بعد قرار الإلغاء، الذي طال مخيم جمعية “الرسالة للتربية والتخييم” التابعة لحركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية بواد لاو التابع لإقليم تطوان، أكدت مصادر من الجمعية أنه تم نقل الأطفال البالغ عددهم 250 طفلا، والذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 و14 سنة، إلى مدنهم بمعية مؤطريهم إذ أحضرت السلطات لهذا العرض حافلات، وذلك مساء أول أمس، بعدما تعذر إيجاد فضاء جديد للتخييم وحافلات تنقلهم من طرف الجمعية، حيث أشعرت الجمعية بإفراغ المؤسسة في حدود الساعة الخامسة من مساء أول أمس. أطر الجمعية قالوا إن حالة الحزن كانت تخيم على الأطفال عند إخبارهم بقرار إلغاء التخييم وأن عليهم العودة إلى مدنهم. وأكدت مصادر مطلعة أن سماح الباشا للأطفال وأطرهم المبيت في المؤسسة ليلة الأحد/الاثنين، جاء بعد اتصال من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بوزير الداخلية عبدالوافي لفتيت، من أجل التدخل حل المسألة، بعدما قرر باشا مدينة واد لاو إخلاء المؤسسة، وإخراج من فيها باستعمال القوة، وهو ما دفع السلطات لإرجاع الأفرشة وإعادة الكهرباء، على أساس أن تتم مغادرة المؤسسة في اليوم الموالي. وكان هذا المنع بعد المعاينة المضادة التي قام بها المدير الإقليمي للوزارة بتطوان رفقة باشا واد لاو ومسؤولين آخرين لمؤسسة “المناهل”، بعدما كانت الوزارة ذاتها قد منحت جمعية الرسالة الترخيص لإقامة هذا المخيم، بناءً على المعاينة الإيجابية التي قامت بها مصالح الوزارة للمؤسسة المذكورة قبل انطلاق المخيم، والتي أفادت حينها بأن المؤسسة صالحة للتخييم. صدى المنع وصل إلى قبة البرلمان، حيث استفسر البرلمانيون وزير الشبيبة والرياضة عن سبب التراجع عن الرخصة المقدمة للجمعية، وهو ما أجمله رشيد الطالبي العلمي في كون أن المدرسة الخاصة التي كان سيتم تنظيم المخيم بداخلها، “لا تتوفر على شروط الصحة والسلامة”، وهو المبرر نفسه الذي قدمته وزارة الداخلية أثناء الاقتحام، مطالبا الجمعية بتغيير المكان من أجل الحصول على ترخيص جديد. وبرر الوزير موقفه بأن المؤسسة المذكورة مكونة من أربعة طوابق، وهو “ما يخالف شروط السلامة بالنسبة إلى لأطفال”، مضيفا أن الاتفاق المعقود مع الجامعة الوطنية للتخييم، هو أن تقترح الجمعيات فضاءات للتخييم، ثم تؤشر عليها الوزارة، نظرا لكون فضاءات الوزارة غير كافية، لكن أطر الجمعية أكدوا أن الوزارة سبق وأن قامت بالمعاينة الطوابق الأربعة قبل منح الرخصة ووافقت اللجنة على التخييم في المؤسسة المذكورة، مشيرين أن قرار المنع غير مبرر. وعن ليلة الرعب التي عاشها الأطفال وأطر الجمعية، قال بعض أطر الجمعية الذين كانوا في عين المكان، إن المسؤولين في الجمعية وصلوا يوما قبل انطلاق المخيم، لتجهيز مؤسسة “مناهل الحديث” التي ستحتضن المخيم، حيث تم جلب 250 من الأفرشة المخصصة لنوم الأطفال المقدر عددهم ب 250 طفل قادمين من جميع مدن المملكة، لكنهم في الصباح تفاجؤوا بالقوات العمومية يقتحمون المكان وحجز الأفرشة، بعدها أغلقت الباب واحتجاز المؤطرين داخل المدرسة. في تلك الأثناء كان الأطفال المشاركين في المخيم لازالوا في الطريق، وعند وصول الأفواج الأولى سمحوا لهم بالدخول للمؤسسة، لكن تم إغلاق الأبواب بشكل نهائي، إذ تؤكد المصادر ذاتها أنه بعد وصول الحافلة التي تقل أطفال مدينة شفشاون متأخرة تركوها أمام الباب ولم يسمحوا لها بالدخول. بعد احتجاز الأطفال والمشرفين عليهم داخل المدرسة، تم قطع التيار الكهربائي لمدة تزيد عن ثلاث ساعات، وفي متم 11 ليلا، تم فتح الباب لإخراجهم بالقوة، وهو ما تسبب في هلع الأطفال. القوات العمومية، حسب المصادر ذاتها، أخرجت المشرفين الذكور بالقوة من المؤسسة وتركت المشرفات والأطفال بالداخل، وهو ما دفع المشرفين إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام باب المؤسسة ورفع شعارات ضد المنع الذي طالهم دون مسوغ قانوني. بعد الوقفة، يقول أطر الجمعية، تغير تعامل باشا المنطقة الذي كان يرفض الحوار في البداية، حيث طلب منهم إيجاد حل وسط للمشكل مع إعادة الأفرشة التي تم حجزها للمؤسسة والسماح لهم بالمبيت في المكان نفسه. عملية إعادة الأفرشة استغرقت وقتا طويلا تجاوز الثلاث ساعات، وهو ما جعل الأطفال يخلدون للنوم في حدود الرابعة صباحا من يوم أمس، لكن الهلع وسط الأطفال دفع عددا من الآباء والأمهات إلى التنقل إلى مدينة واد لاو لأخذ أطفالهم وإنهاء المخيم. هذا، ويعتبر المخيم الذي تم منعه، واحدا من أربعة مخيمات كانت تعتزم جمعية “الرسالة للتربية والتخييم” تنظيمها بالمؤسسة نفسها بواد لاو، ضمن المراحل الأربع للعملية التخييمية لوزارة الشباب والرياضة خلال فصل الصيف الجاري، وهو ما يعني “حرمان مئات الأطفال الآخرين من الاستفادة من التخييم خلال الأسابيع المقبلة للأسباب نفسها”.