الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة 1. الرئيسية 2. آراء تحالف الفوضى.. تقاطع السلوك الجزائريوالإيراني في محيطيهما الإقليمي والقاري رقيق ميلود الأحد 13 أبريل 2025 - 23:19 في المشهد الجيوسياسي المتغير، يصعب تجاهل أوجه التشابه الصارخة بين سلوك النظام الإيراني في الشرق الأوسط وسلوك النظام الجزائري في شمال إفريقيا والساحل ، و رغم اختلاف السياقات الجغرافية والثقافية، فإن كلا النظامين يعتمدان مقاربة هجومية توسعية قائمة على خلق التوترات وزرع الفوضى كوسيلة لتحقيق النفوذ، لا من خلال التنمية المستدامة أو الدبلوماسية الرشيدة، بل عبر احتضان الفاعلين غير الدوليين من جماعات ارهابية، وتغذية النزاعات المفتعلة، وتخريب استقرار الجوار. إيران، ومنذ قيام نظامها الحالي، جعلت من تصدير الثورة ودعم الميليشيات الطائفية ركيزة لسياستها الخارجية: من لبنان إلى اليمن، مرورًا بالعراق وسوريا، سعت طهران إلى صناعة واقع ميداني يخدم مصالحها، ولو على حساب سيادة الدول واستقرارها حيث لا تترك إيران ساحة إلا وتُدخِل فيها ذراعًا مسلحًا، وتُوظِّف البعد العقائدي غطاءً لمشروعها التوسعي. بالمقابل، تتصرف الجزائر في محيطها الإقليمي والقاري بنفس المنطق، ولكن بواجهة شعارات فارغة ذات بعد قومي و ثوري ،و احتضانها لجبهة البوليساريو، وتمويلها ودعمها لوجستيكياً ودبلوماسيًا لعقود، لا يمكن قراءته إلا في إطار سياسة منهجية لتفكيك وحدة دولة جارة، وعرقلة أي مشروع اندماج مغاربي حقيقي، و الجزائر لا تكتفي بالدعم، بل تبني خطابًا دعائيًا كاملاً يشرعن التدخل في قضايا لا تعنيها إلا من زاوية العرقلة و إخفاء كل معالم الفشل الدبلوماسي و الاقتصادي لنظام الجزائر. كلا النظامين يعانيان داخليًا من هشاشة شرعية، ويبحثان عن تصدير الأزمات لتفادي الانفجار الداخلي، ولهذا، يتقاطعان في تبني خطاب مزدوج: يدّعي الدفاع عن قضايا "تحرر الشعوب" بينما يمارسان أبشع أشكال القمع ضد كل صوت معارض في الداخل. الفارق الوحيد هو أن إيران توظف الدين الطائفي، بينما توظف الجزائر سردية التحرر والثورة، وكلاهما انتهى إلى نفس النتيجة: سلطوية مغلقة تسعى للهيمنة على محيطها عبر آليات غير مشروعة. إن ما يجمع النظامين ليس فقط الدعم للمليشيات والكيانات الانفصالية، بل أيضًا العداء المتواصل لأي مشروع تكامل إقليمي، ورفض أي مسار ديمقراطي حقيقي في محيطهما و كلاهما يُفضّل الفوضى المُسيطَر عليها على الاستقرار التعددي، ويعتبر أي مشروع إصلاحي خطرًا وجوديًا. في النهاية، لا يمكن فهم سرّ التقارب بين الجزائروإيران إلا في ضوء هذه العقيدة المشتركة: عقيدة الفوضى كأداة نفوذ، والتحالف مع اللاشرعية كخيار استراتيجي. فاعل سياسي و مهتم بمجال الدبلوماسية الشعبية