مقرب من رئيس مجلس النواب ل"گود": التمثيل النسبي والدستور كيعطي الحق للاتحاد الاشتراكي لرئاسة لجنة العدل والتشريع    هذه مخرجات اجتماع برلماني مع الوزير ميراوي بشأن أزمة طلبة الطب    المغرب داير اتفاقيات مع روسيا وضد الحصار اللي باغي يديرو عليها الغرب. ها اش وقع معانا    ها أول تعليق رسمي ديال إيران على "الهجوم الإسرائيلي"    أنگولا ربحو مصر وتأهلو لفينال كوب دافريك للفوتسال        دركي يطلق الرصاص على كلب لإنقاذ قاصر مختطفة    بسبب خريطة المغرب.. سلطات الجزائر تحتجز بعثة نهضة بركان بمطار بومدين (صور)    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في صيانة محركات الطائرات    مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    نشرة إنذارية.. أمطار ورياح قوية غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    الوكيل العام يثبت جريمة الاتجار بالبشر في ملف التازي وينفي التحامل ضده    وزارة الصحة تكشف عن حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    اليونسكو ضيف شرف الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة    الجزائر تبرر طرد صحافي بمواقف جون أفريك    حماية المعطيات الشخصية تذكر بشروط تثبيت كاميرات المراقبة في أماكن العمل    وفاة قنصل مغربي في هولندا والسلطات المغربية تسارع اجراءات نقل جثمانه    مجلس النواب يعقد جلسة لاستكمال هياكله    موعد الجولة ال27 من البطولة ومؤجل الكأس    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    قرار جديد لوزارة الصحة يرفع سعر دواء للسرطان بنحو 973 درهم    "إعلان الرباط" يدعو إلى تحسين إدارة تدفقات الهجرة بإفريقيا    السجن المحلي الجديدة 2 ترد على ادعاءات سجين سابق تقول ب "تجويع السجناء"    طوق أمني حول قنصلية إيران في باريس    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني عن 81 عاما    سيول: راغبون في مشاركة المغرب بالقمة الكورية الإفريقية الأولى    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    سفيرة المغرب بإسبانيا تتحدث عن سبب تأخر فتح الجمارك بباب سبتة    قبل مونديال 2030.. الشركات البرتغالية تتطلع إلى تعزيز حضورها في السوق المغربية    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناظور...سلسلة الحوارات مع المبدعين : ضيفُ حلقة هذا الأسبُوع الأديبُ الليبيُّ : خالد خميس السَّحاتي
نشر في أريفينو يوم 11 - 08 - 2022


أسماءٌ وأسئلةٌ: إعداد وتقديم: رضوان بن شيكار
تقفُ هذه السِّلسلة من الحوارات كُلَّ أُسبُوعٍ مع مُبْدعٍ أو فنَّانٍ أو فاعلٍ في إحدى المجالات الحيويَّة في أسئلةٍ سريعةٍ ومُقتضبةٍ حول انشغالاته وجديد إنتاجه، وبعض الجوانب المُتعلِّقة بشخصيَّته وعوالمه الخاصَّة.
ضيفُ حلقة هذا الأسبُوع الأديبُ الليبيُّ : خالد خميس السَّحاتي
1. كيف تُعرِّفُ نفسك في سطرين؟
خالد خميس السَّحاتي: كاتبٌ وباحثٌ وقاصٌّ ليبيٌّ، أكتُبُ القصَّة القصيرة والأُقصُوصة، والمقالات والدِّراسات الأدبيَّة والثقافيَّة، إلى جانب أعمالي المُتعلِّقة بمجال التَّخصُّص (العلُوم السِّياسيَّة)، ومنها مقالاتٌ ودراساتٌ وكُتُبٌ.. وغيرها..
2.ماذا تقرأُ الآن؟. وما هُو أجْملُ كتابٍ قرأتهُ؟
أعْكفُ حاليّاً على قراءة كتاب: "الثقافة العربية في القرن العشرين"، وهو كتاب موسوعي مهم، يكتب تاريخا للثقافة العربية خلال مائة سنة، (سنوات القرن العشرين)، في كافة فروعها: الفكر، العلوم الإنسانية والاجتماعية، اللغة، العلوم، الآداب، الفنون.. وقد قُسِّم إلى قسمين: الأوَّلُ منهُما: الحصيلة الفكرية، والثاني: الحصيلة الأدبية والفنية، وقد تضمَّن الكتابُ 198 مقالة، شارك في إعدادها ثلاثة وستُّون باحثاً، وهُو من تحرير: د.عبد الإله بلقزيز وأ/محمد جمال باروت، منشُورات مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، عام 2011م.. أما أجمل كتاب قرأته: فأتصور أن هذا الوصف لا ينطبق على كتاب واحد، بل ربما في كل مرحلة زمنية يجد القارئ أنه قرأ كتابا متميزا في مجاله، يمكن أن يصفه بأنه أجمل كتاب، ولذلك يحضرني الآن من قائمة الكتب المتميزة في الأدب: كتاب (فن الرواية) لكولن ولسون، ترجمة: محمد درويش، (الدار العربية للعلوم ناشرون ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم،2008)، وكتاب: القصة تطورا وتمردا، ليوسف الشاروني، (الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2010)، وكتاب: أطلس القاهرة الأدبي: مائة عام في شوارع القاهرة، لسامية محرز، (دار الشروق2012م).
3.متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكْتُبُ؟
* شَرَعْتُ فِي كِتَابَةِ أوَّلِ مُحَاوَلَةٍ قَصَصِيٍّةٍ لي عِنْدَمَا كُنْتُ فِي نِهَايَةِ المَرْحَلَةِ الإعداديَّة تقريباً، كانت تلك عبارةٌ عن مُحاولاتٍ بسيطةٍ في هذا المجال، ووجدتُ أنَّ هذا الأمْرَ مُمْتِعٌ بِالنِّسْبَةِ لِي، فواصلتُ المسير، وكانت كثرةُ القراءة خير مُعينٍ لي على صياغة عوالم قصصي القصيرة.. وقد بدأتُ النَّشر مع مطلع الألفيَّة الجديدة، في بعض الصحف المحلية، ثم واصلت الكتابة القصصيَّة، ونشرتُ أعمالي في عددٍ من الصُّحُف والمجلاَّت والمواقع الإلكترُونيَّة المحلِّيَّة والعربيَّة.. وتمْتدُّ تجربتي في هذا المجال لأكثر منْ عقدين من الزَّمن.. وأنا أكتُبُ انْطلاقاً من إيماني بجدوى الكتابة ومسْؤُوليَّة القَلَمِ.
4.ما هي المدينة التي تسْكُنُك، ويجْتاحُك الحنينُ إلى التَّسكُّع في أزقتها وبين دُرُوبها؟
أحب مدينتي "بنغازي" الرائعة، التي وُلدتُ فيها، وترعْرعتُ، ولا أملُّ أبداً التَّسكُّعَ في شوارعها وأزقَّتها، وبين دُرُوبها، وقد كتبتُ ذات مرَّةٍ عنْها فقُلْتُ: "بنغازي في حنايا القلب"، "عشت في هذه المدينة الرائعة، ودرست في مدارسها، ولعبت في شوارعها، تفاصيل هذه الحياة تمر كلها الآن، كشريط سينمائي متتابع الأحداث دون توقف، مشاهد متلاحقة، مدرستي الابتدائية، أول يوم في الدراسة، حقيبتي الجلدية، الفصول، المعلمات، ولعبنا الطفولي في فناء المدرسة، يالله كيف مرت تلك السنون بسرعة؟.. كانت أحلامنا وردية، وأرواحنا عذبة نقية، هنا في بنغازي، ذكريات لا تنتهي، وأتذكر بيت أبي القاسم الشابي:
وتمر أيام الحياة بنا كأسراب الطيور وترفرف الأفراح فوق رؤوسنا أنى نسير.
5.هل أنت راضٍ على إنتاجاتك؟ وما هي أعمالك المُقبلة؟
الكاتب الجيد دائما يطمح إلى الأفضل، ويسعى جاهدا إلى تحقيق أهم أهدافه أو مشاريعه في مجال الكتابة، متوكلا على الله عز وجل، متخذا من القلم وسيلة لإحداث التغيير الإيجابي في المجتمع، وتحقيق التنمية والتطور المنشود.. أما عملي المقبل فهو مجموعة قصصية أعمل عليها الآن إن شاء الله.
6. متَّى ستُحْرِقُ أوْراقك الإبداعيَّة بشكْلٍ نِهَائيٍّ وتعتزل الكتابة؟
أتمنَّى ألاَّ يحْدثَ هذا يا صديقي، فكما أخبرْتُك بأنَّ صاحب القلم لابُدَّ أنْ يتَّخذ من قلمه وسيلة لإحداث التغيير الإيجابيِّ في مُجتمعه، أمَّا العُزلة والاعتزال فهُما ليسا حلاًّ أبداً لمُواجهة تحدِّيات العصر الرَّاهن الذي نعيشُهُ، فالإبداعُ لا ينتهي مادام هُناك قُدْرة عليه لدى المُبدع.. يقُولُ المُفكر الراحل محمُود أمين العالم: "إنَّ الإنسان يُحقِّقُ ذاته فعْلاً عندما يُضيفُ شيئاً إلى الموجُود، فالإنسانُ كائنٌ مُبْدعٌ لابُدَّ أنْ يبحث دوماً عن الجديد، وعن إضافةٍ فعْليَّةٍ".
7.ما هُو العملُ الذي تمنيت أنْ تكُون كاتبهُ؟ وهل لك طُقُوسٌ خاصَّة للكتابة؟
لا أتذكَّرُ الآن عملاً مُحدَّداً، فأنا أُحِبُّ كُلَّ عملٍ جميلٍ ورصينٍ، سواءٌ كان في المجال الأدبيِّ أو العلميِّ أو غيرهما، من المجالات التي أهتمُّ بها، وأفرح كثيرا لكل زميل يقدم –في مجالهءعملاً من هذا النَّوع.. أمَّا عن طُقُوس الكتابة بالنٍّسْبة لِي: فلا تُوجدُ لديَّ طُقُوسٌ مُعيَّنةٌ، أُفضِّلُ دائماً أن أكتُبَ في جوٍّ هادئٍ، يُساعدُ على الكتابة، وأُحِبُّ أنْ أرتِّبَ أفْكَارِي بشكْلٍ جيِّدٍ، بذهْنٍ صافٍ، وقلمٍ مُتعطِّشٍ إلى بياض الورقة، يطْمَحُ دائماً أنْ يقتنص اللحظات الهاربة من سَطْوَةِ الزَّمَنِ الشَّرس، وبقايا الذكريات الراسخة، وخُلاصة التَّجارب الإنسانيَّة.
8. هل للمُبدع والمُثقف دوْرٌ فعْليٌّ ومُؤثِّرٌ في المنظُومة الاجتماعيَّة التي يعيش فيها ويتفاعلُ معها أم هُو مُجرَّدُ مُغرِّدٍ خارج السِّرْب؟
نعم بالتأكيد، للمُبدع والمُثقف دورٌ مُهمٌّ ومُؤثِّرٌ في المُجتمع الذي يعيشُ فيه؛ لابد أنْ يكُون المُبدعُ قريباً من مُجتمعه، قريباً من الناس، يعرفُ واقعهُم، ويُعبِّرُ عن قضاياهُم، ولا يتحدَّثُ إليهم من بُرْجٍ عاجيٍّ، فالأديبُ لابُدَّ أنْ يحمل إبداعُهُ رسالةً ساميةً، ترتكزُ على نشر قيم المحبَّة والتَّسامُح والسَّلام..، وتُعبِّرُ عن هُمُوم المُجتمع وهواجس النَّاس.. وكما يرى جان سارتر فإنَّ: "الأديب المُلتزم هُو ضميرُ مُجتمعه وناصحهُ الأمين".
9. ماذا يعني لك العيشُ في عُزْلةٍ إجْباريَّةٍ ورُبَّما حُرِّيَّة أقل؟ وهل العُزلة قيدٌ أم حُرِّيَّة بالنِّسبة للكاتب؟
العُزلةُ في نظري تُشكِّلُ قيداً على الكاتب؛ لأنَّ هذا الأخير لا يستطيعُ أنْ يُبْدع بدُون تحرُّرٍ منْ قيُود العُزلة، الكتابةُ بوْحٌ، وتجلٍّ في فضاأت الإبداع الفسيحة، ولهذا فإنَّهُ من البديهيِّ ألاَّ يكُون هُناك إبداعٌ في ظلِّ أجواء العُزْلة والانزواء والقيُود..
10.شخصيَّةٌ في الماضي ترغبُ لقاءَهَا؟ ولماذا؟
العلاَّمةُ ابنُ خلدُون، وهُو العالمُ الموسُوعيُّ المُسلمُ، مُتعدِّدُ المعارف والعلُوم، رائدٌ مُجدِّدٌ في العديد من العلُوم..، سيرتُهُ ومسيرتُهُ مُلْهمةٌ لذوي الألباب والهمم العالية، حيثُ يرى المؤرخ البريطاني توينبي: "أنّ تفوّق ابن خلدون ظهر بشكل كبير في مقدمته المشهورة فيما يظهر لقارئها من عُمْقٍ في البحث، وقُوَّةٍ في التفكير، لا سيِّما أنَّهُ استطاع أنْ يكْتُب عن علم العُمْران البشريِّ..".
11. ماذا كُنْت ستُغيِّرُ في حياتك لوْ أُتيحت لك فُرْصةُ البدْء منْ جديدٍ؟ ولماذا؟
البدايات الجديدة يا صديقي دائما تفيدنا في أن نتعلم من أخطائنا، والتجارب فائدتها أنها تزيدنا نضجا، فنحسن التعامل مع الحياة، ونحافظ على الوقت، وهو أثمن ما يملك الإنسان، ولا نكرر نفس الأخطاء مرة أخرى..
12. ماذا يبقى حين نفقدُ الأشياء؟ الذكرياتُ أم الفراغ؟
يا الله ما أقسى "الفقد" يا صديقي، حين نفقدُ الأشخاص والأشياء العزيزة على قُلُوبنا تنفطرُ أرواحُنا، وتتقطَّعُ قُلُوبُنا، ما أقسى لوعة الفقد، ومرارة الحرمان ممَّا نُحبُّ، وعندما تتُوقُ قُلُوبُنا بألمها وحسرتها وحُرْقتها إلى إطلالةٍ نحو الأمل والغد، تقفُ في مُواجهة الذِّكريات وجهاً لوَجْهٍ.. دُون هوادةٍ.. كُل لحظةٍ مضت، بمثابة فتحٍ لجُرْحٍ غائرٍ.. كيف لهُ أنْ يلتئم؟.. مع وميض الذكريات المُتوهِّج دائماً.. ورغم ذلك تظلُّ الذكرياتُ خير مُؤنسٍ لنا عندما نتذكَّرُ منْ فقدناهُم، فنبحثُ عن الصَّبْر والتَّجلُّد.
13. صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثنا عن مجموعتك القصصية «شواطئ الغُربة». كيف كُتبتْ؟ وفي أيِّ ظرفٍ؟
فيما يتعلَّقُ بمصادر استلهام قصصي القصيرة، فَهِيَ مُتعدِّدةٌ، منها مثلاً: دُرُوسُ الحياة وتجاربها، والواقعُ المُعاش ذاته بكُلِّ تناقُضاته، وكذلك التَّجربة الإنسانيَّة للكاتب، كُلُّ ذلك يُمكنُ أنْ يُشكِّلُ مخزُوناً هَائِلاً وثريّاً، تَغْتَنِي بِهِ المادَّةُ القصصيَّة بشَكْلٍ كَبِيرٍ. أَيْ أَنَّ الكِتَابَةَ أَتَتْ مِنْ تَفَاعُلِ عِدَّةِ عَنَاصِرَ مُتَشَابِكَةٍ مَعَ بَعْضِهَا البعض، أَبْرَزُهَا: حُبُّ القِرَاءَةِ والاطِّلاَعِ، وَالإِقْبَالُ عَلَى الحَيَاةِ بِتَفَاؤُلٍ، وَالتَّعْوِيلِ عَلَى جَدْوَى فِعْلِ الكِتَابَةِ ومسؤُوليَّةِ القَلَمِ، فجمالُ الحياة وبهجتُها يُمْكِنُ أن نعكسهُ في الإبداع القصصيِّ، فتكُونُ تلك العوالم القصصيَّة باذخةٌ بروعة الحياة، ومُدهشة بملامح تفاصيلها.
مجمُوعة "شواطئ الغُربة" القصصيَّة تتضمَّنُ أعمالا تَحْتَفِي بالغُرْبَةِ، بل تتخذُ منها عُنواناً عريضاً لها، تتسللُ تلك الغُربة بين ثنايا هذه المجمُوعة، وأجدُني دُون أن أشعُر أكتُبُ بقلمٍ يتلمَّسُ ملامح الغُربة في كُلِّ شيءٍ، يُلاحقُها بنهمٍ بالغٍ، يتربَّصُ بها الدَّوائر، ثمَّ يسكُبُها بتُؤدةٍ أحيانا، ودُفعةً واحدةً على عجلٍ أحْيَاناً أخْرَى فِي قَوَالبَ سَرْدِيَّةٍ مُنوَّعةٍ. يجمعُ نُصُوص هذه المجمُوعة همٌّ واحدٌ، أو هُمُومٌ مُشتركةٌ، تدُورُ حول الغُربة والتشرذُم والتشظِّي.. تُعبِّرُ نُصُوصُ هذه المجْمُوعة عنْ خلجات نفسي ومكنُونات قلمي في أوقاتٍ مُتبايِّنةٍ، وأماكن مُختلفة، ومراحل مُتباعدة، لكُلٍّ منها ظُرُوفُها ومُعطياتُها، وانعكاساتُها المُتمايِّزةُ على قلمي، ومُحاولاتي في مجال السَّرد القَصَصِيِّ على وجه التحديد. بالتأكيد هي مُحاولاتٌ، بدأتُها مُنذُ عقدين من الزَّمن، وشاء اللهُ عزَّ وجلَّ أنْ يُنْشَرَ هَذَا العَمَلُ، ويَرَى النُّورَ بَعْدَ كُلِّ هذا الوقت في يناير 2019، عن المكتب العربي للمعارف بالقاهرة، وذلك لعوامل عديدة، منها: أنَّني مُقلٌّ في كتاباتي القصصيَّة، وكُنتُ أنتظرُ باستمرارٍ أنْ تنضج تلك المُحاولاتُ، وتسير على الطريق الصَّحيح في عالم الإبداع القصصيِّ... وما حدث أنَّني قرَّرْتُ أنْ أجمع شتات ما كتبتُ في هذا الفنِّ بين دفتي كتابٍ واحدٍ، لأن الوقت قد حان لذلك.
14. ما جدوى هذه الكتابات الإبداعيَّة؟، وما علاقتُها بالواقع الذي نعيشُهُ؟، وهل يحتاجُ الإنسانُ إلى الكتابات الإبداعيَّة ليسْكُن الأرض؟
"الواقعُ" هُو الرَّاهِنُ الذي نعيشُ فيه، ونشهدُ مُجرياته وأحداثه، والكاتبُ قد يستمدُّ أفكار أعماله الإبداعيَّة من هذا الواقع، وقد تكُونُ مُستخْرَجَةً مِنْ صميم النَّفس البشريَّة، أو من رحم المُعاناة والتَّجارب الإنسانيَّة المُخْتلفة، وقد تكُونُ مُعْتَمِدَةً على الخيال الحيِّ والخصب للكاتب. ولكنَّ الإبداعءبشكل عامء والأدبءبشكل خاصء يُفْترضُ ألاَّ يُقدِّمُ الواقع بشكْلٍ مُباشرٍ كما هُو عليه، وإنَّما يَعْملُ على تقديم رُؤْيةٍ عميقةٍ لهذا الواقع، (عبر قالبٍ إبداعيٍّ مُعيَّنٍ، قصة قصيرة، أقصُوصة، شعر، رواية..إلخ)، وإعادة قراءته بطُرُقٍ مُخْتلفةٍ، ومن زوايا مُتعدِّدة.. ومن هُنا نُدْرك جدوى الكتابات الإبداعيَّة في حياتنا، منْ كونها تُقدِّمُ رُؤية عميقة للواقع المُعاش، وربما تحاول تصوير ذلك الواقع من زوايا متعددة، أو تقترح حلولا لبعض الإشكاليات، أو توثيقا لبعض الأحداث، ورصدا دقيقا وجماليا لبعض القضايا المهمة، وهنا نذكر مثلا: أدباء "القضية الفلسطينية"، وكيف تناولوها في أعمالهم الإبداعية كمحمود درويش وسميح قاسم، وغسان كنفاني، وجبرا إبراهيم جبرا..، فكان الإبداع الأدبي بمثابة تعبير عن محطات مهمة في تاريخ تلك القضية، والوقوف على قضايا محورية في إطارها، كالتهجير والاحتلال، وتدمير البنية الاجتماعية، وغير ذلك.
15.هل يعيشُ الوطنُ داخل المُبدع المُغترب أمْ يعيشُ هُو بأحلامه داخل وطنه؟
رُبَّما الاثنين معاً، فالأوطانُ تسْكُنُنا قبْل أن نسْكُنَهَا، تقْبعُ في دواخلنا وأرواحنا بشدَّةٍ، ونأخُذها معنا أينما رحلنا عنها، وفي داخل الأوطان نعيشُ بأحلامنا فيها، نطمحُ إلى الأفضل، نتُوقُ إلى الأجْمل دائماً، إنَّها قصَّةُ عشْقٍ وتعلُّقٍ جُبِلَتْ عليها المُهجُ والأرْواحُ.
16. كيف ترى تجربة النشر في مواقع التَّواصُل الاجتماعيِّ؟
في الحقيقة وفَّرت هذه المواقعُ مساحاتٍ وفضاأتٍ هائلة للنَّشْر والتَّواصُل عبر العالم لكافَّة المُبْدعين، في كُلِّ صُنُوف الإبْداع الإنسانيِّ، وهذه منْ أبرز إيجابيَّاتها، النَّشْرُ السَّريعُ، والتَّواصُلُ السَّريعُ أيْضاً، والبثُّ التَّفاعُلِيُّ عبْر وسائل الإعلام المُختلفة..، ولكنَّ الجانب السَّلْبيًّ في تصوُّري هُو أنَّها منحت ذات الفُرْصة للجميع، وبالتَّالي، نجدُ في تلك المواقع الغثَّ والسَّمين، الجيِّدَ والسَّيِّءَ، غَيْرَ أنَّ العمل الجيِّد دائماً يفرضُ نفْسَهُ، ويظلُّ راسخاً وقويّاً، عند القُرَّاء والمُتابعين، وعند النُّقَّاد والمُتخصِّصين.. "فأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ". صَدَقَ اللهُ العَظِيمُ.
17.أجملُ وأسْوءُ ذكرى في حياتك؟
إنَّ كُلَّ لحْظَةِ يُحَقِّقُ الإنسانُ فيها أهْدافَهُ وأمَانِيهِ، ويحصِدُ ثِمَارَ تَعَبِهِ تُمثلُ بالنِّسْبة لهُء ذكرى جميلةً في حياته بالتأكيد.. أما أسوأ ذكرى فإنها يوم وفاة والدي رحمة الله عليه، كان صباحا خريفيا حزينا لا أنساه أبدا، رحل والدي دون وداع، كان لديَّ الكثيرُ ممَّا كُنْتُ أُريدُ أنْ أُخْبرهُ به وحْدَهُ، لكنَّ إرادة الله تعالى نافذةٌ لا محالة، وسيظلُّ ذلك اليومُ بكُلِّ تفاصيله ذكرى حزينة محْفُورةٌ في الذاكرة، لا تُنْسَى أبداً.
18. كلمة أخيرة أو شيء ترغبُ الحديث عنهُ؟
شُكْراً جزيلاً لك صديقي الرَّائع على هذا الحِوَارِ المُمْتع، والرَّصِينِ، لقدْ سعدتُ بهذه المساحة الجميلة، أُكرِّرُ شُكْري وتقديري لك، مع خالص أُمنياتي بدوام التَّوفيق والسَّداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.