شاءت الأقدار أن يكون عبد الحليم أرحو، واحدا من بين الآلاف المصابين باضطراب التوحد بالمغرب، لكن حالته هاته لم تمنعه من أن يخلق لنفسه تميزا وسط أقرانه، استطاع تطوير مداركه وأن يكون في سن السابع عشر أول طفل مصاب بالتوحد في برلمان الطفل المغربي، كما تفتقت مواهبه ليدخل إلى عالم الصورة والاحتراف من خلال فن الفوتوغرافيا، وإصراره القوي على إخراج إبداعاته إلى الجمهور، في أول معرض له للصور الفوتوغرافيا بتطوان، على هامش اليوم العالمي للتوحد. وافقت نعيمة الأزماني، والدة عبد الحليم، أن تشاطر مع الأمهات المغربيات اللواتي في مثل حالتها وتسرد تجربة ابنها مع اضطراب التوحد. وحكت نعيمة، في حديث مع موقع القناة الثانية، أنها اكتشفت حالة ابنها بعد بلوغه سنة ونصف من عمره، في وقت لم يكن اضطراب التوحد معروفا في نهاية التسعينات من القرن الماضي، مبرزة أنها وجدت صعوبة كبيرة في تشخيص حالته من قبل الأطباء المغاربة. واسترجعت نعيمة شريط الذكريات وتوقفت عند لحظة ولادة ابنها، وروت أن طفلها ولد بصحة جيدة، وفي شهوره الأولى لم تظهر عليه أي علامات تشير تأخره في النمو، إلى غاية استكماله السنة، مضيفة في تصريح خصت به الموقع، بدأ يتضح أن طفلها لا يستطيع التواصل بصريا معها وتثبيت النظر في ما حوله، مشيرة إلى أن مع الوقت تأكد ذلك مع تأخره في الكلام. وبلهجتها الشمالية لم تخف الأم، أن سلوكات طفلها عبد الحليم، أضحت تثير انتباهها متمثلة في غياب تواصله مع باقي أفراد الأسرة، ورغبته في الانطواء في عالمه الخاص، وتوجسه من الزائرين الجدد لبيت العائلة. وتفيد ذات المتحدثة، أنها عرضته على الطبيب، وبعد اضطلاعه على حالته ومعاينته، أكد لها أنه مصاب بالتوحد، ونصحها أن أفضل حل عليها سلكه هو الرعاية النفسية، وتشديده على إدماجه إلى حد أكبر وسط المجتمع من الناحية التربوية. وتحدث نعيمة عن تخوفاتها ومعاناتها في أول يوم لطفلها في روض الأطفال، حيث كان يواجه بالتهميش بسبب جهل المربين التربويين لحالته، لذا قررت عند بلوغه حوالي سن السادسة إلحاقه بمدرسة ابتدائية خاصة، معتبرة أن من الصعب إيجاد مؤسسة تعليمية عمومية تعمل على إدماج هؤلاء الأطفال في أقسامها. "عند وصوله إلى القسم الرابع ابتدائي، بدأ طفلي يعاني مع المدرسة، ويرفض الذهاب إليها"، تقول الأم، وتضيف مسترسلة، "عملت على تشجيعه لمواصلة تعليمه على الأقل حتى يبلغ شهادة الدروس الابتدائية". وتابعت، بعد انقطاع عبد الحليم عن الدراسة، ظهرت لديه ميولات نحو الصورة وشغفه الكبير إلى السينما، لنقرر تسجيله في المركز الثقافي بتطوان للممارسة هوايته المفضلة. تغلبه على مواجهة معيقات اضطراب التوحد، دفع بعبد الحليم أن تتقد شعلة الثقة والطموح عنده في إثبات ذاته وقدراته الدفينة بانخراطه في برلمان الطفل بعد تقديمه لمشروع حول التوحد، وأفصحت الأم في تصريحها لموقع القناة الثانية، أن ابنها يسعى جاهدا في جلسات البرلمان إلى المشاركة في أخذ الكلمة بالرغم من تعثره في الحديث. وفي ختام حديثها عن تجربتها، دعت نعيمة الأزماني، المجتمع المغربي إلى تغيير نظرته حول الأشخاص ذوي التوحد والكف عن وصفهم بالمعاقين، ومعاملتهم بالدونية والتهميش، فهذه الفئة هم أسوياء فقط يجب تقبل الاختلاف والتعامل معه بالأمر الطبيعي.