لم يراهن أحد على منتخب كوسطاريكا في نهائيات كأس العالم التي تجري منافساتها بالبرازيل، لكن هذا المنتخب المغمور والذي يشارك للمرة الرابعة في تاريخه في كأس العالم، نجح في ترك بصمة واضحة في مونديال البرازيل، بل وانتزع إعجاب العالم بالنتائج التي حققها وبالمستوى الذي بلغه. لقد تواجد منتخب كوسطاريكا في مجموعة نارية ضمت إلى جانبه منتخبات إيطاليا وإنكلترا والأوروغواي، وبينما اعتقد كثيرون أن بطاقتي التأهل ستلعبان بين المنتخبين الأوربيين، فإن منتخب كوسطاريكا فاجأ الجميع، وهو ينهي مباريات المجموعة الرابعة متصدرا لمجموعته، فقد فاجأ منتخب الأوروغواي في المباراة الأولى وهزمه بثلاثة أهداف لواحد، قبل أن يطيح في المباراة الثانية بمنتخب إيطاليا ويهزمه بهدف لصفر، ثم ينهي مبارياته متعادلا دون أهداف أمام إنكلترا، ليتأهل كمتصدر للمجموعة متبوعا بأوروغواي سواريز التي خطفت البطاقة الثانية. لم يقف طموح المنتخب الكوسطاريكي عند هذا الحد، بل إنه تجاوز دور الثمن نهائي وفاز على اليونان بالضربات الترجيحية، وكاد أن يفعلها في الربع نهائي أمام هولندا لولا أن الضربات الترجيحية رجحت كفة الهولنديين، الذين انتزعوا بطاقة التأهل. لايتوفر المنتخب الكوسطاريكي، على أسماء رنانة، تلعب في فرق أوربية كبيرة، فباستثناء العميد رويز الذي يلعب ضمن صفوف أيندهوفن الهولندي، فإن بقية اللاعبين يلعبون في فرق متوسطة، في أمريكا الجنوبية وأوربا بل إن ثمانية من لاعبي الفريق يمارسون في الدوري الكوسطاريكي المتوسط المستوى، لكن المدرب الكولومبي لويس بينتو الذي يحفظ النشيد الوطني الكوسطاريكي عن ظهر قلب، نجح في أن يشكل فريقا منسجما ومتناغما، وزرع فيه حب الانتصار وروح الفريق، ولذلك ظهر المنتخب الكوسطاريكي بأداء ثابت وبخطة لعب واضحة المعالم، بل إنه لم يستقبل في مبارياته الخمس التي خاضها إلا هدفين فقط. الذين يقولون في كل مرة إن الخبرة ضرورية، وإن اللاعبين خانتهم التجربة، ولذلك، لم يذهبوا بعيدا عليهم أن يستفيدوا من درس المنتخب الكوسطاريكي، الذي نجح بلاعبين مغمورين في كتابة التاريخ بالبرازيل، وهو أمر ليس غريبا على بلد مدرج ضمن قائمة أقدم 22 دولة ديمقراطية في العالم، ومن أكثر دول العالم اهتماما بالبيئة، بل ومن أكثر الدول تقدما في مؤشر التنمية البشرية، وبلا شك فالرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص واحدة من المؤشرات.