الأمير مولاي رشيد في "قمة الدوحة"    إنتاج الصناعة التحويلية يزيد بالمغرب    بيلاروسيا تنظم مناورات مع روسيا    ناشر مجلة يرفع دعوى قضائية ضد "غوغل"    الأرض تشهد أقوى عاصفة مغناطيسية منذ 3 أشهر    أسطول المساعدات الدولية لغزة ينطلق من تونس متجها للقطاع ل"كسر الحصار الإسرائيلي"    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    إعادة انتخاب فوزي لقجع عضوا في المجلس التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    إسرائيل تكثف قصفها لمدينة غزة ‬مع وصول روبيو    مئات المغاربة يتظاهرون في تطوان تضامنا مع غزة ومساندة لأسطول الصمود    سيغموند فرويد إلى شايم كوفلر: لايمكن أن تصبح فلسطين دولة لليهود    النقابة الوطنية للتعليم العالي ترفض مشروع قانون 59.24 وتلوّح بإضراب إنذاري    مهنيو نقل البضائع يتهمون الحكومة ب"التخلي" عن القطاع وتجميد الحوار    البطولة الاحترافية.. "كلاسيكو" الرجاء الرياضي والجيش الملكي أبرز مواجهات الدورة الثانية    تزامنا مع احتجاج الساكنة.. التامني تدق ناقوس الخطر بشأن الوضع الكارثي بمستشفى الحسن الثاني بأكادير    القنيطرة بين رهانات التهيئة ومخاطر اجثتات ذاكرتها البيئية    بين صورة الوطن وكرامة المواطن: أي معنى للاستثمار في الملاعب    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟            تغييرات محتشمة في الحكومة الجزائرية الجديدة    أربع نقابات تعليمية بالحسيمة تعلن وقفة إنذارية احتجاجًا على "التدبير العشوائي" للمديرية الإقليمية    الناظور تهتز على وقع عملية انتحار مأساوية    برنامج وطني بمليار درهم لتأهيل الأسواق الأسبوعية    طريق الناظور-تاوريرت بحلة جديدة.. مشروع استراتيجي يمهد الطريق لميناء الناظور غرب المتوسط        طقس حار في توقعات اليوم الإثنين بالمغرب                    عبد اللطيف العافية رئيس عصبة الشمال المنتهية ولايته يعود من الحسيمة بخفيّ حنين    تقرير: المغرب يتراجع الى المرتبة 107 عالميا في التمثيل الديمقراطي    البطولة.. المغرب الفاسي يفتتح موسمه بالانتصار على نهضة الزمامرة    وزارة العدل تشيد باعتماد القانون الجديد للمسطرة الجنائية    حماية المستهلك تستنكر تنامي الاختلالات بين الأبناك وعموم المستهلكين    منظمات غير حكومية تحذر بجنيف من استمرار العبودية في مخيمات تندوف    عجز في الميزانية بقيمة 54,1 مليار درهم متم شهر غشت    وجهٌ يشبه فلسطين    حبُ بين برديَن    شركة SS Heliodor Australia تطلق أغنية "الهيبة" بصوت إيفا ماضي بالتعاون مع Universal Music MENA    إقصاء العدائين المغاربة فؤاد المسعودي، حفيظ رزقي وأنس الساعي في سباق 1500م    تفعيل التعاون المغربي الموريتاني في مجال أمن الحدود ومكافحة التهديدات العابرة    المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    الداخلة.. حجز 6,8 طن من الأسماك واعتقال 12 شخصاً: ملف جديد يسلّط الضوء على التهريب البحري    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوادي السعيد... حزينٌ على أهله!
نشر في لكم يوم 11 - 07 - 2025


حين تُهدى السعادة للغير وتُحجب عن أهل الأرض
عرفت منطقة آيت بوكماز، الواقعة على السفوح العليا لجبال الأطلس بإقليم أزيلال، اليوم مسيرة احتجاجية استثنائية في رمزيتها وكثافتها، شارك فيها الآلاف من سكان القبائل الجبلية المحيطة، رافعين أصواتهم من قلب الصمت العميق الذي طال مغرب الجبل، أو ما يُعرف بالمغرب المنسي.
لم تكن المسيرة مجرد خروج جماهيري للمطالبة بحقوق معيشية، بل كانت تعبيرًا جماعيًا عن مفارقة مؤلمة: منطقة تُلقب ب"الوادي السعيد"، la vallée heureuse وتُقدم في الخطاب السياحي كمصدر للبهجة والجمال، بينما يعيش أهلها أقصى درجات التهميش والحرمان.
هذا التناقض الصارخ بين الصورة النمطية التي تُرسم عن المنطقة، وواقعها المعيش، يطرح أسئلة جوهرية حول العدالة المجالية والتنمية الترابية. فآيت بوكماز، المعروفة بطبيعتها الخلابة وتنوعها البيئي والمائي، وبإرثها الثقافي الأمازيغي العريق، ظلت عبر الزمن خزانا للتقاليد الجبلية الأصيلة، وفضاءً حيويًا للحكاية الشعبية وفنون العيش المرتبطة بالأرض والمناخ القاسي. ومع ذلك، لم تنل من مشاريع التنمية سوى الفتات، وظل سكانها يكابدون يوميًا من أجل الوصول إلى أبسط مقومات العيش الكريم .
في ظل غياب رؤية مندمجة لتنمية المناطق الجبلية، تعيش ساكنة آيت بوكماز أوضاعًا تنموية هشة للغاية. الطرق غير المعبدة، والمسالك المنقطعة شتاءً، وانعدام النقل العمومي، تجعل من التنقل مغامرة يومية، خصوصًا للنساء والتلاميذ. أما المؤسسات التعليمية، فتعاني من الخصاص البنيوي، وضعف التأطير، وانعدام الداخليات، مما يدفع العديد من الأسر إلى تزويج بناتها مبكرًا. الوضع الصحي ليس أفضل حالًا، فالمراكز الطبية القليلة تفتقر للتجهيزات والموارد البشرية، ويضطر السكان إلى قطع ساعات طويلة من المشي للوصول إلى أقرب مستشفى، ما يؤدي أحيانًا إلى وفيات كان من الممكن تفاديها.
هذه الهشاشة البنيوية عمّقت من ظواهر اجتماعية مقلقة، على رأسها البطالة المستشرية في صفوف الشباب، وارتفاع نسب الهجرة نحو المدن أو الخارج، وتراجع الثقة في مؤسسات الوساطة، ما يفتح الباب أمام أشكال تعبير بديلة، منها الاحتجاجات الميدانية. مسيرة اليوم جاءت بعد تراكم طويل من الشعور بالإقصاء، وغياب الأفق، وتدهور جودة الحياة، ما دفع الآلاف من سكان المنطقة إلى كسر جدار الصمت، والخروج في مسيرة سلمية منضبطة، مؤطرَة من طرف نشطاء المجتمع المدني المحلي، ورافعَة لمطالب واقعية لا تتعدى حدود الكرامة.
المطالب التي رُفعت اليوم تمحورت حول فك العزلة الطرقية، وتأهيل البنية التحتية، وتوفير خدمات التعليم والصحة، وخلق فرص اقتصادية تستثمر في المؤهلات الفلاحية والسياحية للمنطقة. كما عبّر المحتجون عن رغبتهم في إدماج منطقتهم في السياسات العمومية الكبرى، خصوصًا المرتبطة بالدولة الاجتماعية، وبرامج محاربة الفوارق المجالية والاجتماعية.
ما حدث في آيت بوكماز لا يمكن عزله عن السياق الوطني الأوسع، حيث تتكرر صرخة الجبل في مناطق عديدة، من الريف إلى الجنوب الشرقي، وكلها تنادي بالحق في العيش الكريم، والإنصاف المجالي، وربط القول بالفعل في ما يخص العدالة الاجتماعية. في ظل هذا الواقع، تبدو الدولة مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مراجعة نموذجها التنموي في علاقته بالوسط القروي والمجال الجبلي، بما يضمن مقاربة شاملة، تراعي الكرامة والخصوصيات، وتؤسس لعقد اجتماعي جديد، يجعل من "السعادة" قيمةً موزعة بعدل بين كل جهات الوطن، لا حكرًا على المدن والسواحل.
آيت بوكماز، ذلك "الوادي السعيد" في الخطاب الرسمي، لا يزال حزينًا على أهله. والسعادة، لكي تكون وطنية حقًا، يجب أن تشمل من يزرعونها ويحمونها، لا أن تبقى امتيازًا لزوار عابرين.
رئيسة منظمة النساء الحركيات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.