لو كان على الحصائل وهي هزيلة، بل وكارثية لكنا على التو تبرأنا من سنة 2009، حفرنا لها في عمق الذاكرة قبرا وترحمنا عليها أو حتى أسقطناها من السباقات الزمنية التي نجتمع لتشكل تاريخ الرياضة المغربية.. ولأن مرارة الإقصاءات وهزالة المحصلة وفظاعة الإخفاقات تنسينا في القليل القليل من نقط الضوء التي انبعثت هنا وهناك، عندما خرجت جامعات رياضية بعينها عن نص الإخفاق وهي تحقق إنجازات ذات طبيعة دولية أو قارية أو إقليمية، بل وتصيبنا عند التحليل العميق للمشهد الرياضي الوطني وما أنتجه على طول سنة 2009 بكثير من الإرتباك، فإننا نحتاج في هذه الظرفية بالذات إلى أن نقرأ الوجه الثاني للعملة، ما يتعلق أساسا بأسئلة يلح في طرحها العقل لأنها مدخل فعلي لقراءة ما كان كسبيل أوحد لمعرفة ما سيكون. أعقبت سنة 2009 سنة 2008 الأولمبية والتي خرجنا منها بمحاكمة أولمبية لحركتنا الرياضية، لمدها ولجزرها، وأيضا لكل المخاوف التي تصاعدت من وحي ما أنجز و هو هزيل، لتقول بأن الرياضة الوطنية أصبحت بحاجة ماسة إلى مقاربة جديدة، إلى ثورة فعلية وإلى إستراتيجية تنقل الرياضة تفكيرا، تدبيرا وممارسة إلى مستوى حداثي، إلى المستوى المقاولاتي.. وأشرت سنة 2008 وقد انعقدت خلالها المناظرة الوطنية للرياضة، على أن هناك إرادة ملكية، عززت الإرادة السياسية للتعاطي مع الرياضة الوطنية بمنظور جديد، وكان المؤشر القوي على تلك الإرادة ما جاء في الرسالة الملكية السامية الموجهة للمناظرة والتي حاكمت الواقع الرياضي، كشفت إختلالاته، وقدمت تصورات عملية لتغييره، بما يتوافق مع ما بات يمثله المرفق الرياضي للتنمية الوطنية الشاملة بما يستجيب لانتظارات شعب شغوف بالرياضة الوطنية وبأبطالها وإنجازاته. وكان ضروريا أن يتأسس التغيير على قاعدة قانونية وعلى أساسات تدبيرية جديدة، فما كان من قانون التربية البدنية والرياضة، فقد خضع لتنقيحات كثيرة تهدف بالأساس إلى ملاءمته مع العصر ومع الإنتظارات وأيضا مع حاجة المشهد الرياضي الوطني إلى المرور بأحكام قانونية إلى إطار آخر أقرب إلى الإحتراف.. أما ما كان من الحاجة إلى قوة بشرية دافعة، تحقق بوثيرة متسارعة هذا الإنتقال الإستراتيجي، فقد حل بوزارة الشباب والرياضة وزيرا بدينامية جديدة السيد منصف بلخياط والذي يتمتع بفكر مقاولاتي يستطيع ضبط المشهد الرياضي على نحو يساعد على الوصول إلى منتوج رياضي جديد بتسويق حديث. وقد كشفت سنة 2009 على أن هناك دينامية جديدة في التعريف بصناع القرار، بدليل ما عرفته وما تعرفه بعض الجامعات ذات المرجعية والتأثير القوي في المنظومة الرياضية من تغييرات في الهياكل، ما يعني أن السعي حثيث إلى إحداث نقلة نوعية داخل المؤسسات والهيئات الرياضية غايتها الإرتقاء بالتدبير دون فرض أي وصاية مطلقة. ويكون من جوهر الإستراتيجية التي بشرت بها وزارة الشباب والرياضة والمستوحاة بالأساس من مضامين الرسالة الملكية السامية وأيضا من توصيات المناظرة الوطنية حول الرياضة، أن تتعبأ كل القوى الفاعلة والمتدخلة في المشهد الرياضي (مؤسسات عمومية، شركات خاصة، جامعات، عصب ونوادي) من أجل إستثمار هذا المكسب التاريخي، المتمثل في أن الرياضة حصلت فعليا على الإرادة التي كانت تبحث عنها لتتهيكل وتتطور وتتأسس على قاعدة إحترافية. ·· ولأننا داخل "المنتخب" سواء عند إعمال النقد الذاتي أو عند استقراء حصائل السنة، كنا باستمرار بنائين في التحليل والمقاربة والإقتراح، فقد نزعنا دائما إلى البحث عن هامش الأمل في المستقبل، أكثر من البحث عن التباكي والتشكي والعدمية.. لذلك نرى أن سنة 2009 بمنأى عن حصيلتها الهزيلة التي هي في واقع الأمر حصاد طبيعي لما زرعناه قبل سنوات، كانت سنة صحوة الضمير، سنة الإعتراف على النفس وسنة الإيمان الجماعي بضرورة أن نتحرك بشكل جماعي لنتحدث داخل مشهدنا الرياضي الوطني الثورة النوعية التي تتطلبها المرحلة، الثورة على الأنماط التقلييدية في التفكير والتدبير، الثورة على الفكر الهاوي الذي أشهر إفلاسه، والثورة أيضا على ما أورثنا كل هذا من هشاشة وضعف وقصور في صناعة القرار وأيضا في صناع القرار.. ويكون ضروريا أن تكون سنة 2010 حلقة ثانية في مسلسل التغيير الذي يمس الهياكل، قاعدة الهرم وقمته على حد سواء، وفي تفعيل الإستراتيجية التي تم التوافق عليها، برصد كل الإمكانات اللوجيستيكية، المادية والقانونية لتنفصل الرياضة الوطنية عن واقعها الحالي الذي نجزم على أنه واقع مظلم ميؤوس منه.. ·· إن سنة 2010 هي سنة الشروع في تطبيق قانون التربية البدنية والرياضة بشكله الجديد (0930). وهي سنة إستصدار المراسيم التطبيقية التي تضمن فاعلية بنود وفصول هذا القانون.. هي سنة تحديث كل الجامعات الرياضية.. هي سنة دمقرطة الهيئات والمؤسسات الرياضية، جامعات وعصب وأندية.. هي سنة إحداث وتحديث تجهيزاتنا الرياضية.. هي سنة تخليق الممارسة الرياضية ومحاربة كل ما يضرب قيمها.. هي سنة القضاء على الفساد المستشري في كثير من الهيئات الرياضية.. هي سنة بناء مراكز التكوين لتأهيل الرياضيين والنخب والمؤطرين.. هي سنة تحقيق الإندماج العاقل بين الرياضة والإعلام· هي سنة تحقيق الإنتظارات للإنتصار لشغف الشعب برياضييه ومنتخباته وأنديته.. هي سنة الأمل، فرجاء لا تقتلوا فينا ما بقي من هذا الأمل.