سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المانوزي: الشق السياسي هو الكفيل بحل أوضاع ضحايا الانتهاكات وذويهم رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف أكد أن أهم المعيقات التي تعترض حقوق الإنسان في المغرب هي العقليات المحافظة
- ماذا أعددتم للمؤتمر الوطني المقبل؟ قمنا بتحيين الأرضية التوجيهية للمنتدى في ضوء الحراك الاجتماعي والتعديل الدستوري وانطلاق المخطط التشريعي، وفي إطار إعلان المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في عهد أحمد حرزني رفع يده عن ملف الحقيقة، باعتماد مسار الحقيقة القضائية، والإشارة هنا إلى قضية الحسين المنوزي ومحمد اعبابو. فلا غرو أننا اخترنا شعارا يستوعب أفق نضالنا بالتركيز على شعار يتركب من مطلب الكرامة ومطلب عدم التكرار، والمقصود هو الإعلان عن فشل المقاربة التعويضية لأنها لا تضمن الجبر المستدام للأضرار، حيث تعتمد في مجملها على ما هو وقتي وعلى أساس رخص النقل والأكشاك وعلى كل ما يمكن أن يحيل على الريع، في حين أن العدالة تقتضي جبر الضرر الفردي بكرامة، بشكل يروم الانتقال القطعي من حالة الضحية وإدماجه وتأهيله اجتماعيا ونفسيا. وتأكيدنا بالأساس على الكرامة يأتي من كون المنتدى أسس أصلا من أجل القطع مع الماضي، وحتى لا تتحول منظمتنا إلى وكالة إحسانية يستغرقها الملف المطلبي الاجتماعي دون الأخذ بعين الاعتبار أن الشق السياسي هو الكفيل بحل الأوضاع الفردية للضحايا وذويهم مستقبلا من خلال تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وعلى الخصوص تفعيل مقتضيات وتدابير عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، انطلاقا من إقرار الحكامة الأمنية إلى الأمن القضائي عبر إصلاح سياسي وتشريعي ومؤسساتي شامل. وطبعا هناك تصور على المستوى التنظيمي لبناء المسافة بين الأعضاء كضحايا وبين أوضاعهم ومطالبهم، عن طريق الانفتاح على أطر وفعاليات وخبراء من خارج كتلة الضحايا، مما قد يضمن إعمال الكرامة عبر دمقرطة الملف بنقل صلاحية تدبيره إلى كافة مكونات المجتمع. - هل مازال هناك دور لهيئة للإنصاف والمصالحة بعد تصفية الملفات وتعويض المتضررين؟ لازال للمجلس الوطني لحقوق الإنسان دوره في الإشراف على تفعيل الشق السياسي من توصيات هيئة الإنصاف، التي لم يعد لها وجود منذ تقديم تقريرها النهائي إلى الملك محمد السادس، ومرة أخرى أذكّر بأننا بصدد الإعداد لتصور لإقناع الدولة بضرورة إنشاء صندوق تشاركي وتضامني وتكافلي يتولى عملية صرف تعويضات تحفظ في شكل إيرادات عمرية لفائدة الضحايا أو ذويهم، وهنا نعتقد بأن المجلس كوسيط يمكن أن يقدم التسهيلات والاستشارات لمن يهمه الأمر، درءا لأي اختزال لجبر الضرر كما هو حاصل في المقاربة التعويضية الفاشلة. - كيف تتناغم جميع التوجهات والانتماءات داخل المنتدى؟ لقد نجح المنتدى بالتدريج في التخلص من الحلقيات الحزبية الضيقة عبر التعامل الإيجابي مع تجربة العدالة الانتقالية على الطريقة المغربية وعلى منهجية هيئة الإنصاف والمصالحة واستبعادها المسؤوليات الفردية، خاصة بعد أن تأكد للدولة وللأحزاب على أن لدينامية الضحايا إيقاعها الخاص وللمعالجة كلفتها السياسية الباهظة ونفسها الخصوصي. وباختصار اتضحت استحالة استثمار المنتدى كورقة للضغط أو الابتزاز، وقد تمت الاستفادة من تعدد وتنوع مكونات الإطار واختلاف مشارب وانتماءات الضحايا، فخريطة التنظيم تغطي الوطن عموديا وأفقيا وعلى امتداد سنوات الرصاص. كما أن المطالب تتنوع ما بين مطلب الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر الفردي والضرر الجماعي واسترداد الرفات والاعتذار والإنصاف وعدم التكرار والإصلاح الدستوري والمؤسساتي والتشريعي والحصول على رسم إراثة أو شهادة وفاة الخ. هناك باختصار، إذن، صراع حضاري وديمقراطي، ولكن على أساس احترام أدبيات المنتدى وقوانينه، وإن كان الطموح الانتخابي يدفع أحيانا إلى حصول بعض التجاوزات. لذلك هناك قابلية للتفاعل مع الممكنات المتاحة داخليا، وأظن أن الانفتاح بتحويل الملف مجتمعيا سيحل كل الصعوبات في اتجاه الانسجام. - هل ستترشح لولاية جديدة؟ بالنسبة إلى سؤال الترشح لولاية ثانية، أقول بكل صدق إني أميل إلى تكريس ثقافة التداول، ولكن إذا تبين أن المنتدى في حاجة إلى خدماتي كرئيس فأنا دائما على استعداد لأداء الواجب النضالي شريطة إيجاد فريق عمل منسجم وضرورة الانفتاح على غير الضحايا، كما سبق شرحه، مع الإشارة إلى أنه يصعب في ظل العمل التطوعي الصمود أمام إكراهات الحياة المهنية والمعيشية. - ما هي أهم المعيقات التي تعترض حقوق الإنسان في المغرب؟ أهم هذه المعيقات هي صمود العقل المحافظ في تدبير السياسة العمومية بمقاربة أمنية ضيقة، بغض النظر عن عدم تمثل البعض لأهمية حقوق الإنسان في بناء دولة الرخاء، في ظل عالم يحكمه اقتصاد السوق باسم تصدير الديمقراطية وحقوق الإنسان. - وما رأيك في انتخاب المغرب عضوا بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؟ انتخاب المغرب عضوا في مجلس حقوق الإنسان تأطير لنوايا الدولة، التي تروم تكريس ثقافة حقوق الإنسان، وتأكيد يطوق المغرب، مؤسساتيا وحكومة، لكي يفعل جميع التزاماته تجاه العالم وتجاه مواطنيه، والتصويت الإيجابي هو ضمانة دولية لفائدة المغاربة في سياق تشغيل الرقابة الدولتية الذاتية وكآلية تعطي النفس والأمل في استكمال تنفيذ جميع مقتضيات الممارسة الاتفاقية، وعلى الخصوص الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحماية الأشخاص من الاختفاء القسري والوقاية من التعذيب والمحكمة الجنائية الدولية...، وهي مناسبة لتثمين وللتنويه بمجهودات ونضالات المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية، التي كافحت من أجل دحض كل المقاربات الأمنية والسياسوية، التي لا تعير العناية والاعتبار للمواطنة والحقوق الإنسانية وفقا للمعايير الكونية. فلنستثمر، إذن، هذا المكتسب الحقوقي في منحى وأبعاد تتجاوز مجرد فرصة للتسويق والتباهي والاستهلاك الإعلامي. حاوره: عبد اللطيف فدواش