تنفس الصيادون الأوربيون، خاصة الإسبان منهم، الصعداء، بعد توقيع الرباطوبروكسيل، يوم الجمعة الماضي، "اتفاقا جديدا" للصيد البحري بعد انتهاء الاتفاق السابق يوم 14 يوليوز الجاري، الشيء الذي أجبر 124 سفينة أوروبية على مغادرة المياه المغربية. في المقابل، اعتبر الاتفاق بمثابة انتصار سياسي واقتصادي للمفاوضين المغاربة الذين استطاعوا تجاوز العراقيل التي طرحهما قرارا محكمة العدل الأوروبية في سنتي 2016 و2017. رغم ذلك لازالت تحديات كبيرة تواجه الاتفاق الجديد الذي يجب أن يحظى بدعم أغلبية البرلمان الأوروبي في شتنبر المقبل قبل انتهاء الولاية التشريعية الحالية في ماي المقبل. في هذا الصدد، علمت " أخبار اليوم" من مصدر مطلع أن المفاوضين المغاربة والأوربيين توصلوا إلى "اتفاق جديد" خلال الجولة الخامسة التي احتضنتها بروكسيل قبل انتهاء الاتفاق السابق يوم السبت الماضي، غير أن اختلافات في الرؤى والتقدير بين بعض الحكومات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أخرت إعلان نجاح المفاوضات إلى يوم الجمعة الماضي بعد نهاية الجولة السادسة من التفاوض. المصدر ذاته حدد طبيعة الاختلاف الأوروبي في اعتراض دوليتين أوربيتين على بعض تفاصيل الاتفاق، ما احتاج إلى وقت لإقناعهما. كما علمت "أخبار اليوم" من مصدر إسباني أن الشق المالي ساهم، أيضا، في تأخر التوصل إلى اتفاق، إذ أن قيمة الاتفاق يمكن أن ترتفع عن قيمة الاتفاق السابق التي لم تكن تتجاوز 40 مليار سنتيم، لاسيما وأن المفاوضين المغاربة يطالبون ب90 مليون أورو. مصدر من داخل الاتحاد الأوروبي كشف لوكالة الأنباء الأوروبية، أن الاتفاق الجديد يحترم قرار محكمة العدل الأوروبية في فبراير الماضي، الذي نص على استثناء الأقاليم الجنوبية من اتفاق الصيد البحري، مبرزا أن هناك "إشارة واضحة" في الاتفاق الجديد إلى قرار المحكمة. غير أن المصدر لم يحدد طبيعة هذه "الإشارة الواضحة". في المقابل، كشف دبلوماسي مغربي لنفس الوكالة، تحفظ على ذكر اسمه، أن نص الاتفاق الجديد يدعم موقف الرباط باعتباره "المحاور الوحيد" من أجل التفاوض حول أي اتفاق يشمل الصحراء. من جهتها، عبرت الشخصية الثانية في الحزب الاشتراكي الحاكم بإسبانيا، سوثانا دياث"، عن رضاها بعد التوقيع على الاتفاق الجديد، وطالبت بروكسيلوالرباط بالتزام "الحكمة" من أجل التقدم في المساطر التشريعية لضمان مصادقة البرلمان الأوروبي في شتنبر المقابل على الاتفاق. بدوره، أعرب لويس بلاناس، وزير الفلاحة والصيد البحري الإسباني، عن سعادته بعد توقيع اتفاق جديد في انتظار مصادقة البرلمان الأوروبي عليه، مؤكدا أن الواقع يفرض الاعتراف بأن عودة الصياديين الإسبان إلى المياه المغربية قد تكون في غضون أسابيع أو شهور، ما يفرض تقديم الدعم المالي لهم. هذا، علما أن المغرب حصل مقابل الاتفاق السابق على 40 مليون أورو، علاوة على التزام أرباب السفن الأوروبية على توظيف ما بين 1500 و1600 مغربي. كما أن الصيد في المياه المغربية يعتبر مصدر رزق آلاف الأسر الأوربية، لاسيما الإسبانية. في بلاغ مشترك بين الرباطوبروكسيل عقب نجاح المفاوضات أكد الطرفان أنهما اتفقا على "المقتضيات والتحسينات التي تم إدخالها على النصوص من أجل تجويد الانعكاسات والفوائد على الساكنة المحلية في المناطق المعنية، في احترام لمبادئ التدبير المستدام للموارد السمكية والإنصاف". وأردف أن المفاوضات انتهت يوم الجمعة لتكرس بذلك شراكة تحتفل هذه السنة بذكراها الثلاثين، والتي ستمكن المغرب والاتحاد الأوروبي من التعاون من أجل صيد بحري مستدام ويعود بالنفع على الطرفين. وأوضح الطرفان أنهما سيطلقان ابتداء من الأسبوع المقبل إجراءاتهما التشريعية من أجل المصادقة على الاتفاق الجديد في أقرب الآجال. الاتفاق يتطلب المصادقة عليه من قبل البرلمان الأوروبي، من جهة؛ ومصادقة البرلمان المغربي بغرفتيه، وموافقة الملك محمد السادس، من جهة أخرى. وزارة الخارجية والتعاون الدولي أشارت إلى أن توقيع اتفاق جديد يؤكد أن كل "محاولات خصوم المملكة للتشكيك في هذه الخاصية الحصرية للمملكة، تم رفضها ودحضها"، وأن نجاح المفاوضات ما هو إلا "طي صفحة جديدة في مسار تجاوز المغامرات القانونية والهجمات غير المجدية لأطراف ثالثة"، مؤكدة أن المملكة على طول جولات التفاوض لم توقع ولن توقع أبدا اتفاقا دوليا يمس سيادتها على أقاليمها الجنوبية. توقيع اتفاق جديد لم يمر دون خروج جبهة البوليساريو كما العادة لمهاجمة الرباطوبروكسيل والتلويح بالعودة إلى محكمة العدل الأوروبية، تحت ذريعة أن 91 في المائة من عملية الصيد تتم في مياه الأقاليم الجنوبية.