مجلس حقوق الإنسان .. المغرب يدعو إلى تعزيز التعاون التقني خدمة للآليات الوطنية لحقوق الإنسان    روما... إعادة انتخاب المغرب عضوا في مجلس الفاو    باتريس موتسيبي : المغرب نموذج ريادي في توحيد إفريقيا عبر كرة القدم    هولندا.. دراسة تؤكد أن حظر الهواتف الذكية في المدارس يحسن من التركيز    إصابات في احتراق طائرة ل"رايان إير"    "الدالاي لاما" يخطط للعيش أكثر من 130 سنة    المثمر يواكب "منتجي الكبّار" بحلول علمية من أجل دعم الزراعة المستدامة    مهرجان الحمامات يرحب بالجزائري الشاب مامي    ارتفاع حصيلة قتلى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ل57 ألفا و268    فرحات مهني يطلق عريضة دولية لإدانة قمع حرية الرأي واعتقال النشطاء السياسيين في منطقة القبائل    ارتفاع في احتياطيات المملكة من العملة الصعبة وتحسن في وضعية الدرهم    مونديال الأندية.. تشيلسي يهزم بالميراس ويلاقي فلومينينسي في النصف نهائي    كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب 2024): ستة ملاعب تحتضن أبرز نجوم الكرة الإفريقية النسوية    كروزنشتيرن.. أسطورة السفن الروسية تحط الرحال في ميناء الدار البيضاء باستقبال دبلوماسي    كيوسك السبت | أكثر من 143 ألف حادثة و4 آلاف و24 قتيلا خلال سنة 2024        طقس حار في توقعات اليوم السبت بالمغرب    طقس حار مع "الشركي" وهبات رياح مع عواصف رملية السبت والأحد بعدد من مناطق المغرب    باحث إيراني: بعد حرب ال12 يوما.. تصاعد نفوذ المتشددين في طهران وكوريا الشمالية تُطرح كنموذج للحماية النووية    في عيد استقلال الولايات المتحدة، الرئيس ترامب يوقع قانون الميزانية الضخم    مونديال الأندية.. تشلسي يحجز مقعدا في نصف النهائي بتغلبه على بالميراس        طنجة.. مصرع شاب في حادث سير داخل الممر تحت أرضي ببني مكادة    "معرض الكبّار" ينطلق بآسفي .. صدارة عالمية وتكيّف مع التغيرات المناخية    مصادر أمريكية: صعود نجل قديروف يثير القلق والسخرية في الشيشان    "السومة" يكلّف الوداد 30 مليون سنتيم    مونديال الأندية .. الهلال يسقط بعد معجزة السيتي    الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة يكشف مستجدات الدورة السادسة والأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي    نقابة الأبناك تدق ناقوس الخطر بشأن اقتطاعات ضريبية خاطئة من معاشات المتقاعدين    جمهورية الإكوادور تفتتح سفارتها في الرباط    لقجع يفتح ذراعي المغرب للجزائر: "أنتم في بلدكم الثاني خلال كان 2025"    أسعار الذهب تحقق مكاسب أسبوعية    الناخب الوطني: كأس أمم إفريقيا للسيدات المقام بالمغرب رهان كبير جدا لكننا متحمسون لتحقيق إنجاز جيد    مجلس النواب يساءل رئيس الحكومة الإثنين المقبل    حركة تعيين داخل وزارة الخارجية تشمل أزيد من ثلث القناصلة ضمنهم، 45 %نساء    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    أولاد تايمة.. توقيف مروج للمفرقعات والشهب النارية المهربة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصوت ضد مشروع دمج CNOPS في CNSS وتنتقد "تهميش الحوار الاجتماعي"    "حماة المال العام" يرفضون ترهيب المبلغين عن جرائم الفساد ويطالبون القضاء بالحزم مع المفسدين        هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية :أبوالقاسم الزياني، كاتب الدولتين ومؤرخ الحضرتين.    مسرح رياض السلطان يكشف برنامجه لشهر يوليوز أمسيات فنية مفعمة بالجمال والإبداع    قائمة الفائزين في "تصور مدينتك"    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    الحرارة القاتلة: دعوات عاجلة لحماية عمال البناء والزراعة بالمغرب    بعد تألقها في موازين.. المغربية فريال زياري تستعد لتصوير عمل فني جديد    طوطو وصناعة المعنى على منصة موازين    الجديدة : ديوان شعري نسائي جديد "لآلئ على بريق التجلي"    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    أمسية تحتفي بالموسيقى في البيضاء    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق الإنسان وتحديات العصر..(1)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 13 - 06 - 2014

إن قضية حقوق الإنسان، وما يتصل بها من حريات أساسية، وإشكاليات تطبيقها وشمولها وانتشارها واستغلالها، من أكثر وأكبر القضايا التي تشغل الفكر الإسلامي في العقود الأخيرة، وهي مرشحة للازدياد في المستقبل، في ظل التوتر الدولي المعاصر، واتخاذ الدول الغربية عالم الأفكار والقيم سلاحاً أساساً في معاركها الحضارية، التي أحياناً تسبق حروبها العسكرية، وأحياناً أخرى تغطي بها على أفعالها الاقتصادية والسياسية والأمنية ضد المسلمين بكافة بلدانهم وقومياتهم.
ففي المقال الشهير لمنظر صدام الحضارات الأمريكي صموائيل هنتجتون التي نشرها في مجلة فورن أفيرز عام 1993م[1]، تعرض فيها لحقوق الإنسان في أكثر من موضع، وكلها تدعي عدم احترام الإسلام والمسلمين لحقوق الإنسان، وكأن الحروب المعاصرة ضد المسلمين هي من أجل حقوق الإنسان قبل كل شيء[2]، وأخطر ما في كلامه أنه اعتبر أن حقوق الإنسان سبباً ثقافياً لنزاع الحضارات والكيانات الثقافية، وما هو أشد خطورة أنه فسر مقاومة الشعوب للهيمنة الثقافية الغربية أفعالاً معادية لحقوق الإنسان بالمفهوم الغربي، فقال: "وإذا كان صحيحاً على المستوى السطحي أن الحضارة الغربية تخللت حقاً باقي العالم؛ فإن المفاهيم الغربية على مستوى أساسي بدرجة أكبر، تختلف بصورة أساسية عن تلك السائدة في الحضارات الأخرى. فالأفكار الغربية عن: الفردية، والليبرالية، والدستورية، وحقوق الإنسان، والمساواة، والحرية، وحكم القانون، والديمقراطية، والأسواق الحرة، وفصل الكنيسة عن الدولة، ليس لها عادة جاذبية كبيرة في الثقافات الإسلامية، والكونفوشيوسية، واليابانية، والهندوسية، والبوذية، والأرثوذكسية. وبدلاً من ذلك أنتجت جهود الغرب لنشر مثل هذه الأفكار رد فعل معادياً "لإمبريالية حقوق الإنسان" وإعادة تأكيد للقيم المحلية، مثلما يتراءى في تأييد الجيل الأصغر سناً في الثقافات غير الغربية للأصولية الدينية"[3].
هذا التصور الغربي لمفهوم حقوق الإنسان يجعل من هذه القضية الإنسانية قضية هيمنة ثقافية وسياسية وعسكرية في آن واحد، ويجعل منها قضية تحد حضاري ونزاع ثقافي معاصر، فإذا كان الغرب ينظر إليها على هذا النحو من الاستعلاء والاستغلال، فكيف يمكن للمسلمين أن ينظروا إليها على أنها قضية إنسانية وثقافية واجتماعية وحقوقية فقط، وإذا كان الغرب يريد لقضية حقوق الإنسان أن تكون ساحة للنزاع الثقافي والصدام الحضاري، فكيف يمكن للمسلمين أن ينظروا إليها على أنها قضية فكرية وثقافية داخلية فقط، لا من باب رفض بحث القضية فكرياً، وإنما من باب وضعها في المكانة المعاصرة الصحيحة، سواء في بحثها كقضية إسلامية تحتاج إلى اجتهاد إسلامي جديد ومجدد، أو في بحثها من أجل التفاعل الحكيم مع الآخر والحوار الحضاري معه، أو معرفة الحجج الحقوقية للتدخل الخارجيٍ[4].
والملاحظة المهمة على تحليل هانتجتون أنه لا يقصر محاور الصدام الحضاري على حقوق الإنسان، وإنما يربط بينها وبين قضايا أخرى تمثل قضايا عشر هي:
1. الفردية؛
2. والليبرالية؛
3. والدستورية؛
4. وحقوق الإنسان؛
5. والمساواة؛
6. والحرية؛
7. وحكم القانون؛
8. والديمقراطية؛
9. والأسواق الحرة؛
10. وفصل الكنيسة عن الدولة..
فهذه الأركان العشرة تشكل وحدة واحدة في الفكر الغربي، لا تنفصل عن بعضها، ولا تبحث واحدة منها في معزل عن الأركان الأخرى، بل إن هذه القضايا العشر تكاد تماثل الوصايا العشرة في التراث الديني، وتشكل في العقل الغربي أركان الدين العلماني الحديث، الذي تؤمن به الحضارة الغربية المعاصرة وتدعو إليه وتحاسب العالم على أساسه.
فإذا أراد المفكر المسلم أن يكون جاداً ومعاصراً معاً، فينبغي عليه دراسة حقوق الإنسان في العقل الغربي وأركان فلسفته المعاصرة، فلا يكفي دراسة حقوق الإنسان في الشرع الإسلامي الداخلي فقط، بل لا بد من دراستها في الفلسفة الغربية الحديثة وفي البعد الدولي الخارجي معا[5]، ودليل ذلك أن الفكر الإسلامي لم تشغله هذه القضية إلا بعد ظهور الفلسفة الغربية الحديثة، بل لو لم يكن الغرب يلوح بعصا حقوق الإنسان ضد المسلمين والدول الإسلامية التي لا تخضع لهيمنته، لما أخذت هذه القضية هذا الاهتمام الدولي والإقليمي والوطني، ولو لم تتدخل هذه القضية في الشؤون الداخلية لحياة المسلمين وتهديد بلدانهم، لما وجد الاهتمام الكبير من علماء المسلمين ومفكريهم، في تقديم اجتهاداتهم وأبحاثهم ومؤلفاتهم في هذا المجال الحضاري المعاصر.
إنه في الوقت الذي ينظر الغرب إلى حقوق الإنسان على أنها أداة تحد ثقافي وحضاري يهيمن به ثقافياً على العالم، بل ويحاكمه على أساسه، تحت عنوان: "إمبريالية حقوق الإنسان"؛ فإن على المسلمين أن يحسنوا الدخول في هذه المواجهة الفكرية والثقافية والحضارية؛ لأنها جزء من التحدي الذي يفرضه الغرب على العالم الإسلامي، مقتنعين وقانعين أن مفهوم حقوق الإنسان المقبول في الغرب هو المفهوم الغربي فقط، وكل ما عداه لا ينظر إليه في ميزان حقوق الإنسان بقيمة.
ولذا فإن كل الجهود الإسلامية في الموافقة على مواثيق حقوق الإنسان العالمية، وكل الاجتهادات الإسلامية في صياغة مواثيق حقوق الإنسان في البلاد الإسلامية، لا ولن ينظر إليها بعين الاعتبار، إلا إذا أصبح للمسلمين وزن قوي في العلاقات الدولية في كافة مجالاتها، دون تجاهل لقدرات المفكرين المسلمين المعاصرين على إبداع خطاب إسلامي معاصر، يحسن مخاطبة المواطن الغربي بحقيقة الإسلام أولاً، وبكيفية معالجته لحقوقه وواجباته ومسؤولياته الدنيوية والأخروية، بما يحقق له السعادة والأمن والسلام.
يُتبع بحول الله..
———————————————————————
1. صدام الحضارات، صاموائيل هنتنجتون، مركز الدراسات الإستراتيجية والبحوث والتوثيق، بيروت، الطبعة الأولى، 1995، ص: 17-41.
2. الديمقراطية وحقوق الإنسان، الدكتور محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الثانية، 1997م، ص: 140.
3. صدام الحضارات، صاموئيل هنتنجتون، ص: 33.
4. انظر: حقوق الإنسان والسياسة الدولية، دافيد ب. فورسايث، ترجمة محمد مصطفى غنيم، الناشر: الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، القاهرة، الطبعة العربية الأولى، 1993م، ص: 50.
5. انظر: الديمقراطية وحقوق الإنسان، الدكتور محمد عابد الجابري، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، 1997، ص: 140.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.