إصلاحات سياسية وحقوقية واقتصادية لاستكمال بناء دولة الحق والقانون يحتفل المغرب يومه الإثنين بعيد العرش الذي يصادف الذكرى 13 لجلوس الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين، وهي ذكرى تتجدد في كل سنة لتعطي مزيدا من الأمل في المستقبل، وتأتي ذكرى هذه السنة والمغرب يعيش نوعا من الانتقال الديمقراطي، الذي جاء على خلفية دستور جديد تم التصويت عليه من قبل المغاربة، وذلك في أفق تجسيد مجموعة من الإصلاحات التي أطلقها الملك منذ السنة الماضية. المغرب في حمأة الربيع العربي لم يدر المغرب ظهره لرياح التغيير التي عصفت بأنظمة حكم مستبدة في ثلاثة بلدان عربية وهي تونس ومصر وليبيا٬ ولم يتقوقع حول ذاته غير عابئ بما يجري من حوله من تحولات جذرية٬ بل استجاب لنبض المجتمع في توقه لإرساء قواعد الحكامة الجيدة في دولة الحق والقانون٬ وذلك من خلال دستور جديد صادق عليه المغاربة بأغلبية ساحقة في فاتح يوليوز 2011، ليثبت بذلك أنه بلد لم يخطئ موعده مع التاريخ٬ ودولة تنفرد بمسارها الديمقراطي المتميز، فكان هذا الدستور موضوع توافق وطني بعد أن صاغت مسودته لجنة استشارية متعددة المشارب مشهود لأعضائها بالخبرة القانونية والكفاءة الأكاديمية والنزاهة الفكرية٬ وبعد أن خضع لتشريح دقيق ونقاش واسع مع وبين مختلف مكونات الطبقة السياسية والمجتمع المدني، لقد تم الحرص٬ ولأول مرة في تاريخ المغرب٬ كما أكد الخطاب الملكي ليوم 17 يونيو 2011٬ على أن يكون الدستور الجديد من صنع المغاربة٬ ولأجل جميع المغاربة. آليالت جديدة لدمقرطة المؤسسات لقد كرس هذا الدستور، مقومات وآليات الطابع البرلماني للنظام السياسي المغربي٬ في أسسه القائمة على مبادئ سيادة الأمة وسمو الدستور٬ كمصدر لجميع السلطات٬ وربط المسؤولية بالمحاسبة٬ في إطار نسق دستوري فعال ومعقلن٬ جوهره فصل السلط٬ واستقلالها وتوازنها٬ وغايته المثلى حرية وكرامة المواطن. وتجاوبا مع تطلعات القوى الحية للأمة وتوق المغاربة للعيش في كنف المواطنة الكريمة٬ والعدالة الاجتماعية٬ اعتمد الدستور الحالي هندسة جديدة٬ همت كل أبوابه٬ وقضت فيما يخص فصل السلط٬ وتوضيح صلاحياتها٬ بتقسيم الفصل 19 إلى فصلين اثنين٬ أحدهما يتعلق بالصلاحيات الدينية الحصرية للملك باعتباره أميرا للمؤمنين٬ وآخر يحدد مكانة الملك كرئيس للدولة٬ وممثلها الأسمى٬ ورمز وحدة الأمة٬ والضامن لدوام الدولة واستمراريتها٬ ولاستقلال المملكة وسيادتها٬ ووحدتها الترابية٬ والموجه الأمين والحكم الأسمى٬ المؤتمن على الخيار الديمقراطي٬ وعلى حسن سير المؤسسات الدستورية٬ والذي يعلو فوق كل انتماء، وفي سياق الإصلاح الديمقراطي ذاته٬ تمت دسترة مساواة الرجل والمرأة في الحقوق المدنية٬ في نطاق احترام أحكام الدستور٬ وقوانين المملكة٬ المستمدة من الدين الإسلامي٬ وكذا تكريس المساواة بينهما٬ في كافة الحقوق السياسية والاقتصادية٬ والاجتماعية والثقافية والبيئية٬ وإحداث آلية للنهوض بالمناصفة بين الرجل والمرأة، كما يكرس الدستور الجديد كافة حقوق الإنسان٬ بما فيها قرينة البراءة٬ وضمان شروط المحاكمة العادلة٬ وتجريم التعذيب٬ والاختفاء القسري٬ والاعتقال التعسفي٬ وكل أشكال التمييز والممارسات المهينة للكرامة الإنسانية٬ وضمان حرية التعبير والرأي٬ والحق في الولوج إلى المعلومات٬ وحق تقديم العرائض٬ وفق ضوابط يحددها قانون تنظيمي، وصيانة لحرمة القضاء٬ تمت دسترة تجريم كل تدخل للسلطة أو المال٬ أو أي شكل من أشكال التأثير٬ في شؤون القضاء. ومن معالم هذا الإصلاح الديمقراطي أيضا٬ الارتقاء بالمكانة الدستورية للوزير الأول إلى "رئيس للحكومة"٬ وللجهاز التنفيذي٬ الذي يتم تعيينه من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب٬ تجسيدا لانبثاق الحكومة عن الاقتراع العام المباشر، وتكريسا للمسؤولية الكاملة لرئيس الحكومة على أعضائها٬ خوله الدستور الجديد صلاحية اقتراحهم٬ وإنهاء مهامهم٬ وقيادة وتنسيق العمل الحكومي٬ والإشراف على الإدارة العمومية٬ وصلاحية التعيين٬ بمرسوم٬ في المناصب المدنية٬ وفقا لقانون تنظيمي٬ يحدد مبادئ وتكافؤ الفرص بالنسبة لكافة المغاربة في ولوج الوظائف العمومية٬ على أساس الاستحقاق والشفافية٬ وضوابط دقيقة. المغرب يطلق الأوراش الكبرى أطلق المغرب بقيادة الملك محمد السادس مجموعة من الأوراش الكبرى التي تعكس الهوية الاقتصادية الجديدة للمملكة٬ فتحولت المملكة إلى ورش كبير من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب٬ في انسجام تام مع الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك التي سطرت للبلاد طموحات جديدة٬ تتماشى مع حاجيات وتطلعات البلاد والعصر، ومكنت هذه الإنجازات من إعادة التوازن والتمهيد في مجموع تراب المملكة لعروض تشغيل حيوية٬ وبالأخص إنجاز تجهيزات ذات امتداد كبير٬ تهيكل على نحو مستدام الفضاءات المحيطة بها مباشرة٬ وتعيد توزيع النشاط الاقتصادي المنتج والمجدد في مجموع الجهة٬ وأحيانا على الصعيد الوطني بشكل متناغم ومنسجم، وقد ساهمت كل هذه الأوراش في مضاعفة الناتج الداخلي الخام بالمغرب، كما أن صعود المغرب اقتصاديا بصورة ملموسة على الساحة الدولية انطلاقا من الألفية الثالثة كان له الفضل في إعطاء هوية اقتصادية جديدة للمملكة، وقد شكل العرض المغربي في مجال الأوفشورينغ الأفضل والأكثر مصداقية في العالم وكذا في مجالات متطورة جدا٬ كصناعة الطيران في الوقت الراهن أو السيارات في المستقبل القريب، وقد مكن هذا النمو القوي المغرب من خلق الثروة والقيمة المضافة ومن تحسين القدرة الشرائية (للمواطن) بصورة ملموسة ومن إطلاق محرك الاستهلاك الداخلي، كما تمكن من احتواء الصدمات المترتبة عن الأزمات العالمية المالية أو الاقتصادية ومواجهة الزيادات الكبيرة في أسعار المحروقات في السوق الدولية، وعكست كل هذه الأوراش الرؤيا الاستراتيجية لجلالة الملك٬ التي سطرت للبلد طموحات جديدة٬ من قبيل مشروع طنجة المتوسط. إصلاحات لترسيخ دولة الحق والقانون لقد باشر المغرب منذ سنوات العديد من الإصلاحات تصب كلها في خانة ترسيخ دولة الحق والقانون وتعزيز المسلسل الديمقراطي، حيث كان مجال حقوق الإنسان في مقدمة الميادين التي شملتها هذه الإصلاحات مما مكن من إرساء آليات متطورة تروم النهوض بهذه الحقوق بما يتلاءم والتحولات التي تشهدها المملكة على مختلف الأصعدة، وتم جعل حقوق الإنسان على رأس سلم الاولويات التي رسمها المغرب منذ نهاية التسعينيات٬ ويبدو جليا من خلال انخراط المملكة مع بداية عهد جلالة الملك محمد السادس٬ في مسلسل المصالحة مع الذات والقطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من خلال إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة التي اعتبرت من قبل المتتبعين المحليين والدوليين تجربة رائدة على الصعيد العالمي اقتدت بها عدة دول، وقام المغرب بوضع آليات جديدة بغرض إرساء منظومة حقوقية حديثة عبر تأهيل الإطار المؤسساتي من خلال تحويل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الى مؤسسة وطنية أطلق عليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان مع توسيع دائرة اهتمامه لمواكبة التحولات التي عرفها المجتمع المغربي، وإلى جانب هذه الآليات أعطى الدستور الجديد مكانة مرموقة لحقوق الإنسان في مفهومها الكوني ومعناها الواسع مما جعله ميثاقا حقيقيا للحقوق والحريات الأساسية وسجلا دقيقا لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا٬ مبنيا على مبادئ وقيم المساواة بين الجنسين ومبدأ المناصفة ومناهضة كافة أشكال التمييز وتجريم كافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان حرصا على حفظ الكرامة الإنسانية . تأسيس عهد جديد للدبلوماسية منح المغرب قيمة مضافة للجانب الدبلوماسي خاصة في القضايا التي تستدعي تدخل المغرب٬ حيث غالبا ما يفعل ذلك وفق مسؤولياته في مجلس الأمن٬ واستنادا إلى القيم الدولية التي تنبني على الحرية والقوانين الدولية لحماية الشعوب٬ وكذا انطلاقا من حفظ السلام والبحث عن أفضل تعايش وتعاون بين الشعوب والحضارات والديانات والثقافات، وتدفع تصرفات المغرب باستمرار في اتجاه صناعة السلام والأمن العالميين وحماية الحقوق والحفاظ على سلامة الدول، حيث شكل انتخاب المغرب في مجلس الأمن الدولي تجسيدا لحصيلة سنة دبلوماسية رائعة جعل النشاط الدبلوماسي للمملكة يتسم في هذا المجال بالاحترافية. حيث قدم المغرب مساهمة حاسمة ومرموقة في أشغال الهيئات الدولية لوقف فصل العنف في ليبيا بالأمس وهو الذي يسعى اليوم من أجل تسوية في سورية ولبلورة عمل من أجل مالي٬ كي يستعيد هذا البلد وحدته الترابية ويعمل في سبيل الحفاظ على السلام في مختلف أنحاء إفريقيا٬ حيث تؤدي القوات المسلحة الملكية عملا ممتازا٬ تشيد به منظمة الأمم المتحدة٬ وهو البلد الذي يعمل على تحريك القضية الفلسطينية وتوفير مصير سلام وتحرر لشعب فلسطين في مدينة القدس، كما ساهم في جهود محاربة الارهاب ومكافحة التطرف الديني والتعاون الدولي ضد الجرائم الاقتصادية والمالية. إصلاح منظومة العدالة استكمال لورش بناء دولة الحق والقانون شكل تعيين أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة حلقة أساسية في حلقات الإصلاح الشامل٬ خصوصا أن جلالة الملك أكد على ضرورة إخراج القضاء المغربي من مأزقه٬ وجعله يضطلع بدوره في إنجاح المشروع الملكي، وبتنصيب جلالة الملك للهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة يوم 8 ماي 2012، جعل جلالة الملك محمد السادس من هذه السنة التي تتوافق مع العام الأول من عمر الدستور الجديد٬ نقطة الانطلاق الأكثر تعبيرا والأكثر. ويعتبر جلالة الملك محمد السادس هو الضامن الأعلى للعدالة لكل المغاربة و"الضامن لاستقلالية القضاء٬ والساهر على احترام الدستور والحقوق وحريات الأفراد والجماعات"٬ مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يكتنفه أي غموض٬ وقد حدد خطابان ملكيان٬ هما خطاب العرش سنة 2008 وخطاب 20 غشت 2009، الإطار الذي يجب أن تجري فيه عملية إصلاح القضاء٬ كما حددا التزامات أخلاقية عالية. المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تجديد لنمط عمل الإدارة شكلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية٬ قرارا نهضويا يسعى إلى تجديد نمط إدارة الشأن العمومي واضعا الإنسان في قلب الأولويات الوطنية ورهانات الديمقراطية والتنمية٬ قاطعا بذلك مع منطق السياسات العمومية الذي ساد لفترة طويلة٬ والقائم على المعونات الجزافية الموجهة لمجموع السكان، ورامت هذه المبادرة منذ إطلاقها سنة 2005، إلى التأهيل الاجتماعي للبلاد٬ من خلال إعادة إدماج الساكنة الأكثر فقرا في الدورة الاقتصادية والاجتماعية٬ كما أنها جاءت في سياق وطني يكشف في العمق المكانة المتقدمة للمسألة الاجتماعية في أجندة الحكم منذ سنة 1999، ولكن أيضا في ظل سياق دولي أصبح فيه تقييم مدى بلوغ الدول درجات التنمية يقاس بمؤشر التنمية، وقد تمحورت هذه المبادرة٬ في مرحلة أولى٬ حول أربعة برامج أولية تتمثل في مكافحة الفقر في العالم القروي٬ مستهدفة 360 جماعة قروية الأكثر فقرا٬ وبرنامج مكافحة الإقصاء الاجتماعي في المناطق الحضرية٬ مستهدفة 250 حيا بالوسط الحضري الأكثر تهميشا في 41 مدينة عبر تراب المملكة في حين يهم البرنامجان الآخران٬ على الصعيد الوطني٬ مكافحة الهشاشة الاجتماعية٬ وتعزيز الحكامة الجيدة، ويظل أهم مكسب يحتسب للمبادرة في هذا المجال٬ هو خلقها لدينامية جمعوية فريدة من نوعها٬ لاسيما الجمعيات الجادة التي انخرطت بشكل فعلي في هذا المشروع التنموي٬ عبر اقتراحها لمشاريع ساهمت في تثمين وتطوير مهارات الساكنة المستفيدة وتقوية روح المسؤولية لديها من أجل تحسين مستوى عيشها بفضل الدخل القار الذي أصبحت تتوفر عليه ولا سيما في صفوف النساء والشباب. الراميد تجسيد لقيم التضامن المجتمعي بإعطاء جلالة الملك محمد السادس انطلاقة نظام المساعدة الطبية (راميد) في 13 مارس الماضي٬ يكون المغرب قد خطا خطوة هامة نحو تكريس حق المواطنين المغاربة في العلاج كأحد المرتكزات الأساسية لتحقيق التنمية البشرية المنشودة، وبذلك٬ أصبح المغرب يتوفر على نظام جديد يتأسس على قيم التضامن والعدالة الاجتماعية والإنصاف التي نص عليها الدستور الجديد٬ غايته الرئيسية هي تحسين ظروف عيش ملايين المواطنين٬ تجسيدا للتوجهات السامية لجلالة الملك الداعية إلى دعم الولوج إلى الخدمات الصحية باعتبارها حقا للمواطنين وواجبا على الدولة، وقد استقبلت كافة مكونات المجتمع المغربي لاسيما الفئات المستهدفة هذا النظام بارتياح كبير كونها تعول عليه من أجل إيجاد حلول لمشاكلها الصحية التي لطالما شكلت هاجسا يؤرقها. وموازاة مع إطلاق هذا النظام٬ الذي حظي أيضا بالإشادة من قبل الاتحاد الأوروبي٬ تم التأكيد على ضرورة النهوض بالبنية التحتية الصحية لضمان جودة الخدمات المقدمة بالمستشفيات وتأهيل تجهيزاتها ومرافقها٬ حتى تواكب الأهداف الطموحة لهذا النظام وتستجيب المنظومة الصحية الوطنية بكيفية أنجع لمتطلبات المواطنين، ويستند تعميم هذا النظام٬ الذي كان موضوع تجربة نموذجية انطلقت سنة 2008 بجهة تادلة- أزيلال وحققت نجاحا كبيرا٬ إلى قاعدة المجانية التامة أو الجزئية مقابل الاستفادة من الخدمات الطبية٬ وستستفيد منها حوالي 8,5 ملايين نسمة أي 28 في المئة من ساكنة المملكة. وتتوزع هذه الفئة المستفيدة ما بين 4 ملايين شخص سيستفيدون من المجانية التامة (أي الموجودين في حالة فقر) يضاف إليهم حوالي 160 ألف مستفيد بقوة القانون (أي نزلاء مراكز الرعاية الاجتماعية والمؤسسات السجنية ومكفولو الأمة)٬ و4,5 ملايين شخص سيستفيدون من المجانية النسبية نظرا لوجودهم في وضعية هشاشة. ويوفر هذا النظام الخدمات الصحية مجانا في المراكز الصحية والمستشفيات العمومية والمصالح الصحية التابعة للدولة٬ حيث تشمل هذه الخدمات الطب الاستعجالي وطب الاختصاص والاستشفاء الطبي والجراحي وتتبع ومراقبة الحمل والتوليد والتحاليل البيولوجية والطب الإشعاعي والفحوصات الطبية المصورة المتوفرة٬ فضلا عن الأدوية والمواد الصيدلية المقدمة خلال العلاج والمتوفرة بالمؤسسات الصحية، وبحسب وزارة الصحة٬ فإن الغلاف المالي المخصص لتمويل هذا النظام يقدر ب2,7 مليار درهما سنويا دون احتساب نفقات الأجور والاستثمار وتسيير النظام٬ ويتوزع ما بين ميزانية الدولة (75 في المائة) والجماعات المحلية (6 في المئة) والمستفيدين الموجودين في وضعية هشاشة (19 في المائة). وسيتم إنجاز هذا البرنامج عبر ثلاثة مراحل٬ الأولى يتم فيها على الخصوص تقديم العلاجات بالإمكانيات المتاحة مع وضع آليات الحكامة والتواصل٬ في حين يتم خلال المرحلة الثانية٬ مرحلة الأجرأة٬ تحديد المنشآت الصحية التي يجب إدراجها ضمن أولويات التأهيل٬ وإعادة تنظيم الاستقبال بالمستشفيات٬ ودعم جودة الخدمات الصحية وتعزيز آليات الحكامة والتواصل، وتتمثل المرحلة الثالثة في تحصين المكتسبات٬ حيث سيتم فيها الانكباب على الملاءمة القانونية٬ والاشتغال على آليات التدبير والتنسيق والتمويل٬ وتعبئة الموارد البشرية٬ مع تنظيم خلاق للخدمة الصحية٬ ترتكز أساسا على عرض العلاجات في شموليته٬ وبقطاعيه العام والخاص. اعتماد الطاقات البديلة عرفت صناعة الطاقة الشمسية٬ تطورا متواصلا٬ حيث يمكن أن تتصدر مستقبلا صادرات المنطقة المغاربية نحو باقي بقاع العالم، ويساير المشروع المغربي للطاقة الشمسية التوجه السائد حاليا على المستوى الدولي٬ بالنظر للطلب المتزايد على الطاقة٬ وأيضا لمواجهة التحديات المطروحة بسبب الاحتباس الحراري٬ الشيء الذي يجعل الطاقات المتجددة٬ خاصة الشمسية منها٬ تحظى بالأولوية. وسيصبح المغرب بذلك مرجعا في مجال الطاقة الشمسية وذلك عن طريق الاستجابة للطلب المتزايد على الطاقة٬ وكذلك من خلال استثمار المؤهلات الهامة التي يتوفر عليها فيما يتعلق بالطاقات المتجددة٬ وفي مقدمتها الطاقة الشمسية، وإلى جانب إنتاج الكهرباء٬ فإن المشروع المغربي للطاقة الشمسية يدمج أيضا التكوين٬ والخبرة التقنية٬ والبحث الموجه للتنمية٬ إضافة إلى تطوير صناعة مندمجة مرتبطة بالطاقة الشمسية٬ ومن المحتمل أيضا أن يمتد المشروع ليشمل تحلية مياه البحر، حيث بات المغرب مؤهلا ليصبح قاعدة تجارية بالنسبة للمقاولات الدولية الراغبة في ولوج الأسواق الإفريقية٬ وأسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الخصوص. الرياضة المغربية قاطرة أخرى في سكة التنمية لقد ظل الشأن الرياضي من المحاور الأساسية في البرامج والمخططات الحكومية٬ لاسيما وأن جلالة الملك محمد السادس٬ قرر تحويل الرياضة إلى قطاع استراتيجي يساهم في المسيرة التنموية للمملكة. مع ما تشكله الرياضة من أهمية في حياة الأمة ودورها الفعال في خدمة الوطن والتعريف به في مختلف المحافل الدولية٬ فضلا عن كون جلالته يدرك تمام الإدراك المكانة التي أضحت تحتلها الرياضة باعتبارها رافدا اقتصاديا ومجالا خصبا للاستثمار وخلق مناصب الشغل ومصدر رزق آلاف الأسر دون إغفال الدور الإشعاعي الذي تضطلع به من خلال الإنجازات التي يحققها الأبطال المغاربة في مختلف التظاهرات العالمية. وقد تحولت الرياضة في عهد الملك محمد السادس من مجرد ممارسة ومشاركة في المسابقات والتظاهرات الجهوية والقارية والدولية إلى أوراش ومشاريع تنموية ضخمة٬ وقد تجسدت الرعاية الملكية على وجه الخصوص في إشراف جلالته شخصيا على تدشين أو إعطاء انطلاقة أشغال بناء العديد من المركبات السوسيو- رياضية المندمجة للقرب والحلبات المطاطية لألعاب القوى بغية تطوير القدرات الرياضية لدى الأطفال والشباب٬ ومحاربة الانحراف والهدر المدرسي وتحسين ظروف ممارسة الرياضة وتطوير الأنشطة الرياضية، وعلى مستوى رياضة النخبة٬ شكلت الفترة الأولمبية2008-2012، نقطة تحول هامة في مسار الرياضة الوطنية وخصوصا بعد الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول الرياضة التي احتضنتها مدينة الصخيرات في أكتوبر 2008. فقد حظيت رياضة النخبة بكل اهتمام وسخرت لها جميع الإمكانيات المادية والعملية والتحفيزية لإعدادها في أحسن الظروف وبطريقة علمية حتى تكون في الموعد وتمثل المغرب خير تمثيل في التظاهرات الرياضية الإقليمية والدولية. ولعل من مظاهر الاهتمام والرعاية بالشأن الرياضي حرص الحكومة على تفعيل مضمون الرسالة الملكية من خلال إطلاق البرنامج الخاص بإعداد رياضيي الصفوة لدورة الألعاب الأولمبية لندن 2012، وقد تم لهذا الغرض رصد مبلغ 330 مليون درهم٬ وهو البرنامج الذي استفادت منه في أول الأمر ستة أنواع رياضية (ألعاب القوى والملاكمة والجيدو والتايكواندو وسباق الدراجات والسباحة) قبل أن يتقرر تمديده إلى الدورتين الأولمبيتين المقبلتين 2016 و2020 على ضوء التقرير المنجز سنة 2010 من طرف لجنة المتابعة المشكلة من وزارتي الشباب والرياضة ووزارة الاقتصاد والمالية واللجنة الوطنية الأولمبية ليشمل رياضات قوارب الكياك والرماية بالنبال والمصارعة والبادمنتون ورفع الأثقال والرماية بسلاح الصيد والألعاب الثلاثية ( ترياتلون).