بستراتهم الصفراء الباهتة، يواصل عشرات الحراس السابقين فرض أنفسهم على مواقف السيارات في طنجة، متحدّين القرار الصادر عن السلطات الولائية قبل شهور بوقف تجديد رخص الحراسة. دون ترخيص، دون شارة، ودون أي سند قانوني، ما زالوا في مواقعهم، كما لو أن شيئا لم يتغيّر. أمام المحلات، على جنبات الأرصفة، وفي الشوارع الجانبية المتفرعة عن شارع محمد الخامس، يوجّه هؤلاء الحراس السيارات، يطلبون المقابل، وينفّذون ما دأبوا على فعله منذ سنوات. بعضهم لا يتردّد في فرض الأداء على السائقين، وآخرون يعمدون إلى وضع قنينات أو كراسي لحجز أماكن الوقوف. المشهد يتكرر يوميا رغم أن القرار الرسمي دخل حيّز التنفيذ، ويمنع بشكل واضح هذا النوع من الاستغلال الفردي للملك العمومي. في حي "ماليبونيو"، القريب من محج محمد السادس المطل على الواجهة الشاطئية، يواصل عدد من "موالين الجيلي" التمركز عند التقاطعات الصغيرة، مستغلّين غياب أي إشارات تشير إلى انطلاق النموذج الجديد. لا يتدخل أحد، ولا يوقفهم أحد. أحدهم يطلب 5 دراهم من سائق توقف لدقائق، فيما يراقب آخر السيارات المتوقفة دون أن يُسأل عن صفته. ويعتبر عدد من السائقين ما يجري تحديا ميدانيا صامتا للقرار الولائي، لا تصاحبه أي مواجهة مع السلطات، لكنه يستغل حالة التريث في انتظار التفعيل الكامل للنموذج الجديد. في المقابل، أعلنت جماعة طنجة، في بلاغ رسمي، أنها "تستعد لتنزيل نظام جديد من خلال تفويض تدبير مراكن السيارات لشركة خاصة، وفق دفتر تحملات يحدّد شروط الاستغلال، ومواصفات الخدمة، وكذا التزامات الطرفين". وأكدت الجماعة أن هذا النموذج يأتي بعد إنهاء العمل بالرخص الفردية، ويهدف إلى تنظيم القطاع بما يضمن مبدأ الشفافية وتحسين جودة الخدمات. غير أن مظاهر العشوائية لا تزال قائمة في عدة نقاط، ويواصل الحراس غير المرخصين مطالبة السائقين بالأداء، دون أي مؤشرات بصرية تفيد بأن النظام الجديد قد انطلق فعليا. ومع غياب واضح لعلامات تنظيمية، أو مراقبة ميدانية دائمة، يبقى الوضع كما هو، معلّقًا بين القرار والتنفيذ. وفي الأثناء، يواصل "موالين الجيلي" عدّ أيامهم، كلٌّ على طريقته، في ما يشبه اختبارا هادئا لمدى قدرة السلطات على فرض بديل فعلي، ينهي سنوات من الفوضى ويعيد الاعتبار للملك العمومي.