أعادت حالات الفوضى وخرق القانون وبث برامج وإعلانات تحمل أخطارا وتجاوزات سياسية وأخلاقية عبر وسائل الإعلام السمعي البصري، وضع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري تحت الأضواء الكاشفة. وعلى غرار عدد من المؤسسات الدستورية المهمة كمجلس المنافسة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجنة حماية المعطيات الشخصية… تواجه الهاكا إشكالية الوضعية القانونية لأعضاء مجلسها الأعلى، حيث انتهت ولاية بعضهم منذ العام 2016، لكنهم يواصلون مزاولة مهامهم ويشاركون في اتخاذ القرارات. الظهير المحدث للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، نصّ في مادته السادسة على أن الأعضاء الأربعة الذين يعينهم كل من الوزير الأول ورئيسي غرفتي البرلمان، يمارسون مهامهم لمدة خمس سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة. مدة انتهت في ماي من العام 2016، حيت كان الأعضاء الأربعة المعنيون بهذا المقتضى قد عينوا في ماي 2011. مصدر مقرب من الهيئة، قال ل"اليوم24″ إن الوضع القانوني لأعضاء المجلس "طرح بالفعل داخله بمناسبة انتهاء الخمس سنوات، لكن وبما أن تعيين الأعضاء الجدد لم يحدث، فإنه من الصعب تصوّر توقّف مرفق هام مثل الهاكا عن أداء مهامه". المصدر نفسه أوضح أن الإشكال القانوني قد يطرح بحدة في حالة إقدام أحد المعنيين بقرارات الهيئة، على اللجوء إلى القضاء الإداري للطعن في شرعيته، "حينها سوف ننتظر اجتهاد القضاء وما إن كان سيقبل هذا الطعن أم سيقوم بتأويل آخر". القانون الجديد للهيئة الذي صدر عام 2016، نصّ بدوره في مادته 12 على أن العضوية في المجلس الأعلى تنتهي في أربع حالات، هي "انتهاء المدة المحددة لها أو بوفاة العضو أو بالاستقالة أو بالإعفاء". الهيئة التي يحمّلها القانون مسؤولية ضبط وتقنين المضامين السمعية البصرية، أدرجت موضوع تجاوزات القناة الثانية الأخيرة في أحد اجتماعات مجلسها الأعلى للاتصال السمعي البصري انعقد هذا الأسبوع. مصادر "اليوم24" قالت إن الهيئة درست الموضوع "وباتت بالتالي أمام اختبار حقيقي لمدى قدرتها على الوقوف في وجه القناة المعروفة بنفوذها الكبير". وفي الوقت الذي لم يصدر عن الهيئة أي موقف رسمي، أعاد هذا النقاش إلى الواجهة موضوع السهرة الشهيرة التي بثتها القناة الثانية من فعاليات مهرجان "موازين" للعام 2015، والتي أحيتها المغنية الشهيرة جينفر لوبيز. الهيئة، وبعدما رفضت شكاية رئيس الحكومة السابق حول الموضوع شكلا، كانت قد وعدت بالبت في موضوعها عبر "التصدي الذاتي"، لكنها لم تعد إلى هذا الملف بعد ذلك. من جانبها، إحدى المحطات الإذاعية الخاصة، بثت يوم الأحد الماضي برنامجا سياسيا تضمن خطابا مثيرا لأحد ضيوفه، حيث هاجم الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة بلغة تتضمن الوعيد، معتبرا إياه شخصا "تم تكليفه" بمحاربة الإسلاميين من طرف الماسكين بمقاليد البلاد وأن عليه أن "يفهم راسو" و"يمشي بحالو" لكون "المخزن يعرف دائما مصلحة البلاد". ضيف البرنامج ذهب إلى المطالبة بسحب الجنسية المغربية من العماري، متهما إياه بتوجيه رسالة سلبية إلى المؤسسة الملكية بإحيائه مشروع القانون الخاص بتجريم التطبيع مع إسرائيل ونزع الجنسية المغربية من مواطنيها الذين هاجروا من المغرب. وبرّر الضيف موقفه هذا بكون أحد مستشاري الملك يهودي الديانة، في إشارة إلى أندري أزولاي. الضيف الذي يقدم كمحلل رياضي، ردّد عبارات سياسية خطيرة، من قبيل قوله إن حزب الأصالة والمعاصرة تأسس خلال "ثلاثة أيام" وتلقى الدعم الرسمي لهزم إسلاميي العدالة والتنمية. هؤلاء قال الضيف إنهم "فهموا الرسالة" بإزاحتهم لبنكيران من القيادة، بينما العماري الذي قال إنه جيء به مازال "كايتعنتت". هذا الخطاب الذي فاجأ الكثير من مستمعيه، تضمن في المقابل إشادة خاصة ومتكررة برئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، معتبرا أنه قدم خدمة للبلاد ك"مدرّب ناجح" ورجل ساعد حزب الاتحاد الاشتراكي على استرجاع فريقه البرلماني.