1. الرئيسية 2. المغرب فضيحة تهز جامعة ابن زهر بأكادير بعد سقوط أستاذ وقيادي بارز في حزب "الاتحاد الدستوري" يبيع شواهد الماستر ب 25 مليون سنتيم الصحيفة من الرباط الخميس 15 ماي 2025 - 13:39 في واحدة من أضخم قضايا الفساد الجامعي التي يشهدها المغرب في السنوات الأخيرة، اهتزت كلية الحقوق بجامعة ابن زهر بأكادير على وقع فضيحة مدوية بطلها أستاذ جامعي وقيادي بارز في حزب الاتحاد الدستوري، يُدعى أ.ق، تم وضعه رهن الاعتقال بالسجن المحلي الأوداية بمدينة مراكش، على خلفية اتهامه بالاتجار في الشهادات الجامعية والسمسرة في مباريات التوظيف. ووفق ما كشفته مصادر جريدة "الأخبار" الورقية، فإن الأبحاث والتحريات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتعليمات من النيابة العامة المختصة لدى محكمة الاستئناف بمراكش، أسفرت عن معطى مالي صادم، يتعلق بما يناهز 8 مليارات سنتيم تم ضبطها في حساب بنكي باسم زوجة الأستاذ المتهم، وهي محامية متمرسة، مما يطرح شبهة قوية بتحصيل تلك المبالغ عبر عمليات ممنهجة لبيع شهادات الماستر والتلاعب ببرامج التكوين الجامعي، إلى جانب "وساطات" في انتقاء أسماء لمناصب داخل الجامعة. وتفجرت خيوط هذه القضية غير المسبوقة صيف سنة 2021، عقب توقيف موثق بارز على خلفية اختلاسه ودائع مالية ضخمة من زبائنه، وأثناء التحقيق معه خصوصا بعدما تم رصد تحويلات مالية غير مفهومة، فجّر قنبلة حين اعترف للمحققين بأنه حصل على شهادة ماستر من المشتبه فيه أ.ق مقابل 25 مليون سنتيم، دون أن يحضر أي حصة دراسية، ودون اجتياز مباراة ولوج، في خرق صارخ للضوابط الجامعية. وهذا الاعتراف فتح الباب أمام سلسلة من التحقيقات قادتها عناصر الفرقة الوطنية، لتكتشف معها شبكة معقدة تضم محامين، وأساتذة جامعيين، وموظفين إداريين، تورطوا في منح الشهادات العليا لأشخاص لم تطأ أقدامهم مدرجات الجامعة، مقابل مبالغ مالية ضخمة. من جهة ثانية، وبعد استكمال التحقيقات التمهيدية، قرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش إحالة المشتبه فيه على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، والذي أصدر أمرا بإيداعه السجن ومتابعته في حالة اعتقال، بينما قرر وضع ستة متهمين آخرين رهن تدابير المراقبة القضائية. ووفق ما أكدته مصادر قريبة من التحقيق ل "الصحيفة"، فإن المتهمون الآخرون إلى حدود الساعة يشملون كل من زوجة الأستاذ، وهي محامية يُشتبه في تورطها في تبييض الأموال، رئيس مصلحة كتابة الضبط بآسفي سابقا بالكلية، نجله المحامي المتمرن، محاميين اثنين، وأستاذ جامعي بنفس الكلية. كما قررت المحكمة سحب جوازات السفر من بعض المشتبه فيهم، وإغلاق الحدود في وجههم، كإجراء احترازي في إطار تتبع الملف الذي لا يزال مفتوحًا على مزيد من التطورات القضائية والسياسية. وما يرفع من منسوب الحرج السياسي في هذه القضية أن المشتبه فيه لا يُعد مجرد أستاذ جامعي، بل هو أيضا قيادي معروف في حزب الاتحاد الدستوري ومنسقه الاقليمي، ما يُلقي بظلال ثقيلة على سمعة الحزب، ويعيد إلى الواجهة سؤال العلاقة بين النفوذ السياسي والمؤسسات الأكاديمية، ومدى تغلغل منطق "الريع المعرفي" في منظومة التكوين العالي. وفي وقت التزم فيه حزب الاتحاد الدستوري الصمت التام بشأن اعتقال أحد أبرز وجوهه الأكاديمية، يتصاعد الجدل في الأوساط السياسية والجامعية حول ما إذا كانت القضية ستمتد لتشمل مسؤولين آخرين داخل الجامعة أو الحزب، كانوا على علم أو صلة غير مباشرة بعمليات التزوير والمتاجرة بالشهادات. ووفق مصادر "الصحيفة"، فإن التحقيقات الأولية لا تشير فقط إلى تلاعبات معزولة في شهادة ماستر أو اثنتين، بل تُلمّح إلى وجود نظام موازٍ داخل الكلية يُدار بعناية من قبل أطراف تتحكم في ملفات التسجيل، والمباريات، والانتقاء، وحتى في توصيات التوظيف، ما يجعل من الملف شبهة فساد إداري ومالي معقّدة، يُحتمل أن تطال مسؤولين في رئاسة الجامعة أو حتى في الوزارة الوصية، إذا ما واصل القضاء تعميق البحث. وفي هذا السياق، كشف مصدر مقرب من التحقيقات ل"الصحيفة" عن معطيات دقيقة تزيد من تعقيد الملف، وتؤكد أن القضية "لا تتعلق بسلوك فردي عابر، بل بشبكة منظمة داخل كلية الحقوق بأكادير، كانت تُدير أنشطة موازية تستغل موقعها الأكاديمي والإداري لبيع شهادات عليا، والتدخل في لوائح التوظيف مقابل مبالغ مالية ضخمة". وأضاف المصدر أن "التحقيقات كشفت عن وجود اختلالات خطيرة في التسجيل ببرامج الماستر، وغياب أي أثر قانوني أو إداري لحضور بعض المستفيدين من الشهادات، مع تواتر إفادات تؤكد حصول عمليات وساطة مالية مباشرة، وهو ما عزز فرضية أن هناك 'ماسترات مفصلة على المقاس' يُلج إليها بناء على الدفع، لا على أساس الكفاءة". وأكد المصدر ذاته أن "العنصر المالي هو الذي فجر المأساة الأخلاقية للمؤسسة الجامعية، بعد أن كشفت التحريات عن تحويلات ضخمة وأرصدة تُقدّر بملايين السنتيمات في حسابات المعنيين بما فيها زوجة الأستاذ المعني، وهي محامية، دون أي تبرير مهني أو ضريبي منطقي، ما يعزز شبهات قوية حول تبييض أموال مستخلصة من نشاط غير قانوني ممنهج امتد لسنوات". وختم المصدر تصريحه بتأكيد أن "ما تم التوصل إليه حتى الآن ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، والتحقيقات ما زالت مفتوحة، وقد تشمل أطرافا إضافية داخل الجامعة أو من محيطها، ممن يُشتبه في علمهم بما يجري أو استفادتهم بشكل مباشر من هذه المنظومة غير المشروعة".