مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بمدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة    أزيد من 11 ألف مستفيد من الدعم المباشر للسكن    باريس سان جيرمان يغري حكيمي بحلم مبابي    مصرع عامل بناء بعد سقوطه من أعلى فندق قيد الإنشاء بطنجة (صور)    الملك يوصي الحجاج المغاربة بالاستقامة ويحثهم على تجسيد حضارة المغرب العريقة    الفوج الأول من الحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    هذه هي الأسماء التي تم تعيينها في مناصب عليا    زوبعة إثر تبرئة المتهمين بتبديد أموال البرنامج الاستعجالي    الوكيل العام يرفض تمتيع الناصيري وبعيوي ومن معهم بالسراح المؤقت    الفوج الأول من الحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    برنامج "Go سياحة".. إقبال كبير للفاعلين مع تلقي 430 طلبا للتمويل والدعم التقني    دفاعا عن زيادة سعر "البوطا".. بايتاس: نتوجه بشكل دقيق لدعم الفقراء عبر آلية الاستهداف المباشر    علاج جديد مبتكر قد يعالج الشلل الناتج عن كسر في الرقبة    الدورة الأولى لجائزة بيت الصحافة للثقافة والإعلام    الأسد الإفريقي.. تمرين لمكافحة أسلحة الدمار الشامل بميناء أكادير العسكري    خطوط جوية جديدة ترفع عدد مستعملي مطار تطوان ل 70 ألف مسافر خلال 4 اشهر    مدريد.. الطالبي العلمي يشارك في اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط    الحكومة تنفي إقصاء "أصحاب راميد" من "أمو تضامن" وتؤكد ارتفاع الأرامل المستفيدات من الدعم إلى 300 ألف    اختلاسات مالية تُطيح بنائب جديد لرئيس جماعة تطوان    السفير الشوبكي: الاعتراف الثلاثي إنجاز تاريخي ولحظة مناسبة ليحاور العالم القيادة الفلسطينية    الحكومة تعيد تنظيم "مركز تكوين مفتشي التعليم" و"مركز التوجيه والتخطيط التربوي"    بسبب هذه اللقطة.. توقيف المصارع الريفي جمال بن صديق لمدة 6 أشهر    مهنيو الصحة في وقفة حاشدة أمام البرلمان احتجاجا على عدم تنفيذ الحكومة لالتزاماتها (فيديو)    بورصة البيضاء تفتتح التداول بأداء إيجابي    أساتذة بتطوان يطلبون "إسقاط التطبيع"    حكمة العدل الدولية تعتزم إصدار قرارها بشأن وقف إطلاق النار في غزة الجمعة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    دراسة: حقنة الظهر تقلل خطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة    التغذية الصحية .. هكذا يمكن الحد من خطر الإصابة بألزهايمر    ردا على الوزير وهبي.. لهذا يطلب مهنيو الفنادق عقود الزواج للحصول على غرفة    نادي وست هام يتعاقد مع المدرب الإسباني لوبيتيغي    تكوين «العهد» المعاصر    الشاعر والإعلامي المغربي محمد بشكار يطلق ديوانه السادس "امرأة بتوقيت الأبد"        البنوك المغربية رائدة النمو المالي والاقتصادي في إفريقيا.. موجودة في أكثر من 30 بلدا أفريقيا    رفع ستار الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج    الملك يوجه "ضيوف الرحمن" بضرورة تمثيل بأفضل صورة خلال موسم الحج    سفارة المغرب بموسكو تنفي صحة بلاغ حول الجالية الطلابية بمدينة ساراتوف    تيزنيت : جمعية النخبة للمبادرات المغرب تعطي انطلاقة تنفيذ مشروعها "الفضاء الرقمي للمواطن"    تراجع أسعار النفط للجلسة الرابعة على التوالي.. هل سيستفيد المواطن من الانخفاض    جمعية طبية تكشف أسباب حُرقة المعدة وسبل الوقاية والعلاج    بركة يؤكد من بالي أن المغرب مصمم على تعزيز قدرته على التكيف مع التغيرات المناخية    الكوكب المراكشي يتعاقد مع المدرب فؤاد الصحابي خلفا لعادل الراضي    المهرجان الدولي للفيلم "الرباط- كوميدي" في نسخته الخامسة    مندوبية الإتحاد الأوروبي ومجموعة الصور العربية للسينما تطلقان النسخة الثالثة من مهرجان السينما الأوروبية بالمملكة العربية السعودية    تدشين مخيم توبقال ويركان البيئي للصمود    ابتداء من اليوم.. السعودية تمنع دخول مكة المكرمة أو البقاء فيها    سفيان المسرار مرشح لجائزة أفضل لاعب لكرة القدم داخل القاعة في العالم    وزارة الحج والعمرة… إيقاف تصاريح العمرة ومنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة    نجوم دوليون يخطفون الأنظار بدعمهم لفلسطين في مهرجان كان السينمائي    الوزير الأسبق محمد بنعيسى ضمن أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية الذين استقبلهم السيسي    حريق بسوق الخميس في مراكش يخلف خسائر مادية جسيمة    دوري أبطال أوروبا: بودابست تستضيف نهائي 2026    قمع الطلبة الداعمين لغزة يتسبب في إقالة رئيس شرطة جامعة كاليفورنيا    المملكة المتحدة تتوجه لانتخابات عامة مبكرة في يوليو المقبل.. فماذا نعرف عنها؟    مستجدات انتقال المغربي عطية الله إلى الأهلي المصري    هل استقر حمدالله على وجهته المقبلة بعيدا عن السعودية؟    دراسة: المبالغة في تناول الملح تزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة 41%    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل انجلت عقدة مقاضاة الإدارة العمومية لذا الموظف ؟


د. حبيب عنون
باحث في العلوم الاقتصادية والاجتماعية
صرح رئيس الحكومة المغربية مؤخرا، مصرا على ذلك، بضرورة تمتيع الموظفين بمستحقاتهم عند صدور أحكام قضائية لصالحهم مع تأكيده على إلزامية التتبع الفعلي لهذه الملفات من طرف الوزراء المعنيين تبعا، حسب قوله "أنه إذا كانت الدولة تأخذ حقها، فعلى المواطن أن يأخذ حقه". جيد ولكن،
إلى أي حد يمكن اعتبار هذا التصريح ذا مصداقية في زمن ترسخ لذا المواطن المغربي، منذ زمن، بكون التصريح يظل مجرد شعار مرحلي عابر متخذا زمن الحاضر والأمر حين النطق به لينقلب إلى زمن الماضي مع القطيعة مع المستقبل والاستمرارية أي التفعيل. فما هو متداول كون التصريح قد لا يتم تفعيله عكس الإشاعة التي غالبا ما تتحول إلى واقع بعد أن تستخدم كوسيلة لجس ردة فعل المواطن. وهذا الأخير بات يتخذ بكل جدية الإشاعة مع الاستعداد المسبق لتفعيلها في حين أنه لا يلي أي اهتمام ولا ثقة في تفعيل مضمون تصريح. فهل بات هذا المنحى من خصائص الخطاب السياسي المغربي أم من خصائص الخطاب الاقتصادي في انسجام مع نظرية "les anticipations rationnelles" ؟ على أية حال فتصريح رئيس الحكومة المغربية كان وبالوضوح موجها إلى مجال القضاء وخصوصا في شقه الإداري المتعلق بمقاضاة الموظف للإدارة أو المؤسسة العمومية أو بعبارة أخرى مقاضاة شخص ذاتي لشخص معنوي. قد يبدو القياس غير متكافئ من زاوية فرد أمام مؤسسة وربما هذا ما رسخ في ذاكرة المواطن بصفة عامة والموظف بصفة خاصة كون مقاضاة مؤسسة عمومية تعتبر فزاعة ومستحيلة بحكم أن المواطن يعتبر نفسه أمام مقاضاة الدولة والتي هي في مخيلته مرادفة "للمخزن" وبالتالي تراه، والمصطلحات مبهمة في ذهنه، يهاب ولا يفكر حتى في سلك هذا السبيل لتراه يعدل تماما عن المطالبة بحقه. قد يعجز المحلل عن الإحاطة بكل مسببات تركيز منحى عدم جرأة الموظف على مقاضاة إدارة أو مؤسسة عمومية بالنظر لتعددها وتشابكها وحساسيتها، إلا أنها تندرج في صلب حقوق الإنسان بصفة عامة والذي يعتبر الموظف جزءا منه. إنها أولا وأخيرا مسألة مساواة وجب أن يفرضها البعد الحقوقي لمصطلح العدالة بهدف التفعيل الفعلي لجوهر الدستور من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة.
1- هل ظروف مقاضاة إدارة عمومية من طرف موظف متوفرة ؟
قد يتبادر إلى ذهن المواطن والموظف المغربي على الخصوص بكون ظروف مقاضاة الإدارة أو المؤسسة العمومية قد بات يسيرا مكسوا بأرضية الشفافية والديمقراطية هذا في وقت، ربما قد يتجاهله السيد رئيس الحكومة، لا يزال ورش إصلاح القضاء وحتى ورش إصلاح الوظيفة العمومية في مخاض وجدل إلى حين. الإشكالية في كون التعثرات التي يشهدها إصلاح مجال القضاء ترهن إلى حد كبير إصلاح عدة مجالات أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية لكون القضاء من زاوية تجسيده للعدالة والمساواة والحق والحقيقة والمحاسبة الفعلية يشكل الأرضية الرئيسية والمشتركة التي تدشن وترسو عليها باقي المجالات في رمتها. فإذا تعالت أصوات القضاة مطالبة بالاستقلالية فهذا إعلان جهري أنه ثمة إشكالية وجب توضيحها للرأي العام: هل هيأة القضاء ترفض الرقابة عن الأحكام التي تصدرها وقد يندرج هذا في إطار الإصلاح، أم أن المراد من الاستقلالية القبول بالرقابة مع الرفض التام للضغوطات التي قد تكون تمارس عليها حين تعامله مع قضية معينة؟ أما إذا كانت الاستقلالية المرغوب فيها تندرج ضمن فلسفة مونتيسكيو فهذا ما يطمح إليه كل المغاربة وهذا الهدف لا يقتصر على الإرادة السياسية ومساطر قانونية فحسب بل هي مسألة ثقافة ووعي وممارسات وجب على بعضها أن ينجلي وعلى بعضها أن يبرز وينضج. فإذا كانت هيأة القضاء على هذا النحو، فالمد والجزر وحتى التشنج لا يزال يطبع الحوار القائم بين وزير العدل والحريات المترئس لهيأة ورش الإصلاح القضاء وهيأة المحاماة. وبالرغم من كونها مهنة حرة فالمحاماة معادلة أساسية في تثبيت دولة الحق والقانون بكل ما يتطلبه ذلك من استقلالية وجرأة دفاعا عن كرامة وحق المواطن اتجاه أية جهة سواء اتجاه شخص أو أشخاص ذاتيين أو أشخاص معنويين كالمؤسسات والإدارات العمومية وغيرها. صحيح أن الاستثناءات السلبية من كلا الطرفين (القاضي والمحامي) قائمة للأسف بشهادة أهلها وبالمعاناة اليومية للموظف المدعي وخصوصا المواطن البسيط عموما. مهما سنت من قوانين ومهما تمت من توافقات، لن ينعم المواطن بعدالة تضمن كرامته، إلا إذا قام الإصلاح على أساس المعادلة بين استخلاص الواجبات من المواطن مقابل موافاته بحقوقه. لا يمكن الحديث عن ظروف متوفرة لمقاضاة مؤسسة أو إدارية عمومية طالما أن هناك خلط بين مقاضاة مؤسسة عمومية ومقاضاة من يدبرها ومن يساهموا في تدبيرها. وهذا الخلط هو من يجعل مدبري الإدارات العمومية في حماية أو حصانة عند المقاضاة وهذا واقع متناقض تماما مع مقتضى ربط المسؤولية بالمحاسبة. فالمؤسسة العمومية هي ذات شخصية معنوية ومن وجبت مقاضاته وفقا للمقتضى الدستوري المشار إليه سالفا هو أو هم أولئك الذين يفسدون للمؤسسة هيبتها بأخطائهم الإدارية. وحتى إذا قضت المحكمة الإدارية لفائدة الموظف المدعي، تجد أن ميزانية الإدارة أو المؤسسة العمومية هي من تتحمل تبعات الحكم ضدها وما هي في واقع الأمر بميزانية الإدارة ولكنها ميزانية عبئت من أموال المواطن وموجهة لتمويل مصاريف التسيير والتجهيز والاستثمار ولا لتحمل عبث تدبير إداري.
2- ماذا عن حماية الموظف المدعي
أمر قد يدع إلى السخرية حين يتخذ جل الموظفين موقفا سلبيا اتجاه ذات الموظف بتعليمات مستترة من محيط الإدارة العامة فتجدهم مذبذبين بين الواقعة لا إلى جانب الموظف المدعي ولا إلى جانب الطاقم الإداري المدعى عليه. فتراهم داخل الإدارة أو المؤسسة العمومية يتفادون حتى تحية الموظف والحديث معه أما خارج الإدارة فهم يجالسونه في المقاهي ويهاتفونه بل يزكون حتى مبادرته لأنهم يعلمون أنه في ربح قضيته ضد الإدارة ستكون لهم آثار إيجابية على وضعيتهم. إنه واقع سلوك النفاق والمكر داخل الإدارة العمومية. كل تحركات وأقوال الموظف المدعي يتم بفضل هؤلاء نقله إلى الطاقم الإداري كعربون عن ولائهم وعن طمعهم في الحصول على ترقية مقابل الأخبار المنسوجة والمنقولة. أما الطاقم الإداري فيضع الموظف المدعي في شبه عزلة محصورا في مكتب وما هو بمكتب لكونه يفتقد لأبسط أدوات الاشتغال وما يسند إليه من شبه مهام هي بطبيعة الحال مجرد أعمال لا ترقى إلى مؤهلات الموظف المدعي راغبين في التضييق عليه معنويا وما هم ببالغين هدفهم خصوصا اتجاه موظف تجاوزهم برفع دعوى قضائية ضد من تلاعب بمساره الإداري وأنه في مرحلة مقاضاة قد يستغل أي فعل سلبي ليدرج ملفه ضمن القضاء ألاستعجالي. فتصرفات الطاقم الإداري على هذا النحو لا تؤد الموظف المدعي في واقع الأمر بل تبذر ميزانية الدولة إذ لا تسند إليه أعمال معتقدة أنها ستنهكه معنويا ولكنها تمتعه بأجره وهذا ما لا يستقيم ومقتضيات الوظيفة العمومية. من يحمي الموظف المدعي في هذه الوضعية ؟ ومن يحاسب الطاقم الإداري للإدارة العمومية على تصرفاته المتجاوزة لمقتضيات الوظيفة العمومية ؟ بالفعل قد يتفاقم الوضع في غياب الفاعل النقابي والفاعل الجمعوي الحقوقي الذي يعنى بالحفاظ على حقوق الموظف. وعجبا أن تدرك عدة نقابات وجمعيات حقوقية بالواقعة ولا تحرك ساكنا ؟ لتطرح عدة تساؤلات بخصوص الاستثنائية في مؤازرة القضايا وطبيعة التأطير النقابي خصوصا لفائدة موظفين داخل مؤسسات عمومية لا وجود لنقابة بها. هل الفعل النقابي يستوجب مؤازرة المواطن حيثما كان يشتغل قصد تعزيز ثقة المواطن بالمشهد النقابي والانضمام إليه أم أنه على المواطن أن يطرق باب الفعاليات النقابية ؟ من الأكيد وأخلاقيا أن الفاعل النقابي وجبت عليه مؤازرة المواطن المغربي قبل مطالبته بضرورة توفره على بطاقة الانخراط ذلك أن بطاقة الانخراط النقابي لا تعكس بالضرورة الانتماء الفعلي للمواطن لتلك النقابة أو تلك. فحركية الفاعلين النقابيين هي من تستقطب المواطن أكان موظفا أم عاملا أم طالبا... .
3- مزيدا من الاجتهاد القضائي قصد حماية الموظف المدعي
لا أعتقد أنه سيكون بإمكان لا هيأة القضاء ولا هيأة المحامين أن تجنب الموظف المدعي ما يمارس على معنوياته ومساره خلال طول مرحلة مقاضاته للطاقم الإداري المدبر لشؤون إدارة أو مؤسسة عمومية معينة. أكيد أنه كل تعسف إداري ضد الموظف المدعي قد تكون له تداعيات سلبية على مجريات المحاكمة إلا أن القضاء لا يحيط بالتعسف المعنوي الممارس يوميا بل منذ دخوله إلى مكتبه المعزول والمجرد إلى حين مغادرته له. والتعسف المعنوي لا ينحصر داخل المؤسسة أو الإدارة العمومية إذ يحمل الموظف المدعي وزر التعسفات المعنوية المتراكمة على نفسيته معه إلى منزله ليدرك أهل منزله من خلال سماته، بالرغم من محاولته طمسها طيلة جولات المقاضاة، أن ولي أمرهم يعيش مخاضا نفسيا ومعنويا يودون مقاسمته وإياه ولكنهم لا دراية لهم بأي سبيل سينهجون. فالقضاء الإداري مدعو للتفكير في مقتضيات تحمي الموظف المدعي من التعسفات المعنوية والنفسية طيلة مدة المقاضاة كإيفاد عون قضائي لمعاينة وضعية الموظف بالمقارنة مع باقي الموظفين ونوعية المهام المسنودة إليه (...) أما في غياب هذه المعاينة التي وجب أن تكون فجائية فالموظف المدعي يبقى رهين قدراته الذاتية والذهنية على تدبير مرحلة المقاضاة. كيف يعقل أن يتحمل الموظف المدعي الأخطاء الإدارية التي ارتكبت في حقه وبعدها يتحمل المعاناة المادية والمعنوية والنفسية طيلة مرحلة المقاضاة ؟ هذا في وقت يظل فيه من ارتكبوا الجرائم الادارية في حقه متسترين وراء الصفة المعنوية التي تحضى بها الإدارة العمومية والتي هي بمثابة حصانة لمرتكبي الأخطاء الإدارية في حق الموظف المدعي. فالواقع المعاش يشهد بعدم الموازنة بين الموظف المدعي والإدارة المدعى عليها ولن تكون هناك معادلة موضوعية إلا إذا وقف الموظف المدعي ومن أخطأ إداريا في حقه أمام القضاء دون أية صفة إدارية.
4- لم يتم طمس دور الصحافة والاعلام ؟
لا يمكن الحديث عن قضاء مستقل إذا كان لا يحبذ لجوء الموظف المدعي إلى الصحافة للكشف عن مضمون قضيته بحجة أن هذه الخطوة يعتبرها الجل تشويشا على القضاء. ففي الدول الديمقراطية نجد أن الصحافة هي من تضمن استقلالية القضاء علاوة على حق الصحفي ومن خلاله المواطن في الإطلاع والحصول على المعلومة. إذا كان القضاء نزيها فالادعاء بكون الصحافة تشوش على هيأة القضاء والحكم الذي ستصدره يظل أمرا مردودا عليه جملة وتفصيلا. فتسليط الضوء صحفيا على قضية معينة ومتابعة مجريات مداولاتها هي من يجعل هيأة القضاء سواء مجبرة على الالتزام بتفعيل فعلي للقوانين المعمول بها أو محصنة ضد أية تدخلات في استقلالية أحكامها. كيف يمكن تصديق واقعية تصريح رئيس الحكومة المغربية ابنكيران " إذا كانت الدولة تأخذ حقها، فعلى الموظف أن يأخذ حقه" والموظف مكبل بالسر المهني الذي بات في بعض جوانبه متناقضا مع الحق في الحصول على المعلومة وليس له الحق في عرض قضيته وأطوار تداولها لذا القضاء على صفحات الجرائد وغير مؤازر بالفاعلين النقابيين ولا بجمعيات حقوقية لانتقائية تدخلات هذه الأخيرة (...) ؟ كيف الوصول إلى عدالة حقيقية وأنت يا رئيس الحكومة تطالب الوزراء بتتبع ملفات موظفيهم لذا القضاء وتنفيذ الأحكام إذا ما قضيت لصالحهم وأنت لا تستجيب لمراسلة رسمية لموظف أنت وصي على المؤسسة العمومية التي يشتغل بها ولم تفعل ما تطالب باقي وزراء حكومتك بتفعيله ؟ ربما يكون هذا الأمر تجسيدا لتلك النكتة المتداولة بين المغاربة والتي مفادها أن " خطيبا يوم الجمعة كان يحث المصلين على الصدقة (...) فلما عاد إلى منزله، طلب من زوجته إحضار الطعام، فكان ردها حينها أنه لا وجود لطعام بالمنزل لأن إبنك قد تصدق بطبق الك *** الذي أعددته. فغضب الخطيب ونادى إبنه غاضبا سائلا إياه عن سبب فعلته هاته، فكان جواب الابن: ما قمت به يا أبتاه هو ما أوصيتنا به خلال خطبتك ليوم الجمعة أي الصدقة وأنا كنت من بين المصلين. فكان جواب الأب الخطيب لابنه: ألم تنتبه إلى أنني كنت أقول يا أيها المؤمنون (...) لقد كنت آمرهم هم بالصدقة ولم آمرك أنت بشيء تفعله". ربما هي مجرد حدوتة يتداولها المغاربة أبا عن جد ولكنهم ما كانوا ليتداولوها لو لم تكن حبلى بالمعاني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.