ازدادت المطالب بالمغرب باعتماد استراتيجية للوقاية من حرائق الواحات، خاصة بعد تسجيل عدة حرائق جنوب شرق البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية. ويدق ناشطون وفلاحون ناقوس الخطر بسبب تكرار اندلاع الحرائق بالواحات، بالنظر إلى تعدد الأسباب مثل ارتفاع الحرارة والتقلبات المناخية.
حرائق الواحات في الآونة الأخيرة، تعرضت بعض واحات النخيل بالمغرب لحرائق جراء تغير المناخ، ما حدا بمختصين بيئيين للدعوة إلى تفعيل النشاط الزراعي والسكاني لتفادي الآثار المدمرة للجفاف على الواحات التي تبلغ نحو 15 بالمئة من مساحة البلاد، وفق تقديرات غير رسمية. واندلع آخر تلك الحرائق في 3 يونيو في واحة "أكادير الهنا" بإقليم طاطا، ما أدى إلى تضرر وإتلاف هكتارات من الأراضي المزروعة بالأشجار، فيما ساهمت الرياح القوية بامتداد النيران إلى مساحات واسعة. كما شهدت بعض الواحات حرائق خلال ماي، مثل واحة أكلز الواقعة بإقليمتزنيت، وواحة فم الحصن بإقليم طاطا وواحة الدويرة إقليمالرشيدية، وواحة تاغجيجت بإقليمكلميم مخلفة خسائر جسيمة في أشجار النخيل وممتلكات الفلاحين، وسط تخوفات من استفحال الظاهرة. الباحث الأكاديمي المغربي المتخصص في البيئة والتغيرات المناخية شكيل عالم قال إن هجرة كثير من سكان الواحات أثر علي هذه المناطق تأثيرا سلبيا. واعتبر عالم أن "مكوث السكان بالواحة في أوقات سابقة، كان يساهم في تنقيتها من الجريد اليابس، مما كان يجعل إمكانية اندلاع الحرائق ضئيلة جدا". وانتقد الباحث إهمال الواحات القديمة في حين تم تشييد مناطق لغرس نخيل جديدة وإعطائها اهتمام أكثر، معتبرا أن "إهمال الواحات القديمة جعل مسألة اندلاع الحرائق قائمة". ودعا إلى الاهتمام بالواحات القديمة، من أجل الحفاظ على بقائها، معتبرا أن حرائق الواحات ليست ظاهرة طبيعية بل لها أسباب أخرى. وأكد الباحث المغربي ضرورة اعتماد التكنولوجية الحديثة وطائرات الكنادير (طائرات مخصصة في إطفاء الحرائق) في إطفاء حرائق الواحات. واستدرك قائلا: "رغم ذلك، يجب اعتماد الوقاية بالواحات من أجل تجنب الحرائق". وأوضح أن الوقاية تشمل توعية المواطنين القاطنين بالواحات بخطورة الحرائق، بالإضافة إلى تنقية الواحات لأن ذلك يساهم في إعادة إحيائها. تهديد حقيقي للبيئة والاقتصاد البرلمانية عن حزب "التجمع الوطني للأحرار" نادية بوعيدا، حذّرت من الحرائق المتكررة التي يشهدها جنوب شرق للبلاد، ووجهت رسالة إلى وزير الفلاحة أحمد البواري، ماي الماضي، طالبت فيها بفتح تحقيق معمق حول هذه الحرائق. وأعربت بوعيدا عن "قلقها إزاء هذه الحرائق التي أتت على مساحات شاسعة من الأشجار والنباتات، بواحة تاغجيجت وتسببت في أضرار فادحة للسكان المحليين، وهددت الثروة الغابية والإنتاج الفلاحي". وأكدت أن تكرار هذه الحرائق أصبح يشكل تهديدا حقيقيا للبيئة والاقتصاد المحلي، "مما يستدعي اتخاذ تدابير فعالة ومستدامة للحد من هذه الظاهرة". ووفق تقرير للمعهد المغربي لتحليل السياسات، فإن "الواحات تغطي 15 بالمئة من مجموع مساحة البلاد، ويقدر عدد سكانها بنحو مليوني نسمة"، أي ما يعادل 5 بالمئة من مجموع سكان البلاد. وفي 16 ماي الماضي أعلنت السلطات تخصيص نحو 17 مليون دولار لتعزيز جهود مكافحة حرائق الغابات خلال صيف 2025. وأوضح مدير عام وكالة الوطنية للمياه والغابات عبد الرحيم هومي، في بيان سابق، أن عدد حرائق الغابات المسجلة خلال عام 2024 بلغ 382 حريقا، مسجلا تراجعا بنسبة 82 بالمئة مقارنة بعام 2023. والتهمت الحرائق العام الماضي حوالي 874 هكتارا، وتشكل الأعشاب الثانوية والنباتات الموسمية نحو 45 بالمئة من المساحات المتضررة، وفق ذات المصدر. وتغطي الغابات نحو 12 بالمئة من مساحة البلاد، وتتعرض سنويا لحرائق تتفاوت في شدتها حسب الظروف المناخية والسلوك البشري.