يؤكد العارفون أن الوثائق الشخصية الموجودة في أرشيف الجمعية التاريخية التركية التي تركتها لطيفة هانم، والتي لم يُفرَج عنها إلى حد الآن، من شأنها إعادة كتابة تاريخ تركيا الحديث.
سيدة تشانكيا الأولى والأخيرة
تبدأ حكاية لطيفة أوشاكي حين استضافت مصطفى كمال أتاتورك في قصرها عندما دخل إلى مدينة أزمير في عام 1922. ستحكي لطيفة للصحافة، لاحقا، لقاءها الأول فتقول: «كنت منبهرة بشجاعته ووطنيته وروحه القيادية، ورغم عدم معرفتي به قبل ذلك فقد طلبت منه أن يحل ضيفا علينا طيلة فترة إقامته في أزمير».‏
كانت لطيفة الابنة الكبرى للمليونير معمر بيك وعدوية هانم، تمت تربيتها بعناية فائقة، حيث أحضر لها أبوها مربية من إنجلترا، أتقنت الإنجليزية دون سن الثالثة وتعلمت لاحقا الفرنسية والألمانية واللاتينية وتخرجت من جامعة السوربون في فرنسا، وكان معمر بيك يقول لبناته: «لن يظهر في هذا البلد رجال يستحقون الزواج ببنات تلقّين التربية التي تلقيتنها إلا بعد بضعة أجيال»..‏
كانت لطيفة أوشاكي تملك موهبة خاصة في الفن والأدب والموسيقى. كتبت عنها آنا ريلك، أستاذة موسيقى وابنة أخ الشاعر النمساوي الشهير ريلك، في مذكراتها التي نشرتها بعنوان «نغمات لا تتلاشى»: «من بين النساء التركيات اللواتي عرفتهن كانت لطيفة معمر، وهي الأبرز، كانت في الخامسة عشرة من عمرها حين رأيتها للمرة الأولى، هي الابنة الكبرى لتاجر تركي مليونير من مدينة إزمير، كانوا يقيمون في منزل بنيّ على الطراز الإنجليزي ويعيشون في البيت حياة من النمط الإنجليزي، كانوا يتقنون اللغات الأجنبية ويمضون بضعة أشهر من السنة في لندن وباريس».‏
في مساءات إزمير الدافئة، تبادل أتاتورك ولطيفة الحديث والمناقشات.. كانت تجيد الكلام والدفاع عن أفكارها وترغب في تحرر جنسها وتحلم برفع المرأة التركية إلى السوية الاجتماعية والثقافية التي تتمتع بها المرأة في الغرب.. كانت بأفكارها هذه تخطف قلب مصطفى كمال فتزوجها عام 1923، وهي في سن الثالثة والعشرين، بينما يكبرها هو ب19 سنة.. تزوجا زواجا مدنيا: كلاهما جلس على الطاولة ووقّع أوراق الزاج وكانت لطيفة موكلة نفسها وليس والدها..
ربطت بين لطيفة ومصطفى كمال علاقة مساواة تنأى عن التراتبية، ففي تلك السنوات كان الشائع أن تخاطب المرأة زوجها بلقبه الرسمي مثل «سيدي» أو «سيدي الباشا» أو «سيدي البيك».. أما هي فكانت تناديه بمجرد اسمه كمال، مما كان يثير عدم الارتياح في محيطه.‏.
عُرِف عنها أنها كانت شديدة التأنق، حافظت على ذوقها بعد زواجها أيضا وكانت تقتني ثيابها من أشهر محلات الموضة في أوربا، كما اعتادت أن تفعل قبل الزواج، فلم تنقب وجهها ولا ارتدت ملاءة.‏ ونشرت جريدة «نيويورك تايمز»، في 14 - 03 - 1923، خبرا بعنوان «ثياب السيدة كمال نداء من أجل الإصلاح»، وأصبحت بذلك رمزاً لحرية المرأة التركية، فيما الصحف الغربية تسهب في الثناء على أناقتها الجريئة ومرافقتها زوجَها في جولاته التفقدية على قطع الجيش وفي حفلات الاستقبال.. وكان المدعوون يعجزون عن إبعاد أنظارهم عن ثيابها.. كانت امرأة أوربية بكل معنى الكلمة في هيئتها ومخلصة في الوقت نفسه للتقاليد التركية.‏
رغم أن علاقة لطيفة الزوجية مع مصطفى كمال دامت سنتين ونصف السنة فقد شهد زواجهما اندلاع ثلاث مشاجرات كبيرة انتهت الأخيرة منها بالطلاق. لكن المأساة والمفارقة أن طلاق كمال ولطيفة لم يتمَّ وفق القانون المدني الذي ساهمت في إقراره (اعتُمِد بعد طلاقها بفترة وجيزة) بل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، حيث قام كمال بإرسال ورقة الطلاق إلى بيت والدها في أزمير على يد مسؤول من الدولة..
بعد الطلاق، ذهبت إلى أوربا، بإذن خاص من مصطفى كمال، ثم عادت وأخذ منها جواز سفرها كي لا تتحرك كما تريد.. في عام 1933، وبعد أن عانت من صدمات كثيرة: وفاة والدها ووالدتها وشقيقها الأصغر، طلبت من أتاتورك أن تعمل في الدبلوماسية في إحدى السفارات التركية في الخارج لكنه لم يستجب لطلبها، وتدريجيا صارت لا تُشاهَد كثيرا وأضحت كل دائرة حركتها هي معارفها وأصدقائها.
عادت إلى الظهور في أواخر الستينيات وصارت ترتاد المسارح وتتابع حفلات الموسيقى، لأنها كانت تعلم أنه لن يتعرف عليها أحد، بعد أن غيّرت التجاعيد الكثير من ملامحها..
عندما علمت لطيفة هانم بإصابتها بالسرطان أتلفت العديد من الوثائق الشخصية واحتفظت بأخرى في سويسرا/ وبعد وفاتها في عام 1975، فكرت عائلتها أنه من الخطأ تقاسم الوثائق العائدة إلى لطيفة ضمن إطار العائلة فتقرر تسليمها إلى الهيئة الرسمية للتاريخ التركي.‏
أسرار لطيفة السرية
مازالت مؤسسة التاريخ التركي تحتفظ بهذه الأوراق ولا يسمح لأحد بالاطّلاع عليها. وحين أراد الرئيس التركي الأسبق أحمد نجدت سيزر الاطّلاع عليها، لم تسمح له المؤسسة المذكورة، فوفقا للقانون لا يُسمَح بفتح الصندوق إلا بعد مرور فترة زمنية معينة.
مرت هذه الفترة الزمنية وكان مقررا فتح الصندوق في عام 2003، وساعتها دار جدل ساخن في تركيا حول ما إذا كان ينبغي فتح الصندوق والاطّلاع على الأوراق، ثم تدخلت أسرة لطيفة هانم في هذا الجدال ورفضت فتح الصندوق وقالت إن الكشف عن الأوراق لا يجب أن يتم بدون موافقة الأسرة.
تأتي الكاتبة إيبك شاليشلار على ذكر قصة شقيق لطيفة «منجي». حين تزوج أتاتورك لطيفة كان منجي صبيا صغيراً يلاعبه الصهر في حضنه ويحبه. مرت السنوات، وكبر منجي وأصبح طالباً في كلية الحقوق. في إحدى المناسبات، التقى زوج أخته السابق وبادر إلى إلقاء التحية عليه. سأله أتاتورك عن دراسته وأخباره وما إلى ذلك. ثم سأله عما يريد أن يصبح. فأجابه منجي أمام الحاشية المرافقة: «أريد أن أصبح رئيس الجمهورية».. بعد أشهر على هذا اللقاء، قتل منجي برصاصة «طائشة»..
وتشير الكاتبة إلى أنّ الدولة التركية نفسَها لا تريد حقيقة فتح الصندوق والإفراج عن الأوراق للمؤرخين والصحافيين.. ويبقى السؤال: لماذا؟ هناك، طبعا، موضوع صورة مصطفى كمال، فرواية تاريخ تلك الفترة، كما ترى الدولة التركية، من وجهة نظر امرأة مطلقة مجروحة قد يصيب «صورة» مصطفى كمال ببعض الضرر.
هناك مؤرخ تركي كبير اطّلع على هذه الأوراق عندما أعطاها البنك للمرة الأولى لمؤسسة التاريخ. وقال هذا المؤرخ إنه «بدون قراءة هذه الأوراق.. لا نستطيع كتابة تاريخ حرب التحرير وميلاد الجمهورية التركية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.