ارتفاع المداخيل الجبائية إلى 258 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    البرلمان الياباني يصوت الثلاثاء المقبل لاختيار رئيس وزراء جديد    نهضة بركان يواجه بيراميدز بطموح حصد لقب كأس السوبر الأفريقي للمرة الثانية في تاريخه    محلل برازيلي: المغرب يتوفر على فريق قادر على التتويج بلقب كأس العالم لأقل من 20 سنة    وفاة العالم الصيني تشن نينغ يانغ عن 103 أعوام.. أحد أبرز عقول الفيزياء الحديثة    الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية    المخطط الخماسي الجديد للصين: الأولوية للابتكار في مواجهة القيود الأمريكية    الكوري لي كانغ إن يفوز بجائزة أفضل لاعب آسيوي خارج القارة    إلياس موعتيق ينضم إلى صفوف المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة في مونديال الشيلي    إصابة تلميذ في حادث دهس بالترامواي بعين السبع الحي المحمدي    بالصور.. مدرسة سيدي عبدالله الإيكولوجية تخلد اليوم العالمي للتغذية    الدفاع المدني ينعى 9 أشخاص في غزة    واشنطن تسمح بزيادة إنتاج "بوينغ 737 ماكس"    باحث روسي: مؤشرات الاقتصاد المغربي تؤهله لشراكة استراتيجية مع موسكو    مشروع "ميهادرين" الإسرائيلي لإنتاج الأفوكادو بالمغرب يثير جدلاً وسط أزمة المياه وتزايد الدعوات لوقف التطبيع    "الاتحاد الاشتراكي" من الانتخاب إلى التمديد.. لشكر يمدد لنفسه لولاية رابعة في ظل تراجع قاعدة الحزب وتزايد الانتقادات لقيادته    "جيل زد الأمازيغي" يعلن التمسك بقرار الانسحاب ويرفض "الوصاية الفكرية"    بالقاضية.. حمزة رشيد يحقق أول فوز له في السلسلة العالمية للمواي طاي    ذكريات دوري الأضواء حاضرة في قمة مولودية وجدة والمغرب التطواني    مناصب شاغرة برئاسة النيابة العامة    لشكر يواصل قيادة الاتحاد الاشتراكي    التحقيق في محاولة انتحار شرطي بعد ارتكابه جريمة قتل    الإحصاء المدرسي ينطلق في المغرب    "الحال" يفتتح فعاليات الدورة 25 من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة    وفاة الفيزيائي تشين نينج يانج الفائز بجائزة نوبل    مغينية: فارق السن والخبرة أثر في النتيجة لكن الأداء كان مشرفا    المنتخب المغربي للفتيات ينهزم أمام البرازيل بثلاثية في مستهل مشاركته في كأس العالم    طقس اليوم: سحب وضباب بالسواحل وحرارة مرتفعة في أغلب مناطق المملكة    الدرك الملكي بالجديدة يلقي القبض على شخصين قاما بالتبليغ عن عملية سطو مفبركة    محاولة انتحار شرطي بعد ارتكابه جريمة قتل بسلاحه الوظيفي بالدار البيضاء    لشكر: أعضاء الحكومة يختبئون وراء الملك واستقلال القضاء صار "سلبيا"    لشكر يندد ب"قمع أردوغان لحزب الشعب" ويؤكد أن القوى التقدمية تواجه لحظة حرجة    غموض لافت في مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء: بين دعم الحكم الذاتي وضمان حق تقرير المصير    بولس: الجزائر ترحب بتحسين العلاقات الثنائية مع المغرب وواشنطن سوف تفتتح قنصلية لها قريبا بالصحراء    المصادقة على 344 مشروعا بالشمال    التديّن الشكلي ببلاد المهجر    السلطات المغربية توقف 5000 مهاجر في الشمال لمنع "الحريك" الجماعي    توقيع اتفاق جديد للتعاون في مجال الصيد البحري بين المغرب وروسيا    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    الخطوط الملكية تعلن عن رحلات مباشرة إلى الشيلي لمساندة "أشبال الأطلس" في نهائي المونديال    انطلاق فعاليات مهرجان "جسد" للمسرح بمشاركة نوعية    فاطمة الزهراء لحرش توضح بهدوء أسباب طلاقها وتحسم الشائعات    حاتم عمور يلتقي جمهوره في أمسية فنية بالدار البيضاء    احتجاجا على سياسات ترامب.. توقع خروج الملايين للتظاهر في عدة مدن أمريكية تلبية لدعوة حركة "لا ملوك"    الأمم المتحدة: 80 في المائة من فقراء العالم معرضون لمخاطر مناخية    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    وفاة والدة الفنانة لطيفة رأفت بعد معاناة مع المرض    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن القطان – المشيخة (31)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 22 - 06 - 2012

هذا هو الجزء الواحد والثلاثون من هذه المقالات عن ابن القطان، وهو تتميم لما سبق من الكلام عن مشيخته. وتلك سلسلة أعرض فيها من وقفت له منهم على رواية جملة من دواوين العلم، أو ذُكر له شيء من التآليف فيه؛ ومن جملة أغراضي من ذلك: استعمالُه بعد الفراغ من جمعه في مناقشة كلام قيل عن ابن القطان، من كونه أخذ الحديث مطالعة. ولست ألتزم هنا بنسق معين في عرض هذه المشيخة، وإنما أجلب منهم من آنَسُ من نفسي أني استفرغت وسعا في جمع مادة ترجمته.
إبراهيم بن خلف بن منصور الغساني، أبو إسحاق السنهوري (في حدود سنة 620 ه).
[القسم الثاني]
مروياته
الاستكثارُ من المرويات مع تَثَبِتُّ الراوي، وَضَبْطِ اَلمرْوِيِّ عنه محمودٌ، وهو فيصل التفرقة بين كبار المحدثين ومَنْ دونهم.
ثم إن مما يدل على رِفْعَةِ المَحل: عدمُ الرِّواية عَنْ كل أحد طَلَباً للتَّكَثُّر، وقد رغب كثير من أهل الإِتْقَانِ عن رواية أشْياءَ كثيرةٍ وعاليةٍ سَمِعُوها، لكون المسموع منه ليس أَهْلاً -عندهم- لأن يُروى عنه؛ وشاع هذا بين كبار الأئمة النقدة.
وهذا مثالٌ لرغبة ابن القطان -وهو الإمام الناقد الجهبذ- عن الرواية عن السنهوري الذي لقيه أكثر من مرة، واتصلت روايته به إجازةً على الأقل، وهو يروي عن جلةٍ كبراء، ومع ذلك رغب ابن القطان عن الرواية عنه تَبَرُّءاً من عهدته لمِا استيقنه من حاله، وَلِمَا ظهر منه -فيما نصّ عليه- من المجازفة والاضطراب والكذب، ومثل هؤلاء الرواة الذين يَصِحُّ فيهم مثل قول ابن القطان لا يُفْرَح بالرواية عنهم، ولا يَعْلُو السندُ بوجودهم في سلسلته، وقد نقل ابن الأبار عن أبي العباس النباتي أن المترجم حكى أنه كان يروي موطأ أبي مصعب وصحيح مسلم بعلو[1].
وقد اختلف الناس في إبراهيم بن خلف السنهوري ما بين مجرح ومُعدّل.
فأما الذين جرحوه فكثير، منهم: ابن عساكر الصغير؛ ونسبه إلى فساد الذهن، والتسمح في النقل والرواية، والادعاء في النسبة، والتخليط[2].
ومنهم: ابن القطان ونسبه إلى الكذب والاضطراب والمجازفة[3].
وأدخله الذهبي في الميزان، وقال فيه كلمة ضخمة، واقتصر في المنقول عن الأئمة على ما قاله ابن القطان، فقال: "دجّال في المغرب؛ اتهمه أبو الحسن بن القَطّان بالمجازفة والكَذِب"[4].
وذكره ابن حجر في لسان الميزان[5]، تبعا لأصله، وتوسع في نقل ما ذُكر في الرجل من جرح وتعديل وختم بما نقله من تعديل فلعله يميل إلى ذلك.
وتبع ابن عراق في تنزيه الشريعة[6]، الذهّبيَّ فذكر السنهوري في أسماء الوضاعين والكذابين ومن كان يسرق الأحاديث ويقلب الأخبار. ومن اتهم بالكذب والوضع من رواة الأخبار ونقل في ترجمته ما نقل الذهبي عن ابن القطان مقتصرا عليه.
وأما المعَدِّلون فقد رأيت توثيقه أو الثناء عليه ثناءً يشعر بذلك عند كثير، منهم: ابن الصابوني فقد قال في ترجمته: "الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن خلف بن منصور الغساني السنهوري من سنهور المدينة من عمل الغربية من إقليم الديار المصرية رجل فاضل عالم دخل خراسان وسمع بها من المؤيد بن محمد الطوسي وغيره وسافر إلى بلاد المغرب واجتمع بفضلائها وكان ينتحل مذهب ابن حزم وحدث بشيء يسير دخل دمشق وسمع بها من الحافظ أبي محمد بن عساكر ودخل حلب"[7].
ومنهم: ابن عبد الملك فقد نقل ابن حجر عنه من ترجمة السنهوري في ذيل التكملة عبارات كبيرة في توثيقه، كما نَقَل عنه أنه عَدَّلَهُ كل من أخذ عنه ووثقوه وصححوا نقله، وختم الحافظُ ابن حجر ترجمة السنهوري بما ذكره عن ابن عبد الملك من الانتقاد الشديد لابن القطان فيما قاله في السنهوري[8].
ومنهم صاحب تاريخ إربل فقد حلاه ب"الشيخ الثقة"[9].
والحاصل أن جَرح السنهوري ليس بكلمة اتفاق.
وقد كان بين السنهوري وابن دحية منافرة شديدة، أفضت إلى محنة أصابت الأول منهما، وقد كان لهذه المنافرة أثر فيما رُمِي به السنهوري، فقد قال ابن النجار: "وكان صديقنا إبراهيم السنهوري المحدث صاحب الرحلة إلى البلاد قد دخل بلاد الأندلس، وذكر لمشايخها وعلمائها أن ابن دحية يدعى أنه قرأ على جماعة من الشيوخ القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم، وإنما اشتغل بالطلب أخيرا وليس نسبه بصحيح، ودحية لم يعقب. فكتب السنهوري محضرا،وأخذ خطوطهم فيه بذلك، وقدم به ديار مصر، فعلم ابن دحية بذلك، فاشتكى إلى السلطان منه وقال: هذا يأخذ عرضي ويؤذيني! فأمر السلطان بالقبض عليه، وضرب، وأشهر على حمار وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وخرقه"[10].
وقال الذهبي في ترجمة ابن دحية من التذكرة[11]، قال الحافظ الضياء: "لقيته بأصبهان ولم أسمع منه شيئًا ولم يعجبني حاله، كان كثير الوقيعة في الأئمة، أخبرني إبراهيم السنهوري أنه دخل المغرب وأن مشايخ أهل المغرب كتبوا له جرحه وتضعيفه. ثم قال الضياء: وقد رأيت منه غير شيء مما يدل على ذلك".
ونجد لهذه المنافرة أخبارا في كثير من كتب التراجم، لخص جملة ذلك ابنُ حجر في اللسان.
وأما قضيةُ تسامح السنهوري في الرواية، ومروياتهُ فسأعود إليها في المقال المقبل إن شاء الله تعالى.
يتبع في العدد المقبل بحول الله تعالى..
--------------------------------------
1. التكملة لابن الأبار.1/149.
2. لسان الميزان.1/54.
3. التكملة لابن الأبار.1/150.
4. ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي 1/30.
5. لسان الميزان.1/54-55 ووقع في هذه الترجمة من الطبعة الهندية تحريف وتصحيف في غاية الكثرة أفسدها أيما إفساد.
6. تنزيه الشريعة.1/23
7. تكملة إكمال الإكمال. 1/84.
8. لسان الميزان.1/55.
9. تاريخ إربل.1/256.
10. المستفاد من ذيل تاريخ بغداد.1/155.
11. تذكرة الحفاظ للذهبي.4/1421.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.