يفرض جدول مباريات كأس الأمم الإفريقية 2025 إيقاعا خاصا على النشاط السياحي والاقتصادي في طنجة خلال شهر دجنبر، حيث تشهد المدينة "ضغطا ظرفيا" متقطعا يرتبط حصرا بأيام المباريات، بدلا من تسجيل انتعاش سياحي متصل ومستمر طوال الشهر. وتستضيف طنجة، وفق البرنامج الرسمي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، مباريات أيام 23 و27 و30 دجنبر، وهو ما يخلق ثلاث نوافذ طلب زمنية منفصلة داخل أسبوع واحد، تتزامن إحداها مع احتفالات رأس السنة الميلادية، مما يولد دينامية اقتصادية تتسم بالتذبذب الحاد بين أيام الذروة وفترات الهدوء. ويأتي هذا النمط في سياق ارتفاع مؤكد في حركة الوافدين إلى المملكة، حيث أعلن المكتب الوطني للمطارات أن مطارات المدن الست المستضيفة للبطولة استقبلت ما يفوق 868 ألف مسافر في الفترة الممتدة بين 8 و18 دجنبر، بزيادة بلغت 10,7 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، مع تسجيل ارتفاع في حركة الطائرات بنسبة 13 في المئة. غير أن هذا التدفق العددي لا يترجم كليا إلى نسب إشغال فندقي، إذ يتجه جزء وازن من الطلب نحو "السوق الموازي" الذي يوفر خيارات أكثر مرونة. وتكشف المؤشرات الرقمية عن عرض كثيف في هذا القطاع، حيث تسجل منصة "Airbnb" وحدها أكثر من 3300 عرض نشط للإيواء في طنجة، بمتوسط إقامة يبلغ حوالي 5 ليال للحجز الواحد، ما يعكس قدرة هذا الصنف على استيعاب فترات إقامة تتجاوز مجرد المبيت لليلة المباراة. وتفرض الأسعار التنافسية نفسها كعامل جذب رئيسي في هذا السوق؛ فوفقا لبيانات منصات الإعلانات المحلية، تتراوح تكلفة المبيت في الشقق المفروشة بأحياء استراتيجية مثل "مالاباطا" و"مسنانة" ووسط المدينة غالبا ما بين 200 و650 درهما لليلة الواحدة، بينما تبدأ الأسعار على المنصات الدولية من حوالي 200 درهم للوحدات الأساسية، مما يجعلها خيارا مفضلا لشرائح واسعة من الجماهير مقارنة بالعروض الفندقية التقليدية. اقتصاديا، يمتد أثر هذه الحركة إلى قطاعات الخدمات المكملة، حيث تسجل المطاعم والمقاهي ووسائل النقل الحضري معدلات نشاط قياسية في الساعات التي تلي المباريات، في مقابل تراجع ملحوظ خلال الأيام الفاصلة، ما يعكس عدم استقرار في وتيرة الاستهلاك داخل المدينة التي تعيش على إيقاع "قمم اقتصادية" متفرقة ترتبط بصافرات المباريات أكثر من ارتباطها بموسم سياحي تقليدي.