حسنية أكادير يوقف سلسلة انتصارات الجيش الملكي    توقيف شينويين كانوا كيبيراطيو المكالمات الهاتفية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بعد اعتماد أقمصة بركان.. هل ينسحب اتحاد العاصمة الجزائري؟    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    تحديد هوية جثة لفظتها امواج البحر نواحي الحسيمة    اعتقال بوق النظام الجزائري بن سديرة من قبل الشرطة الفرنسية    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محادثات بشأن غزة في الرياض    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    زلزال قوي يضرب سواحل جاوا بإندونيسيا    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف الحرب    توافد غير مسبوق للزوار على المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    البرلمان العربي يهتم بالذكاء الاصطناعي    الرشيدي يعلن اختتام أشغال مؤتمر الاستقلال بالمصادقة على البيان العام وأعضاء المجلس الوطني    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    إندونيسيا.. زلزال بقوة 5ر6 درجات قبالة جزيرة جاوا    بعد تلويحه بالاستقالة.. مظاهرات حاشدة بإسبانيا دعما لرئيس الوزراء    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    تعزية في وفاة خال الدكتورة إسلام أخياظ    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    إسبانيا تعترض 25 طنا من المخدرات    إسدال الستار على فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في الرباط    "لجنة ثلاثية" تترأس مؤتمر الاستقلاليين    الملك: علاقات المغرب والطوغو متميزة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    التلميذة فاطمة الزهراء ضحية مدير ثانوية "التقدم" فمولاي يعقوب فتصريح ل"كود": هادي 3 سنين والمدير كيتحرش بيا وكيدير هادشي مع بزاف دالبنات    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مظاهرة حاشدة في مدريد لدعم رئيس الوزراء وحثه على البقاء    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح وآثم من فعل ذلك    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    الخارجية البريطانية: ملتازمين بتعزيز وحماية حقوق الإنسان فالصحرا وكنشجعو الأطراف باش يواصلوا جهودهم فهاد الصدد    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    خمسة فرق تشعل الصراع على بطاقة الصعود الثانية وأولمبيك خريبكة يهدد حلم "الكوديم"    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    سامسونغ تزيح آبل عن عرش صناعة الهواتف و شاومي تتقدم إلى المركز الثالث    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد البكاري يكتب: الصحراء: الأرض والإنسان
نشر في اليوم 24 يوم 22 - 11 - 2020

بقدر الاعتزاز باحترافية الجيش المغربي، لا على مستوى التدخل لتأمين حركة مرور المدنيين والسلع بين المغرب وموريتانيا وباقي الدول الإفريقية جنوب الصحراء وغرب إفريقيا، ولا على مستوى دقة البلاغات، واحترامها ليس فقط للقانون الدولي، بل كذلك لشعور سكان الصحراء، وهو النهج نفسه الذي صار عليه بلاغ وزارة الخارجية، بقدر ما تأسفت لردود الأفعال الخطابية من طرف مجموعة من النخب المحسوبة على حقول الثقافة والإعلام والسياسة والفن وحقوق الإنسان وصناع المحتوى الرقمي، ردود أفعال أعتبرها خارج الوعي بالتحديات المفروضة ليس فقط، لكسب معركة الوحدة الترابية، بل لكسب ما هو أكبر منها وهو الوحدة الوطنية.
سمعنا وقرأنا خلال هذه الأيام، وللأسف حتى على شاشات التلفزيون الرسمي عبارات تحقيرية في حق من كانوا معتصمين بالگرگرات، ممن زج بهم في مغامرة "بهلوانية" للتنفيس عن تيه جبهة البوليساريو، التي لا تعيش فقط انتظارية قاتلة، بل تعيش شللا في اجتراحممكنات المناورة.
إن تلك العبارات القدحية من قبيل المرتزقة والفلول والفئران قد تعكس انتشاء من يطلقونها، ولكنها تحدث آثارا نفسية يصعب جبرها، ليس عند المقتنعين بالطرح الانفصالي فقط، بل عند عموم الصحراويين.
لا يفهم أغلبية المغاربة من خارج الصحراء، أن الولاء عند الصحراويين للمغرب أو البوليساريو لا يلغي رابطة الدم والقرابة والقبيلة والمجال بينهم، وأن الكراهية غير قائمة بين الصحراويين الوحدويين وإخوانهم الانفصاليين، وأن حلم الفريقين هو أن يجتمعوا تحت سقف واحد، يراه الوحدويون المغرب، ويراه آخرون دولة مستقلة. ويترتب عن هذا أن أي تحقير لصحراوي كيفما كانت قناعته هو تحقير للجميع.
لقد قطع المغرب أشواطا كبيرة في حسم قضية الأرض لصالحه، ولا يجب أن يخسر قلوب الصحراويين بفعل خطابات تكاد تكون عنصرية.
لقد بدأ اليأس يدب في صفوف مناصري البوليساريو في الداخل والخارج، بفعل التطورات المتلاحقة سواء في الأمم المتحدة، التي أضحت تقاريرها أقرب للتصور المغربي لحل النزاع، او على مستوى الجبهة الإفريقية التي حقق فيها المغرب اختراقات مهمة، أهمها إقناع دول غرب إفريقيا أن مصالحها الاقتصادية والتجارية تمر عبر الرباط، وجعل كثير من دول جنوب وشرق القارة محايدة، بعد أن كانت أغلب دول إفريقيا الأنغلوسكسونية داعمة للبوليزاريو، كما استطاع المغرب أن ينهي "صداع" الثروات البحرية والفلاحية والمعدنية في اتفاقاته التجارية مع الشريك الأوروبي.
كل هذه التطورات الميدانية تزامنت مع أزمة النظام الجزائري الداعم الأول للبوليساريو، متمثلة في تداعيات الحراك الذي يمتعض جزء كبير منه من كلفة رعاية البوليساريو، وفي تراجع مداخيل الثروة الطاقية، ومتاعب عدم استقرار السلطة وعسر التداول عليها.
أمام هذه التراجعات عمدت قيادة البوليساريو إلى سياسة الهروب للأمام عبر خرجات "الديك المذبوح"، فمرة تتحدث عن تدريبات واستقبالات في ما تسميه المناطق المحررة (العازلة)، دون أن تنتبه لتورطها في مفارقة مضحكة بين استمرار مقرات القيادة ومكاتبها واللاجئين في مخيمات دولة أخرى (تندوف) مع وجود أراض محررة بزعمها تفوق مساحتها مساحة لبنان!!، ومرات تتحدث عن العودة للكفاح المسلح، وهي تعلم أن السياق السبعيني الثمانيني هو غيره السياق الحالي، وأن لا أحد مستعد لدفع تكلفة الحرب في المنطقة بمن فيهم الرعاة الجزائريون.
بل إن وهم استقلالية القيادة نفسها قد سقط يوم قبلت بالمقترح الجزائري الذي كشف عنه كوفي عنان لما كان أمينا عاما للأمم المتحدة سنة 2003، والقاضي بتقسيم الصحراء بين الساقية الحمراء التي ستتبع للمغرب، وبين وادي الذهب الذي ستؤسس فيه البوليساريو دولتها، وهو المقترح الذي رفضه المغرب، وخطورة هذا المقترح هو أنه يكشف أن البوليساريو أداة الجزائر في الحصول على منفذ للمحيط الأطلسي.
لقد كان قبول هذا المقترح خنجر غدر امتد لظهر كل الصحراويين الذين آمنوا بمشروع الولي مصطفى السيد، ذلك أنه إذا اعتبرنا فرضا ولضرورات حجاجية أن المشروع المغربي إلحاقي، فهو على الأقل يحافظ على وحدة الأرض الصحراوية من وادي نون حتى وادي الذهب، بينما مشروع البوليساريو يفصل في الأصل وادي نون عن باقي الصحراء، ثم بعد قبوله المقترح الجزائري أظهر استعداده للتفريط حتى في الساقية الحمراء مقابل دويلة خادمة لدولة كبرى.
ويظل تأسيس حركة "صحراويون من أجل السلام" تطورا نوعيا في الإجابة عن مأزق البوليساريو واستعصاء الاستفتاء والحرب التي لا يريدها أحد، والتي تضع مسألة التمثيلية الحصرية للبوليساريو لسكان الصحراء موضع مراجعة. ولقد كان رد أنصار البوليساريو بتأسيس "الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال" مأزقا أكثر منه ردا، فمن جهة كشف الصراعات داخل "الكوديسا"، والتي هي في جزء منها مرتبطة بوضعية المناضلين المنحدرين من وادي نون، والذين ينتمون لمنطقة غير محسوبة على المناطق المتنازع عليه، والذين أصبحوا عالة على البوليساريو بعدما استمالتهم لأطروحتها، وباتوا أكثر راديكالية منها (يسار البوليساريو)، ومن جهة أظهرت تراجع قوة بوليساريو الداخل تنظيميا وميدانيا، إذ تراجعت وقفاتهم واحتجاجاتهم، حتى في ظل الأزمة الأخيرة، إذا استثنينا لايف أمينتو حيدر في مطار العيون.
إن من شأن انتقال المغرب للمرحلة الموالية المرتبطة بتثبيت حضوره على الأرض عبر إقامة المشاريع الاستشفائيةوالجامعية والصناعية، وتشييد ميناء الداخلة الأطلسي أن يخلق دينامية تنمية جهوية.
لكن كل هذه الإيجابيات قد يعصف بها الفشل في كسب معركة الإنسان، ذلك أن صحراويين كثيرين متخوفون من مآلات المستقبل في حالة خروج المنطقة من وضع الستاتيكو إلى وضع يبسط فيه المغرب سيادته المطلقة على المجال، كما أن كثيرين ممن ولدوا بعد خروج المستعمر الإسباني قد رضعوا لبن معاداة المغرب، وهو أمر عادي باعتبار السردية التي فتحوا أعينهم عليها من خلال محكيات الأسر واللجوء والحرب، لذلك يلزمنا بيداغوجيا خطاب جديد، يقطع مع "من ليس معنا، فهو ضدنا"، وينطلق من وحدة المصير.. إذ لا معنى لوحدة ترابية دون وحدة وطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.