أوضح لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن قطاع الصناعة التقليدية الخدماتية يضم 56 حرفة ويشكل مصدر عيش لأزيد من 1.3 مليون أسرة مغربية، مؤكداً أن هذا المجال "غالباً ما يظل خارج دائرة الاهتمام، رغم أهميته في توفير خدمات القرب للمواطنين"، وذلك خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، المنعقدة يوم الثلاثاء 23 دجنبر الجاري. وكشف السعدي أن عدد المسجلين في السجل الوطني للصناعة التقليدية في هذا الصنف بلغ 164 ألف صانع وصانعة، وأن رقم معاملاته يناهز 51 مليار درهم. وأضاف أن كتابة الدولة شرعت في تأسيس هيئات حرفية خاصة بهذا الصنف، خصوصاً في مجال إصلاح وسائل النقل الفردية والجماعية، وفي حرف الحلقة، وذلك على المستوى الوطني.
وأشار كاتب الدولة إلى أن الحكومة أولت خلال هذه الولاية اهتماماً خاصاً بالصناعة التقليدية الخدماتية، من خلال تشجيع التصديق على المكتسبات، موضحاً أن "الحرفي الذي راكم تجربة مهنية دون شهادة، أصبح اليوم معترفاً به من طرف الدولة، ويحصل على دبلوم موقع من طرف قطاع التكوين المهني وقطاع الصناعة التقليدية". كما أبرز إدماج هذا الصنف لأول مرة في نظام التكوين بالتدرج، قصد توفير الخلف وضمان استمرارية هذه الحرف، مبرزاً أن التكوين يمتد على 11 شهراً ومفتوح في جميع الغرف. وفي محور التكوين، أكد السعدي أن الأرقام الحالية "لا ترقى بعد إلى مستوى التطلعات"، مشدداً على أن القطاع يحتاج إلى تغيير العقليات، وإقناع الشباب والأسر بأن الصناعة التقليدية ليست قطاع هشاشة بل "قطاع قادر على إنتاج الثروة". وأوضح أن المغرب يتوفر على أزيد من 67 مؤسسة للتكوين في هذا المجال، إضافة إلى معاهد ذات بنية تحتية وتجهيزات متطورة، خاصة في الجهات الجنوبية، حيث تم افتتاح معاهد بالعيون والداخلة. كما أعلن عن رفع التعويضات الممنوحة للمكونين من 65 درهماً إلى 130 درهماً، ورفع الطاقة الاستيعابية للتكوين بالتدرج من ما بين 10 و12 ألف مستفيد إلى 30 ألف مستفيد سنوياً في أفق 2025-2026. وأكد كاتب الدولة أن إحداث الهيئات الحرفية يندرج في إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 50.17 المتعلق بمزاولة أنشطة الصناعة التقليدية، مبرزاً أن "الغاية من هذه الهيئات هي المساهمة في تنظيم القطاع، الذي يضم 172 حرفة بإشكاليات متعددة، يصعب معالجتها في غياب مخاطب شرعي وواع بطبيعة هذه الإكراهات". وأضاف أن كتابة الدولة، بتنسيق مع رؤساء وأعضاء الغرف الجهوية للصناعة التقليدية، أطلقت منذ أشهر ورش تأسيس هذه الهيئات، مبرزاً أن "جميع الغرف وجميع الجهات انخرطت في هذا الورش، وبدأت الهيئات الحرفية تتأسس ميدانياً"، مشيراً إلى أن عدداً من الهيئات تم إحداثه فعلياً، من بينها الهيئة الخاصة بالحلي والمجوهرات التي تم الإعلان عنها بمدينة العيون. ودعا السعدي، من داخل هذا المنبر الدستوري، كافة المهنيين والحرفيين إلى الانخراط في هذا الورش، معتبراً أن "الهيكلة هي الأساس لمعالجة عدد من الإشكاليات، والانتماء إلى التنظيمات الحرفية هو الذي سيمكننا من إيصال صوتنا إلى الحكومة والدفاع داخل المؤسسات عن تطوير القطاع". وشدد على أن وجود هيئات مهنية قوية سيسمح بإبرام عقود برامج لمعالجة الإشكاليات الخاصة بكل حرفة، وربطها بالتسجيل في السجل الوطني للصناعة التقليدية. وفي تعقيباتهم، دعا مستشارون إلى تعزيز التنسيق مع الجماعات الترابية وغرف الصناعة التقليدية، وإحياء الأحياء الحرفية داخل المدن وربطها بالنسيج العمراني والتجمعات السكنية، مع توفير المواد الأولية وظروف ممارسة ملائمة. وسجل مستشارون آخرون أن الصناعة التقليدية الفنية حظيت باهتمام أكبر مقارنة بالصناعة التقليدية الخدماتية، مطالبين بمزيد من الدعم التقني وتنمية الكفاءات، وتشجيع المعلمين التقليديين على نقل الخبرة إلى الأجيال الجديدة. كما تمت الإشارة إلى أهمية ربط التكوين بالمواكبة بعده، حتى يتحول إلى فرص شغل مستقرة أو مشاريع مدرة للدخل، مع الاستئناس ببعض التجارب المحلية التي أبانت عن نتائج إيجابية في هذا المجال.