عجز في الميزانية بقيمة 54,1 مليار درهم متم شهر غشت    في ظل الاحتكار وتعطيل المنافسة الأجنبية.. الأبناك تواصل إثقال كاهل المغاربة بالاقتطاعات و"حماية المستهلك" تستنكر    الذهب يحوم قرب أعلى قمة تاريخية    الأمم المتحدة تصوت بالأغلبية المطلقة على إعلان يدعم حل الدولتين    تفاصيل بيع تذاكر "كان المغرب 2025"    اتحاد طنجة يتعادل مع حسنية أكادير    ظاهرة غياب الاطر الطبية بدون مبرر بالناظور والدريوش تستنفر وزارة الصحة    الكرملين يؤكد أن المفاوضات مع كييف "متوقفة"    سابقة... لجنة من برلمان الحلف الأطلسي تزور مليلية وسط مساعٍ إسبانية لضمها تحت المظلة العسكرية    حموشي يتباحث بالرباط مع المديرة العامة للأمن الداخلي الفرنسي    ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية إلى 64 ألفا و756 شهيدا منذ بدء العدوان على غزة    عقوبة قاسية لمسؤولتين في سبتة بسبب انتهاك حقوق أطفال مغاربة    هيئات محلية تدعو للاحتجاج بمراكش تضامنا مع الغلوسي    بطولة العالم لألعاب القوى .. 33 ميدالية منها 12 ذهبية، حصيلة المشاركة المغربية في 19 نسخة    وزارة الانتقال الرقمي توقع شراكة استراتيجية لتعزيز الذكاء الاصطناعي بالمغرب    اغتيال الناشط السياسي تشارلي كيرك.. ترامب يؤكد إلقاء القبض على مشتبه به    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    شاب يرمي بنفسه من الطابق الثالث بعد طعنه فتاة داخل شقة بطنجة    الدورة الثانية عشرة للملتقى الوطني لفن الكريحة والملحون بتارودانت    دراسة: أصوات "الطقطقة" الصادرة من الركبة ظاهرة طبيعية ما لم تصاحبها أعراض مرضية    ساندية تاج الدين توضح الهدف من مشهد صادم في "التخرشيش"        هيئات مهنية صحفية تطالب أخنوش بسحب مشروع قانون "المجلس الوطني للصحافة"    إدارة السجون توضح بشأن نقل بعيوي إلى المستشفى    تدخل رسمي ينقذ حلم الطالبة صاحبة أعلى معدل من ضائقة السكن    إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق    مقتل 51 شخصا في احتجاجات النيبال وهروب 12 ألف سجين وانقسام حول اختيار رئيس الوزراء الجديد    استقبال حافل للفيلم السوداني ملكة القطن بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي        الإمارات تستدعي نائب السفير الإسرائيلي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع        بداية العد العكسي.. 100 يوم يفصل المغرب عن استضافة كأس الأمم الإفريقية    وهبي: قانون العقوبات البديلة مفتوح أمام المحكوم عليهم قبل صدوره    فضيحة عقارية تعصف بعامل إنزكان آيت ملول    الأخطبوط في فترة استراحة: تدابير صارمة لضمان الاستدامة البحرية    تدشين المحطة السككية الجديدة بتازة وإطلاق خدمة الربط بالحافلات مع الحسيمة        الحكم على بولسونارو بالسجن 27 عاما.. وترامب يصفه بالرجل الصالح        سفيان بوفال يكذب إشاعة وفاة والدته: والدتي بخير    بيت الشعر بالمغرب يحتفي ب"موسم الخطوبة" في إملشيل بفعاليات ثقافية وشعرية    العدّ التنازلي لحفل الكرة الذهبية 2025: هذا موعد تتويج أفضل لاعب في العالم!    "يويفا" يقرر تأجيل البث في نقل مباريات الدوري الإسباني والإيطالي للخارج    يامال يتحدث عن صعوبة البدايات وجذوره المغربية: "جدتي تسلّلت في حافلة من المغرب لإسبانيا.. وكانت تعمل 3 مرات في اليوم"    دراسة: التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري        كيوسك الجمعة | مسطرة جديدة لتدبير وصرف المنح لفائدة متدربي التكوين المهني    أخنوش يكسر صمت الحكومة... حصيلة بالأرقام ورسائل بين السطور    بوفال يضع حدا لشائعة وفاة والدته: "كفاكم كذبا واحترموا حياتنا الخاصة"    فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح    ضابط مخابرات عسكرية أمريكي سابق: أمريكا لا تملك حلفاء بل دول تابعة لها وخاضعة لهيمنتها (فيديو)    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    دعوة إلى الكنوبس لمراجعة إجراءاته الخاصة بمرضى السرطان    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسس ومظاهر التحول الاستراتيجي النوعي للمغرب المعاصر
نشر في أنا الخبر يوم 01 - 01 - 2021

انطلاقا من كون التاريخ سجل مفتوح، ونظرا لهشاشة القواسم السياسية المشتركة بين الدول العربية، وتآكل الخطاب القومي والانتماء القطري الذي اعتمد في الماضي على العروبة المسيسة بفعل عوامل التبعية السياسية والايديولوجية التي أججت الثورات والحماس لبناء مشروع عربي قومي وحدوي طيلة القرن العشرين، ونظرا لاختلاف المرجعيات والرؤى السياسية بين الدول العربية بين تلك التي تؤيد الاختيار الثوري والدول التي تؤمن بالليبرالية وحرية الفرد والتي تعرضت لمؤامرات ومناورات طيلة القرن العشرين ولاسيما في فترة الحرب الباردة بهدف قلبها اعتمادا على تأسيس حركات ماركسية لينينية مسلحة، معتمدة في ذلك على فكرة الصراع الطبقي لمواجهة حكم البورجوازية، اضافة الى خلق كيانات وهمية بهدف تقسيم الدول الرافضة للانسياق وراء أكذوبة الثورة العربية والتحرر والوحدة، وتبرير الغاية من اعتماد اسلوب الثورة الموعودة والأساس النضالي لها.
ونظرا لوعي المغرب بما يحاك ضده من تآمرات بسبب رفضه التراجع عن التوجه الليبرالي، لاسيما وأن هذا المذهب السياسي الليبرالي الرأسمالي عاش حروبا وصدامات أشرسها بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي منذ 1917 الى 1989 وما تزال الحروب مستمرة في ظل وجود صراع روسي بديل لكن بوسائل أخرى أهمها الحرب الاقتصادية والتكنولوجية العسكرية والأمنية الاستخباراتية والبايلوجية.
لذا فان المغرب لعراقة تاريخه وخصوصية حضارته لجأ الى تغيير استراتيجياته على المستوى الداخلي والخارجي، كما غير مقاربة التعامل مع الآخر وعالج القمامة التاريخية ذات الأثر السلبي بحسب المؤشرات السالفة الذكر، وذلك وفق رؤية مغايرة وقيادة رصينة لملك البلاد.
فعلى المستوى الداخلي قام العقل السياسي المغربي المركزي منذ 1999 بتفكيك الفهم الداخلي التقليدي لمفهوم المواطنة بدءا بالمصالحة التاريخية، وأعاد ادخال المغرب من جديد في عقول المواطنين لاسيما للذين تكرست لديهم النظرة البائسة تجاه بلادهم بسبب الفقر والتخلف، أو الذين كانوا يستغلون البؤساء لبناء مشاريعهم السياسية، حيث تم استبدال مفاهيم كلاسيكية قانونية وايديولوجية بمفاهيم ميزت العهد الجديد بدءا بالمفهوم الجديد للسلطة، واحداث تغييرات في الصف الوطني واشراك كل المكونات في التعاطي بمسؤولية مع قضية الصحراء المغربية والوحدة الترابية والسياسية للبلاد، وادخال اصلاحات دستورية مهمة، وفتح أوراش كبرى ونهض باعداد التراب الوطني من خلال بنية تحتية متينة وتجهيزات مرفقية تراعي شروط التصنيف الدولي.
وعلى المستوى الخارجي تمت مراجعة المادة الرمادية والمعطى الديبلوماسي باعتباره عامل نجاح أو ارباك للحسابات في التعاطي مع القضايا الدولية، وأداة مهمة لبناء الشراكات والتعاون والتسويق الدولي، فقام المغرب بمراجعة العلاقات المغربية العربية والافريقية، وعاد الى بيته الافريقي سنة 2017 واستعاد كرسيه في الاتحاد الافريقي، وبذلك أقام علاقات جديدة وازداد لديه الاهتمام بالتعاون جنوب جنوب، فتفاعلت الدول الافريقية معه وشمل التعاون كل المجالات، كما قامت بمراجعة مواقفها من نزاع الصحراء المغربية وسحبت الكثير منها اعترافها بالكيان الوهمي بعدما اتضحت الرؤية واقتنعت بحقوق وتوجهات المغرب، فتناسلت الاعترافات بمغربية الصحراء وبدأ الاقبال على فتح القنصليات في مدينة العيون والداخلة المغربيين. بالاضافة الى ابرام شراكات استراتيجية مع الدول الكبرى كالصين والهند وروسيا والاتحاد الاوربي وأمريكا وانجلترا…الخ.
وتجدر الاشارة الى أن المراجعة الديبلوماسية التي قام بها المغرب وسعت من مجالات التعاون الاقتصادي والأمني والتجاري والثقافي والديني حولت أنظار المجتمع الدولي والمقاولة العالمية بالخصوص نحو سوق القارة السمراء، وتوجهت رؤوس الأموال للاستثمار في الدول الافريقية لاسيما دول الغرب الافريقي، وكانت للديبلوماسية المغربية الرسمية دورا ايجابيا من خلال الاهتمام الواسع بشؤون دول القارة ومنها استبدال الصراع حول السلطة بالتوجه نحو النهوض بالاقتصاد والتنمية الافريقية .
وانطلاقا من كون العالم له وجهان : الأول حر ومضيء ومنفتح ويعتمد على الحق في الاختلاف وعلى التسامح والتعايش بين كل المكونات الحضارية والشراكة في المنتوج الانساني. والثاني مظلم وضيق ومنشئ للتعصب يختزن ذاكرة الحروب ويكرس العوامل السلبية ويسجل الصراع في الذاكرة التاريخية بدعوى وجود ثقافة هدامة للثقافات الأخرى ، ومرتبطة بفلسفة العلوم والثقافات والأديان سواء من حيث المعنى أو من حيث المصير. وأصبح السلم الدولي تحكمه رؤية علمية شاملة وعولمة صراعية تصطدم بالمنتوج العلمي والرؤية الدينية والفلسفية. مما جعل المغرب يرتكز في توجهاته واستراتيجياته على الانفتاح والشراكة الاقتصادية والعسكرية والاستدامة التنموية الشيء الذي جعل المملكة المغربية تناط بادوار دولية مهمة تحكمت فيها عدة عوامل ذاتية وموضوعية، غيرت من مكانة المغرب على المستوى الدولي.
لذا يبقى المستقبل مفتوحا على ممكنات ايجابية تتطلب العمل ومواصلة التعبئة لمواكبة تحدياته وأخرى سلبية تتطلب أخذ الاحتياطات بحكم أن العالم تحكمه نظريات يجب فهمها خارج مبادئ الثقافة الوطنية، ومنها التفكك الدولي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وظهور حروب جديدة قد تؤدي الى انهيارات متسارعة ومتتالية وأزمات التمييز السلبي المبني على خذاع حرية الاعتقاد والتعبير في ظل تفكك منظومة القيم وانهزام القانون أمام نظرية الفوضى ونظرية المؤامرة ونظام التفاهة التي تغديها العنصرية والاساءة لحقوق الشعوب وخصوصياتها، والاحتكام للقوة في فرض الأمر الواقع.
و لتجاوز الارث التاريخي السلبي على المستوى الاقليمي والدولي لابد من :
العمل بالتدابير الدقيقة واليقضة الديبلوماسية والأمنية والسياسية لانجاح البرامج الوطنية ومواصلة الاصلاحات التنموية الاستراتيجية، ومنها أهداف التتنمية المستدامة، واستكمال تنزيل الأوراش وانعاش الاقتصاد الوطني والجهوي واعمال الكوتش الترابي لتحقيق التنمية المحلية، في انتظار اخراج نموذج تنموي مغربي منبثق عن عقد اجتماعي معاصر يؤطر عهد الملكية الثالثة.
ان الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء وتتويج المغرب بهذا القرار القوي والمعزز بفتح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة ذات المهام الاقتصادية اضافة الى الاتفاق العسكري الذي يمتد لعشر سنوات، والذي جاء بفضل الديبلوماسية الملكية الذكية التي حرصت على الدفاع عن وحدة المغرب الترابية وعملت على الاستغلال الأمثل للموقع الاستراتيجي للمغرب ومكانته الجغرافية وأتقنت مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد سيادة المغرب ووحدته الترابية، فانتزعت بذلك اعتراف 163 دولة بمغربية الصحراء وتأييد مبادرة الحكم الذاتي. وفي ظل استمرار التشويش واصطناع الاخبار والاحداث الزائفة يج… معه الأخذ بعين الاعتبار مخططات وردود أفعال مباغتة تجاه أمن البلاد انتقاما لما حققه المغرب من انتصارات وتقدم في مقابل هزائم الخصوم الذين قد يقدمون على مغامرات وأعمال جبانة.
هذا ويبدو العالم بعد جائحة كورونا أنه قد دخل مرحلة نظام عالمي جديد يتسم بالتحولات الاقتصادية والسياسية والأمنية والتكنولوجية التي ستفرض واقعا مختلفا يتطلب تطوير المقاربات التي تراعي التحديات التالية : – التلقيح الاجباري ضد الفيروس المستجد. – والعملة غير نقدية. – وتطوير الحروب البايلوجية والالكترونية. – ونمو اقتصاديات خاضعة للتكنولوجية الصحية ونهاية الدولة القطرية. اضافة الى نظام أمني الكتروني و رقمي أكثر تعقيدا. – وظهور قومية دينية جديدة …. مما يتطلب تطوير واستشراف المقاربات العلمية وتعميق التفكير في تداعيات التحول العالمي بكل تحدياته العلمية والاقتصادية والأمنية والانسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.