مع كل صيف، يعود مشكل الحرارة المفرطة داخل القطارات ليؤرق الركاب، حيث تتحول العربات إلى ما يشبه الأفران، في ظل غياب التهوية والتكييف المناسب. ورغم الشكاوى المتكررة التي يعبر عنها المسافرون، لا تزال هذه الإشكالية دون حلول جذرية، زيادة على ما تعرفه بعض الخطوط من تأخرات مزمنة ومستمرة، خاصة الخط الرابط بين الجديدةوالدارالبيضاء الذي حطم الرقم القياسي في عدد التأخرات التي تتجاوز أحيانا العشرين دقيقة، مما يطرح تساؤلات حول مدى التزام المكتب الوطني للسكك الحديدية بتحسين ظروف السفر وضمان راحة الركاب، خاصة في ظل ارتفاع أسعار التذاكر وتزايد الطلب . الحرارة المفرطة داخل العربات تدفع العديد من المسافرين، خاصة كبار السن والمرضى، إلى تفادي التنقل عبر القطار في أوقات الذروة، أو البحث عن بدائل أخرى. ويرجع هذا الخلل إلى تقادم العربات وعدم تحديثها، في وقت يشهد فيه القطاع استثمارات كبرى على مستوى البنية التحتية والخطوط الفائقة السرعة، ما يطرح مفارقة صارخة بين الشعارات المرفوعة وواقع الخدمة اليومية التي يعيشها المواطن. من جهة أخرى تستعد مقاطعة سيدي البرنوصي لاحتضان محطة سككية جديدة ستُخصص لتعزيز العرض السككي شرق مدينة الدارالبيضاء، في منطقة تُعد من أكبر الأقطاب الصناعية والحضرية بالمغرب، حيث تستقطب أكثر من مليوني شخص سنويا، بين عمال وزوار ومستثمرين. المحطة المرتقبة ستُقام في موقع ذي أهمية بالغة، بمحاذاة شارع البناء ومنتزه سيدي البرنوصي، على مساحة تم نزع ملكيتها رسميا بعد استكمال المسطرة القانونية ونشرها بالجريدة الرسمية. هذا التموقع سيمكن من الربط بين أحياء سكنية كثيفة، مثل حي القدس والبركة، وبين الحي الصناعي التابع لتراب المقاطعة، مما سيجعل منها حلقة وصل حيوية ضمن منظومة التنقل الحضري بالمدينة. الدارالبيضاء تعاني منذ سنوات من ضغط كبير على مستوى النقل الحضري، لا سيما على مستوى القطارات الرابطة بين عين السبع والبرنوصي وصولا إلى المحمدية. محطة عين السبع، على وجه الخصوص، تعرف اكتظاظا متزايدا وتنتظر بدورها التأهيل في إطار الورش الوطني لتحديث شبكة السكك الحديدية. ويتكامل هذا المشروع مع شبكة القطار الجهوي السريع (RER)، الذي سيحدث محطات سككية جديدة بعدد من النقاط الحيوية داخل جهة الدارالبيضاء-سطات، من بينها عين السبع، مرس السلطان، والحي الحسني. وهي مشاريع من شأنها أن تُحدث تحولا نوعيا في نمط التنقل، وتدفع نحو اعتماد القطارات كوسيلة آمنة، سريعة، وأقل تلويثا للبيئة. بين مشكل الحرارة المفرطة داخل القطارات وتأخرات الرحلات، من جهة، وبوادر مشاريع واعدة مثل محطة سيدي البرنوصي وخطوط القطار الجهوي السريع من جهة أخرى، يبقى أمل الركاب معقودا على أن تتحول هذه المبادرات إلى واقع ملموس يحسن من تجربة السفر عبر القطارات ويجنب المسافرين المعاناة داخل عربات غير مكيفة خلال صيف لاهب لا يرحم.