أيدت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، مؤخرا، حكما أصدرته المحكمة العسكرية في الرباط في قضية وفاة مقاوم بسبب خطأ طبي في مصحة خاصة بمكناس، واتهمت مصحة خاصة، وأطباء، ضمنهم طبيب في المستشفى العسكري للمدينة، برتبة كولونيل. وأيدت محكمة النقض إدانة الطبيب بسنتين حبسا نافذا بتهمة مخالفة الضوابط العسكرية، التي تمنع على الأطباء العسكريين العمل في القطاع الخاص، ورفضت الأخذ بدفوعات المتهم الذي دافع عن نفسه، وقال إنه تدخل لتقديم المساعدة لإنسان يوجد في حالة خطرة، طبقا لما تنص عليه أخلاقيات مهنة الطب. وتعود قضية وفاة المقاوم أحمد غدان متأثرا بتدخلات طبية أكدت عائلته بأنها كانت خاطئة في مصحة خاصة إلى سنة 2012. وفي التفاصيل أن المصحة نادت على الطبيب الكولونيل، الذي يزاول عمله بالمستشفى العسكري، فانتقل إليها لتقديم خدماته لفائدتها كطبيب مختص في التخدير والإنعاش. واعتمدت المحكمة العسكرية على أمر عسكري موجه إلى الأطباء العسكريين باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من الجيش، يمنع عليهم العمل في المصحات الخصوصية. وقالت إن تنقل الطبيب العسكري للعمل في مصحة خاصة يعتبر مخالفة للضوابط العسكرية. وكانت المحكمة الابتدائية لمكناس قد قضت، في وقت سابق، بإدانة طبيبين يشتغلان في القطاع الخاص، أحدهما صاحب عيادة، والثاني صاحب مصحة، ب6 أشهر حبسا نافذا، وغرامة مالية محددة في 500 درهم، ومنعهما من مزاولة مهنة التطبيب لمدة شهرين، بعدما تمت متابعتهما بتهمة القتل الخطأ نتيجة عدم الاحتياط وعدم مراعاة النظم والقوانين الجاري بها العمل. وقضى الحكم بتعويض المطالبين بالحق المدني في هذه القضية بمبلغ مالي محدد في 400 ألف درهم، وإحلال شركتين للتأمين محل المتهمين في الأداء. القضية، حسب وثائق الملف، تعود إلى 23 فبراير 2012، حيث قالت ابنة المقاوم المتوفى للشرطة إن الطبيب الأول قام في عيادته ببتر أصبعين من أصابع رجل أبيها، لكن وضعه الصحي تدهور، مما أدى إلى بتر الرجل بكاملها في مصحة الطبيب الثاني المتهم في الملف، دون إجراء ما يلزم من تحاليل وتخطيطات للقلب. وأضافت أنه أثناء عملية بتر رجل أبيها تمت إزالة حديدة كانت بها، مشيرة إلى أن وضعه الصحي تفاقم، مما أدى إلى وفاته مباشرة بعد إجراء العملية. وأكدت خبرة شرعية بأن عملية التخدير لم تتخذ فيها الاحتياطات اللازمة. وحاول كل طبيب إبعاد التهمة عنه أثناء عرض الملف على المحكمة، قبل أن يؤكد هشام بنيعيش، الخبير المعروف في الدارالبيضاء، على أن استئصال الورك الاصطناعي للهالك من قبل الطبيب المتهم كان خطأ طبيا. وأكد التقرير أن هذه المخالفات ساهمت في فقدان بعض حظوظ بقاء ذلك المقاوم على قيد الحياة. وكان تقرير لطبيب في العاصمة الإسماعيلية قد أكد قبل إجراء العملية التي انتهت بالوفاة، بأن الحالة الصحية للهالك لا تسمح بإجراء عملية جراحية ثقيلة، وهو التقرير الذي لم يتم أخذه بعين الاعتبار، قبل التدخل الجراحي الذي انتهى بالوفاة، وإدخال القضية إلى المحكمة، بعدما تمكنت ابنة المقاوم، جليلة غدان، من الحصول على معطيات ووثائق مهمة مكنتها من إثبات وجود اختلالات في التدخل الطبي.