تتواصل ردود الأفعال المتباينة حول الخطاب الملكي الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. فبشكل ومضمون جديدين، واصل الملك محمد السادس تغيير لغة ولهجة خطاباته. فبعد الخطابين المختلفين جدا قبل أشهر، وجه العاهل المغربي خطابا ثوري اللهجة حاد النبرة هذه المرة الى الخارج، في كلمة له ألقاها عنه بالنيابة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي. خطاب جديد، يعتبر الخطاب الأول الموجه نحو الخارج الذي يكسر قاعدة الملك في اختياره الدائم للغة ديبلوماسية، ويقطع مع التاريخ الطويل للغة الخشب التي كانت تسم كلماته في المحافل الدولية. ففي معرض كلمته حول ثيمة الجمعية لهذه السنة تحت عنوان " التنمية البشرية المستدامة "، هاجم الملك العالم الغربي وسياساته تجاه البلدان الصاعدة، قائلا إن الغرب "لا يعرف سوى إعطاء الدروس"، و "يكثر من الوعود والنصائح دون اللجوء الى أفعال حقيقية وواقعية". وكال الملك الاتهام للاستعمار الغربي وقال بانه خلف وراءه أضرارا كبيرة في الدول التي كانت تحت حكمه. وأضاف أنه" ليس من حق الغرب أن يطالب بلدان الجنوب بتغيير جذري وسريع، وفق منظومة غريبة عن ثقافته ومبادئه". وقال عبد الفتاح بلعمشي رئيس المركز المغربي للديبلوماسية الموازية ل "شبكة أندلس الإخبارية" تعليقا على مضمون وشكل الخطاب، أنه "يتضح أن المغرب بدأ يصطف تدريجيا في جانب القوى الدولية الرافضة لهيمنة الغرب على الثروات، وعلى تدبير السياسات الاقتصادية الدولية، وهيمنته على منظمة عالمية من حجم الأممالمتحدة، وجعلها منظمة غير عادلة في التعاطي مع قضايا دولية، وتتعامل بانتقائية مع بعض القضايا والنزاعات حسب اتجاهات مصالحها. وأضاف أن "هناك موجة جديدة داخل دول الجنوب، تسترجع فكر دول عدم الانحياز الرافض للتعامل الغربي مع دول العالم الثالث على أساس استعلائي، وبالتالي فربما يعبر هذا الخطاب عن نوع من الاستياء حول مجموعة من التدابير او المعايير التي تتخذها بعض المنظمات الدولية في تحديد معدلات ومستويات حقوق الانسان والتنمية البشرية وحرية الصحافة والترتيب المتدني الذي تمنحه للمغرب. بشكل يستبعد عوامل خصوصية لكل بلد على حدة". واستطرد قائلا: " من خلال هذا الخطاب، هناك تعبير على أن المغرب بدأ يفطن الى أهمية الخيار الدولي الذي يدعو الى اصلاح منظومة الأممالمتحدة، باعتبارها أصبحت غير مستجيبة لمتطلبات المناخ الدولي الراهن. والمغرب ربما يحاول ان يتموقع في هذا الإطار من اجل الدعوة الى تطوير الأداء الاممي الغير عادل". وعن لغة الخطابات الملكية الأخيرة، قال بلعمشي، أنها تتسم بنوع من المباشرة في التعاطي مع القضايا التي تطرحها، ربما رغبة من الملك في تحويلها الى توجيهات دقيقة للمسؤولين لاتخاذ إجراءات عملية واضحة وسريعة، بعدا عن الكلام الموسمي العام. وقال " خير مثال على ذلك أنه وبعد مدة من الخطاب الذي تناول المعاناة التي تعيشها مدينة الدارالبيضاء والمشاكل التي ترزح تحت وطأتها، نلاحظ أنه تم يوم أمس ترجمة الخطاب مشاريع واتفاقيات تحاول إعادة تغيير وجه هذه المدينة، وتدفع بها الى أن تكون مدينة حديثة تستوعب الدور المنوط بها كعاصمة اقتصادية وطموحها في أن تصبح قطبا ماليا دوليا".