أدت وفاة طفل بواد لو على يد ممارس غير قانوني لطب الأسنان إلى طفو الصراع بين أطباء وصناع الأسنان مجددا على السطح بعدما كان يخبو تحت غطاء تبادل الطرفين للاتهامات وبعض المحاولات الإصلاحية التي ترمي لخلق مساحة تعايش مشتركة بين القطاعين. وأعادت حادثة وفاة طفل في الثانية عشرة من عمره، الأسبوع الماضي، إثر مضاعفات صحية بعد عملية نزع ضرس قام بها ممارس لمهنة ترميم الأسنان انتحل صفة طبيب أسنان قبل أن يفر إلى وجهة غير معروفة، الصراع بين قطاعي طب وصناعة الأسنان إلى الواجهة من جديد، حيث عبرت هيئة أطباء الأسنان الوطنية عن آسفها مما أسمته ب "استمرار الفوضى" بقطاع صناعة وترميم الأسنان، مؤكدة أن عدد الممارسين غير الشرعيين تضاعف في السنوات الأخيرة ضدا على القانون، في حين اعتبرت الفيدرالية الوطنية لجمعيات صانعي ومركبي الأسنان بالمغرب أن الهيئة تمارس "التضييق" على صناع الأسنان في محاولة لإقبار المهنة وترك السوق كاملا لأطباء الأسنان. وتفاعلت هيئة أطباء الأسنان مع قضية طفل واد لو ببلاغ اليوم الاثنين دعت من خلاله السلطات العمومية، وعلى رأسها الحكومة، إلى التدخل العاجل من أجل تقويض نشاط من أسمتهم بالممارسين غير الشرعيين لمهنة صناعة الأسنان. واعتبرت الهيئة هؤلاء متطاولين على مهنة طب الأسنان المنظمة بالقانون رقم 07.05، كما نددت بممارستهم لأعمال تقول الهيئة إنها تدخل في إطار تخصص طب الأسنان، خصوصا عمليات الفحص والتشخيص و أخد القياسات ووضع أو تركيب أطقم الأسنان، وهي العمليات الموكولة حصرا لأطباء الأسنان، ولا يجوز مزاولتها إلا من قبل شخص حاصل على الدكتوراه في طب الأسنان مقيد في جدول هيئة أطباء الأسنان الوطنية، و بطلب و تحت إشراف طبيب الأسنان ووفقا للقياسات والإرشادات و التفاصيل الذي يحددها هذا الأخير. ونادت الهيئة السلطات المعنية إلى ضرورة التحرك لإغلاق ما وصفته ب "الأوكار العشوائية" مع متابعة كل منتحل صفة يمارس مهنة طب الأسنان و كذا مراقبة تجاوزات و خروقات بعض صناع رمامات الأسنان. من جهتها، تبرأت الفيدرالية الوطنية لجمعيات صانعي ومركبي الأسنان بالمغرب من الشخص الذي قام بخلع ضرس الطفل ما تسبب في وفاته بعد 24 ساعة إثر فقدانه كمية كبيرة من الدم وإصابته بتسمم، حيث نفى كاتبها العام حسن العسري في اتصال مع موقع القناة الثانية أن يكون المسؤول عن هذا الفعل منضويا في صفوف الفيدرالية، مشيرا إلى أن المهنيين بدورهم يشنون معركة ضد العشوائية والمتطفلين الذين يسيئون لمهنة صانع ومرمم الأسنان والذين يمكن أن تهدد ممارساتهم سلامة المواطنين وصحتهم. وتابع العسري أنه في الوقت الذي توقفت فيه مسطرة إخراج القانون رقم 25.14 المتعلق بمزاولة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية، وبينهم مصنعو ومرممو الأسنان، فإن الفيدرالية أخذت على عاتقها مسؤولية التنظيم الذاتي وجزر المخالفات وسد الباب أمام المتطفلين، كما أنها تحرص على ضرورة التكوين المستمر لصانعي الأسنان الجدد كما القدماء الذين زاولوا المهنة لسنوات طويلة. وبخصوص العلاقة مع أطباء الأسنان، شدد المتحدث على أن بعض أطباء الأسنان يستغلون بعض الحوادث من قبيل حادثة واد لو للهجوم على مهنيي صناعة وترميم الأسنان وشيطنة نشاطهم بغية "إعدام القطاع" لتخلو الساحة لهم وحدهم، على حد تعبيره. وأضاف العسري أن هناك عشرات الآلاف من صناع الأسنان الذين زاولوا المهنة لسنوات واكتسبوا خبرة كبيرة، وبالتالي فلا يمكن السماح ب "إقبار" المهنة وتشريد مئات الأسر في لمح البصر. ودعا بالمقابل إلى ضرورة اعتماد منهجية تشاركية بين مهنيي القطاعين لتجاوز الخلافات في انتظار الفيصل المتمثل في القانون الذي سينظم عمل الجهتين وحدود اشتغال كل واحدة منهما.