كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات 'المغرب24': 'الكاف' يفتح تحقيقا بشأن منتخب الجزائر    الدار البيضاء: حجز 6000 قرص مخدر وتوقيف شخص وابنه القاصر    وزير الداخلية الإسباني يُشيد بالتنسيق المثالي مع المغرب في عملية مرحبا 2025    قافلة طبية خاصة بالطب الإشعاعي تقديم خدماتها بالمستشفى الاقليمي بالحسيمة    4.81 مليار درهم قيمة منتجات الصيد الساحلي في النصف الأول من 2025    سقوط نحو 800 شهيد في غزة أثناء انتظار المساعدات منذ أواخر ماي الماضي وفقا للأمم المتحدة    الإعلان رسميا عن إطلاق طلب عروض لمنح تراخيص شبكات الجيل الخامس (5G)    اجتماع بأكادير لتسريع استعدادات كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030    الدولي المغربي إلياس شعيرة يوقع لريال أوفييدو حتى سنة 2028    الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى تعلن تأسيس شبكة وطنية لتعزيز التعاون بين الهيئات والجمعيات المهنية        أثنار: شيراك طلب مني تسليم سبتة ومليلية إلى المغرب خلال أزمة جزيرة ليلى    "سد تامري".. مشروع مهيكل لضمان الأمن المائي بأكادير الكبير    محكمة طنجة تصدر حكمها في قضية "هتك عرض" فتاة قاصر    "عقوبات محتملة" ترفع أسعار النفط    بعد رحيله.. مودريتش: سأظل دائما أنتمي لريال مدريد    مصدر ينفي حسم استضافة نهائي مونديال 2030 في سانتياغو برنابيو    الرباط الصليبي يبعد لبحيري عن الميادين    بإجماع أعضائها.. لجنة التعليم بالبرلمان تصادق على مشروع قانون "مؤسسة المغرب 2030"    الجزائر ضمن "لائحة أوروبية سوداء"    الجزائر على قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء للدول عالية المخاطر في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    توقعات إيجابية للاقتصاد المغربي في الربع الثاني من 2025    يوعابد ل"برلمان.كوم": المغرب مقبل على موجة حر تصاعدية وانخفاض نسبي في الحرارة نهاية الأسبوع    أسرة ضحية قاصر ترفض حكما "مخففا"    شيرين تتجاوز أزمة موازين ب "حدوتة"    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على أداء إيجابي    الدار البيضاء.. السكوري يدعو إلى إصلاح مدونة الشغل بما يتلاءم مع التحولات المجتمعية والاقتصادية    الوادي السعيد... حزينٌ على أهله!    زلزال الحوز: القيمة الإجمالية للدعم والمساعدة تجاوزت 6.6 مليار درهم.. وأكثر من 46 ألف أسرة استكملت بناء منازلها    كلمة السر في فهم دورة العمران و عدوى التنمية بشرق أسيا..    باحثون بريطانيون يطورون دواء يؤخر الإصابة بداء السكري من النوع الأول    اتفاقية شراكة بين العيون وأكادير لتعزيز ثقافة الصورة وتثمين القيم الوطنية بمناسبة الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء        الدار البيضاء تحتضن أول لقاء دولي مخصص لفنون الطباعة المعاصرة الناشئة    بنعبد الله: "مسيرة آيت بوكماز تجسد تعبيرا حيا عن تدهور المستوى المعيشي لفئات اجتماعية واسعة"    "ناسا" تنشر صوراً غير مسبوقة من داخل الغلاف الجوي للشمس    ممرضو طاطا يحتجون ضد التهميش والإهمال الإداري    تحذير رسمي لمؤسسة إسلامية في بريطانيا بسبب مقطع يدعم حماس    فتح الله ولعلو في حوار مع صحيفة "الشعب اليومية" الصينية: المغرب والصين يبنيان جسرًا للتنمية المشتركة    تقرير للأمم المتحدة يظهر عدم وجود "علاقات نشطة" بين الدولة السورية وتنظيم القاعدة    تصنيف فيفا.. المنتخب المغربي يحافظ على مركزه ال12 عالميا والأول إفريقيا    فضيحة تهز أركان حزب الأحرار بطنجة    نوستالجيا مغربية تعيد الروح إلى شالة في موسم جديد من الاحتفاء بالذاكرة    في ضيافة أكاديمية المملكة .. مانزاري تقرأ الأدب بالتحليل النفسي والترجمة    الإنسانية تُدفن تحت ركام غزة .. 82 شهيدًا خلال 24 ساعة    توزيع جوائز الدورة الرابعة للسباق الدولي للزوارق الشراعية بشاطئ الدالية    عدد المستفيدين من برنامج دعم السكن بلغ 55 ألفا و512    الحكومة تصادق على مشروع قانون لحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها    لطيفة رأفت تحيي جولة صيفية في مختلف جهات المملكة المغربية    السجال السياسي‮ ‬بين‮ ‬«يوتيوب» وخامنئي!‮‬ 2    الحكومة تصادق على قانون لحماية الحيوانات الضالة ومواجهة أخطارها    دراسة ترصد أمراض البشر منذ 37 ألف عام وأقدم طاعون في التاريخ    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما ساق الحسن الثاني 1285 من «رجال الأعمال» إلى السجن
خبايا الحملة التطهيرية لسنة 1996..
نشر في المساء يوم 15 - 04 - 2013

الجمعة 13 أكتوبر 1995.. ملايين المغاربة يتابعون باهتمام واحدة من خطب الراحل الحسن الثاني عبر شاشات التلفزة الرسمية بمناسبة افتتاح السنة التشريعية 1996-1995..
الجميع ينتظرون أيَّ موضوع سيتناوله ملك عُرِف عنه فصاحته ووضوح أفكاره واستعماله تعابيرَ مباشرة لا يجد حرجا في البوح بها بأي أسلوب كي تصل إلى من يهُمّهم الأمر.. يقول الراحل الحسن الثاني في خطابه: «طلبت رسميا وكتابة من مدير البنك الدولي أن يقوم بتحليل وراديوغرافيا نزيهة ودقيقة للعناصر الثلاثة التي تكون اهتمامكم واهتمامي يوميا، العنصر الأول هو مشكلة التعليم، والثاني هو إصلاح الإدارة وجعلها قادرة على السير بالسّرعة والجدية والإيجابية التي تمكننا من أن نساير العصر، وثالثا رسم إستراتيجية اقتصادية ومالية وتجارية للسنوات المقبلة حتى نتمكن من أن نكون في صف المتنافسين والسبّاقين (..) وقد قلت له أرجوك أن تعطيني جردا حقيقيا موضوعيا يكون مصحوبا بأرقام وبمقارنات مع دول أخرى في مستوانا وصلت إلى طور الوثبة والقفزة حتى نرى لماذا لم نثِب ولماذا لم
نقفز (..) لقد قرأت هذه التقارير فوجدت فيها فصاحة موجعة وأرقاما مؤلمة ومقارنات تجعل كلَّ ذي ضمير لا ينام (..) نعم كان كل واحد منا يعرف شيئا ما عن جهازنا الإداري وعن منهجيتنا في التعليم، وعن مماطلة الإدارة في التنمية الاقتصادية.. ولكنْ حينما تقرأون التقرير سوف تطلعون على ما لم تكونوا تعلمون»..
ما الذي جعل الحسن الثاني يتحدّث بأسلوب لم يألفه المغاربة؟ وقد عبّر عنه هو نفسه في الخطاب بقوله: «إن لهجة هذا الخطاب اليوم ربما كانت خارجة عن لهجتي العادية».. وما علاقة ما عبّر عنه الملك من مخاوف بما سيأتي في القادم من الأيام؟
الثلاثاء 12 دجنبر.. شهرين تقريبا بعد خطاب الملك، تصدُر دورية مُشترَكة، وقعها كل من وزراء الداخلية والإعلام، والعدل، والتجارة والصناعة، والاقتصاد والمالية.. نصّت على إحداث لجن إقليمية لمكافحة التهريب، تضمّ ممثلين عن وزارة العدل والجمارك والأمن الوطني والدرك الملكي وممثلين عن السلطات المحلية.. تباشر اللجن عملها في سرية تامة، ومُهمّتها غير المعلنة: «الضّربُ بيد من حديد على أيدي المُهرّبين وتجار المُخدّرات»، ممن يهددون اقتصاد الوطن.. أسبوعين بعد ذلك، وتحديدا في ليلة 25 دجنبر تقوم اللجن بعمليات مداهمة لبعض المتاجر والمخازن في درب عمر في الدار البيضاء، وهي العملية التي توالت في باقي عمالات العاصمة الاقتصادية، تبعتها عمليات مماثلة في مختلف الأقاليم، وهو ما أسفر عن اعتقال عدد من التجار ورجال الأعمال وتقديمهم إلى المحاكمة.. وابتداء من هذا اليوم صار المغاربة لأول مرة يسمعون عن شيء اسمه «الحملة التطهيرية».. حملة أسالت الكثير من المداد، وظلت العديدُ من تفاصيلها غامضة حتى بعد مرور قرابة عقدَين عليها..
وطيلة كل هذه السنوات ما يزال الكثيرون يؤمنون بأنّ الحملة كانت ردّة فعل مباشرة على تقارير المؤسسات الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهي التقارير التي دقت ناقوس الخطر بخصوص الوضعية الاقتصادية للمملكة الشريفة، ويربطون بينها وبين فشل مخطط «التقويم الهيكلي»، الذي تميّزَ بإخراج العديد من القوانين وفتح عدد من أوراش الإصلاح، منها ورش الخوصصة وإعادة هيكلة النظام الضريبي وقانون الاستثمار، مثلما يربطونها بما تضمّنه تقرير المرصد الجيوستراتيجي للمخدرات لسنة 1992، وبما ورد أيضا في مقال الجريدة الفرنسية العريقة «لوموند»، الذي أشار إلى المملكة بأصابع الاتهام في توفير الحماية لبارُونات الحشيش!.. فهل كانت الحملة رسالة من الحسن الثاني إلى جيرانه الأوربيين مفادُها أنّ كل ما ورد في تقرير المرصد وما كتبته «لوموند» مجرّدُ أباطيل أريد بها حق؟ ولهذا كان من الضروري إطلاق حملة تطهيرية في صفوف بارونات المُخدّرات وفي دواليب الإدارة لتأكيد أنْ لا أحد خارج عن القانون ولا حماية لأيٍّ كان من أي جهة كانت؟..
وهل صحيح ما ذهبت إليه بعض التفسيرات من كون الحسن الثاني كان يرغب في «معاقبة» المنتمين إلى الطبقة البورجوازية على عدم استجابتهم لندائه بدعم العالم القروي، من خلال المساهمة في الحساب «111» الذي خُصّص لدعم قطاع فلاحي كان يعرف حينها أزمة عميقة.. بدليل أنه كثيرا ما كان يسر للمُقرَّبين منه إنه لا يثق في البورجوازيين، وإنه حين سيحتاجهم سيهْرُبون، طالما أن أموالهم مودعة في الخارج؟.. وما حقيقة إصرار عدد ممن خبروا تفاصيلَ تلك المرحلة على أنّ كل ما حدث لم يكن إلا «عملية محبوكة» لدفع أحزاب الكتلة إلى قبول فكرة التناوب؟ وهو ما نجح فيه الحسن الثاني من خلال ضغطه على رجال الأعمال المتعاطفين مع أحزاب المعارضة..
في هذا الملف طرَقنا باب عدد من المسؤولين ليكشفوا ما يعرفون، لكنّ أغلبهم اعتذروا عن الخوض في الماضي.. ومن بين هؤلاء إدريس جطو، الذي شغل إبّان الحملة منصب وزير الصناعة والتجارة، وتحجّج بأنّ منصبه الحالي على رأس المجلس الأعلى للحسابات يفرض عليه واجبَ التحفظ، وعلى المنوال نفسه سار مولاي أحمد العلمي، وزير الصحة آنذاك، الذي اختار أن يتجاهل اتصالات «المساء» رغم وعده لنا بكشف روايته لمَا حدث.. ومقابل ذلك قبِل آخرون مشاركتنا ما يملكون من معطيات، شرط أن تنسب حقائقهم إلى «ضمير الغائب».. وقلة منهم امتلكوا شجاعة الحديث بوجه مكشوف، ومن بينهم وزير العدل (حينها) عبد الرحمن أمالو ومحمد زيان، وزير حقوق الإنسان، ثم عبد الله بنسليمان، المدير السابق لمعهد باستور، الذي ارتبط اسمه بقضية الصيدلي بنعبد الرازق، وهي واحدة من «ألغاز» هذه الحملة..
من قرّر الحملة التطهيرية ومن وضع تفاصيلها ومن نفذها؟ ثم كيف انتهت بعد أربعين يوما على انطلاقتها؟.. أسئلة ضمن أخرى كثيرة نحاول في «المساء» الإجابة عنها، من خلال إعادة تركيب بعض المَشاهد التي لعبت فيها شخصيات أدوارا أساسية، منهم من قضى نحبه وآخرون ما يزالون في مواقع المسؤولية.. حملة أُريد لها أن تقوّم اعوجاجات الاقتصاد الوطني وتساهم في محاربة الرّشوة والتملص من الضرائب واقتصاد الريع.. لكنها أخطأت الهدف والأسلوب، واحتاجت البلاد سنوات طويلة حتى تتخلص من تبعاتها، كما خلفت آلاف الضّحايا والمُتضرّرين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.