إغلاق مقاهي شهيرة في طنجة إثر عمليات مراقبة مباغتة    ريان إير تعلن عن تعديل جديد يخص أمتعة المسافرين    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تكساس إلى 50 قتيلا بينهم 15 طفلا    خورخي فيلدا : قتالية اللاعبات كانت حاسمة لانتزاع التعادل أمام زامبيا    توقعات طقس الأحد بالمغرب        الملك يهنئ رئيس الرأس الأخضر ويؤكد حرصه على تعزيز التعاون الثنائي    الدوحة تستضيف "حماس" وإسرائيل    الحوثيون يقصفون مطار "بن غوريون" في إسرائيل    الملك يهنئ رئيس القمر بالعيد الوطني    حكيمي يواصل التألق بمونديال الأندية        احتفالات عاشوراء تحول ساحات وشوارع سلا والدار البيضاء إلى مظاهر فوضى واشتباكات مع الأمن(فيديو)        مشروع طرقي ضخم لتحسين الوصول إلى ملعب الحسن الثاني ببنسليمان    باتريس موتسيبي: نسخة المغرب 2024 من كأس إفريقيا للسيدات ستبقى خالدة في الذاكرة    "حزب الله" يرفض التخلي عن السلاح    منتج الكبّار .. تعاونيات تبدع طرقا جديدة للتثمين وأقاليم تتلمّس الطريق    "حزب سانشيز" يمنع أعضاءه من الاستعانة بخدمات بائعات الهوى    احتفالات عاشوراء تتحول إلى ساحة شغب ومواجهات مع القوات العمومية    ميسي يقود إنتر ميامي إلى فوز كبير في عودته إلى الدوري الأميركي    "الطعريجة".. رمز متجذر في احتفالات المغاربة بعاشوراء    المغرب يراهن على مليون سائح صيني بحلول 2030    القمة السابعة عشرة لدول البريكس: تكتل متنامٍ وخيار بديل    المؤسسات والمقاولات العمومية.. زغنون يدعو إلى حوار إستراتيجي بين القطاعين العام والخاص    تخريب شبكة المياه يتسبب في احتمال إغلاق المسبح البلدي بمكناس    في حوار مع الدار.. الخبير الدولي الصيني برنارد سوك: الصحراء أرض مغربية    إشهار ترويجي لشركة المراهنات "1xBet" يُظهر خريطة المغرب مبتورة على القناة الرياضية يثير الجدل (صورة)    القهوة تكشف سرا جديدا.. "إكسير الشباب" يعزز صحة الأمعاء ببكتيريا نافعة    وزارة الشباب تؤكد ضمان صحة وتغذية آلاف المستفيدين من مخيمات الصيف    بومداسة يوقع "إثنوغرافيا الدرازة الوزانية"    الهيمنة المسمومة .. كيف دفعت الصين ثمناً باهضاً للسيطرة على المعادن النادرة    شجار بين سكارى داخل محل خمور يُفجر غضب سكان حي بشارع مولاي الرشيد بطنجة    كارثة رقمية محتملة .. ثغرة خطيرة تهدد آلاف المواقع المغربية    مدينة الحاجب تحتفي بعيد العرش في سهرة فنية بمشاركة Mos Kadiri    مؤشر مازي يسجل ربحا بنسبة 0,94 في المئة    باريس سان جرمان يهزم بايرن ميونيخ ويبلغ نصف نهائي مونديال الأندية رغم النقص العددي    كأس إفريقيا للسيدات (المغرب 2024).. تعادل مثير بين المنتخب المغربي ونظيره الزامبي (2-2)    رفع اللواء الأزرق بميناء مارينا سمير وأربعة شواطئ تابعة لعمالة المضيق-الفنيدق    نداء من أجل تأسيس مجلس مغاربي للثقافة موجه إلى وزراء الثقافة المغاربيين        بيان تضامني مع المعتقلة سعيدة العلمي صادر عن هيئات ومنظمات حقوقية وسياسية في أوروبا الغربية    الوعي الزائف:رسالة إلى امرأة تسكنها الأوهام!    إخلاء طائرة رايان إير في مايوركا بسبب إنذار كاذب وإصابات طفيفة بين الركاب    غويركات يرثي محمد بهضوض.. "الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم"    عبد الله العروي: اسْتِبانَة    "الحرب بوسائل أخرى": رواية عن السلطة والحب والإدمان    السلطات تمنع عروض الهواء الطلق في "الليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان" وتثير استياء المنظمين    الملك يبعث تهنئة إلى الرأس الأخضر    جامعة محمد السادس تشارك في ابتكار جهاز ينتج المياه العذبة من الهواء دون مصدر طاقة خارجي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    الحرارة القاتلة: دعوات عاجلة لحماية عمال البناء والزراعة بالمغرب    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطور العقيدة الأمنية بالمغرب.. من حماية النظام إلى سلامة المواطن (2/2)
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022

الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة
1. الرئيسية
2. آراء
تطور العقيدة الأمنية بالمغرب.. من حماية النظام إلى سلامة المواطن (2/2)
د. محمد شقير
الأثنين 26 ماي 2025 - 16:48
عرفت العقيدة الأمنية في عهد الملك محمد السادس تحولات عميقة، انتقلت من"حماية الملك، والنظام الملكي" إلى إدماج سلامة المواطن في جوهر العقيدة الأمنية للدولة مستندة في ذلك إلى مرتكزات تقوم بالأساس على مفهوم جديد للسلطة وآليات خاصة في المقاربة الأمنية
1 -مرتكزات العقيدة الأمنية في عهد الملك محمد السادس
تمأسست العقيدة الأمنية في عهد الملك محمد السادس على ثلاث مرتكزات أساسية :
* المفهوم الجديد للسلطة
شكل خطاب الملك محمد السادس حول المفهوم الجديد للسلطة أولى لحظات إعادة بناء عمل مؤسسات السلطة العامة في البلاد. وقد تزامن هذا الخطاب مع السنة الأولى لتولي الملك محمد السادس الحكم، حيث بعث رسائل واضحة حول نوايا الملك محمد السادس وتوجهاته السياسية نحو تكريس مفاهيم جديدة تعيد صياغة سلوك السلطة العامة على أساس محدد القرب. وبالتالي فقد شكل هذا الخطاب الملكي مقدمة لتحولات كبرى سوف تشهدها مؤسسات إنفاذ القانون في البلاد، حيث كان لها أثر عميق في تكريس ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز الحريات العامة.. إذ جعل الملك من "مسؤولية السلطة في مختلف مجالاتها هي أن تقوم على حفظ الحريات وصيانة الحقوق وأداء الواجبات وإتاحة الظروف اللازمة لذلك على النحو الذي تقتضيه دولة الحق والقانون".
كما تجسد التصور الذي نادى به الملك محمد السادس في أكتوبر 1999 بالدار البيضاء أمام مجموعة من رجال السلطة ومنتخبين، حول مجموعة من الأفكار تهم بالاساس القطع مع حقبة اتسمت بالإفلات من العقاب والتساهل في تطبيق القانون على الجميع، وتقريب الإدارة من المواطن، وتسخير الموظفين في خدمة المواطن، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة. وقد كان لهذا التصور السياسي للملك تأثير إيجابي كبير على عقلية وردود فعل من كانت ولا تزال على عاتقهم مسؤولية تدبير القطاع الأمني بالمملكة.
* تعزيز الجانب الحقوقي في السلوك الأمني
عمل الملك محمد السادس منذ بداية توليه الحكم على تصفية التركة السياسية الثقيلة التي خلفها أسلوب الملك الحسن الثاني طيلة فترة حكمه التي دامت ما يقارب 38 سنة وخاصة التجاوزات التي كانت تقوم بها الأجهزة الأمنية في مواجهتها لمختلف مكونات المعارضة السياسية التي تمثلت في قوى اليسار بزعامة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ومكونات الحركة الماركسية اللينينية ، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
حيث كانت تلجأ المؤسسة الأمنية في نظام الملك الحسن الثاني إلى مختلف أنواع القمع والتنكيل من تصفيات ، واختطافات ، وإخفاءات قسرية مما خلف عدة انتهاكات حقوقية كانت مثار انتقاد عدة أوساط حقوقية دولية ووطنية. و لمعالجة هذا الوضع ، والتخفيف من هذه الضغوطات الدولية، اتخذ الملك الحسن الثاني في بداية التسعينيات من القرن 20 وفترة نهاية حكمه إجراءات تهم بالأساس إطلاق ما تبقى من معتقلي سجن تازمامارت وهدم بناياته; وإصدار عفو شامل على العديد من المعتقلين السياسيين والمنفيين.
كما عمل على تأسيس مجلس استشاري لحقوق الإنسان ومنح تعويضات للمعتقلين الذين تعرضوا لانتهاكات من طرف الدولة. وقد تابع الملك محمد السادس هذه السياسة وكرسها من خلال تأكيده في أول خطاب للعرش في 30 يوليوز 2000 على مواصلة سياسة تصفية تركة الانتهاكات الجسيمة التي خلفها حكم سلفه، حيث أعلن بهذا الصدد على ما يلي: (...وفي هذا السياق الرامي إلى تركيز دولة الحق والقانون أولينا عناية خاصة لحقوق الانسان وأحدثنا هيئة مستقلة للتحكيم بجانب المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لتعويض الضحايا حرصنا على أن تعمل بكامل العدل والإنصاف والسعي للاستجابة لكل المطالب والطلبات المشروعة والانفتاح على مختلف الحساسيات.
كما أصدرنا تعليماتنا السامية بأن تبذل أشكال التأهيل الطبي والإنساني وإعادة الاعتبار والإدماج الاجتماعي لذوي الحقوق علما من جلالتنا بما للتعويض المعنوي والإنساني من أهمية خاصة في الطي النهائي لهذا الملف غايتنا المثلى تضميد الجراح وفتح صفحة جديدة تكرس فيها كل الطاقات لبناء مستقبل مغرب ديمقراطي وعصري وقوي لمواجهة المشاكل الحقيقية والملموسة لأجياله الصاعدة.. وسيرا على اعتماد الدمقرطة والعقلنة في مسلسل التحديث الشامل لمؤسساتنا فقد قررنا إعادة النظر في الظهير الشريف المنظم للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
كما أننا قد أصدرنا توجيهاتنا السامية بخصوص ما ننتظره من هذا المجلس من مهام جليلة متجددة في العقد الأول للقرن الحادي والعشرين مثلما نهض بوظائفه كاملة خلال العقد الذي نودعه. وسنسهر لهذه الغاية على تجديد تركيبته وكذا اختصاصاته وطريقة عمله خاصة وأن المؤسسات الدولية المختصة بحقوق الإنسان تتطلع لجعل تجربته نموذجا متميزا في هذا المجال.)
ولتجسيد ملامح هذه السياسة ، تم استقطاب مجموعة من المعتقلين السياسيين السابقين، كصلاح الوديع، وأحمد حرزني، وإدريس بنزكري، الذين أشرفوا على تنظيم جلسات لضحايا حقوق الإنسان في مختلف المدن والمناطق التي تعرض سكانها وأبناؤها لهذه الانتهاكات. كما تم تعيين إدريس بنزكري، أحد القياديين السابقين في منظمة إلى الإمام على رأس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ليخلفه بعد وفاته السيد أحمد حرزني الذي كان قد أثار الانتباه، خلال إحدى جلسات الاستماع لبعض ضحايا حقوق الإنسان بأنه لا يعتبر نفسه ضحية من ضحايا نظام الحسن الثاني، بل كان أحد معارضيه.
كما اتخذت عدة مبادرات لإعادة الاعتبار لبعض المناطق التي عانت من التهميش بسبب مواقفها من نظام الحسن الثاني ، كفتح مجموعة من الأوراش الاقتصادية والاجتماعية بالمناطق الشمالية للبلاد، والقيام بزيارات ملكية لبعض المناطق في الأطلس المتوسط . بالإضافة إلى الكشف عن مجموعة من المقابر الجماعية سواء في الناظور أو الدارالبيضاء وغيرها.
وفي هذا السياق أيضا ، عين الملك محمد السادس هيئة الإنصاف والمصالحة التي ترأسها إدريس بنزكري. وكلفت بكشف ماضي انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب من 1956 إلى 1999 ورد الاعتبار للضحايا وجبر الَأضرار وصيانة الذاكرة الوطنية وتحقيق المصالحة المجتمعية الشاملة . وقد رفعت هذه اللجنة تقريرها الختامي للملك في 30 نونبر 2005 الذي تضمن مجموعة من التوصيات تتعلق بالإصلاحات المؤسساتية وباستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب .
وعلى الرغم من بعض التعثرات التي عرفها إصلاح القطاع الأمني بالمغرب، على إثر الأحداث الإرهابية التي عرفتها مدينة الدارالبيضاء في16 ماي 2003، وما ترتب عن ذلك من ملاحقات شابتها العديد من الخروقات، فقد عمل نظام الحكم على مواصلة إصلاح أجهزته الأمنية والاستخباراتية من خلال استبدال مسؤولين عسكريين بمسؤولين مدنيين، حيث تم في هذا الإطار، تعيين ياسين المنصوري على رأس مديرية المستندات والوثائق بعدما كانت طيلة العقود السابقة حكرا على العسكريين كان آخرهم الجنرال عبد الحق القادري الذي ترأس هذا الجهاز لأكثر من 17 سنة، كما عمل نظام الحكم أيضا على استبدال المدراء العامين للأمن الذين كانوا ينتمون إلى فترة تحكم وزير الداخلية السابق إدريس البصري في وزارة الداخلية وما تميزت به هذه الفترة من انتهاكات جسيمة وخروقات أمنية.
وهكذا تم تعيين مجموعة من الشخصيات المدنية كأحمد الميداوى ، وانتهاء بالضريس الذي خلف الجنرال حميد العنيكري الذي لم يعمر طويلا على رأس هذا الجهاز، ليتم بعد ذلك تعيين بوشعيب الرميلي بتزامن مع تعيين حكومة عبد الإلاه بن كيران .
- منح صفة ضابط الشرطة القضائية لضباط مديرية مراقبة التراب الوطني
استطاعت حركة 20 فبراير أن تثير الرأي العام الوطني والدولي بشأن عمل مديرية مراقبة التراب الوطني بتنظيمها مسيرة شعبية نهاية ماي2012 إلى البناية التي تعمل فيها بمنطقة تمارة ، بعدما أثيرت في المغرب ضجة سياسية بشأن قيام عناصر من الأجهزة الأمنية المغربية باستجواب متهمين بتكليف من المخابرات الأميركية، مثل ما جاء في تقرير "ديك مارتي" وهو سيناتور سويسري تكلف بمهمة القيام بالبحث عن المعتقلات السرية التي استعملها المحققون الأميركيون خارج تراب الولايات المتحدة .وقررت الاعتصام أمامها على أساس أنها معتقل سري يعذب فيه المعتقلون، إلا أن قوات الأمن المغربية فرقت هذه المسيرة بالقوة.
وعلى إثر هذه الضغوط، فتحت السلطات المغربية أبواب هذا المكان في وجه الوكيل العام للملك (النائب العام) بالرباط ورؤساء الكتل البرلمانية، وقد نفى الجميع وقتها وجود أي معتقل سري بضواحي مدينة الرباط. وبالموازاة مع ذلك ، قدمت الحكومة مشروع قانون يمنح لضباط ومدير المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، صفة ضباط الشرطة القضائية، حيث تنص المادة 20 من هذا المشروع على أن صفة ضابط الشرطة القضائية يحملها، بالإضافة إلى المدير العام للأمن الوطني (الشرطة) وضباط الدرك الملكي وغيرهم، "المدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني وولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها بهذه الإدارة". وقد تمت المصادقة على هذا المشروع -الذي يأتي في إطار تغيير وتتميم بعض الفصول المتعلقة بقانون المسطرة الجنائية المغربية الشيء جعل هذا الجهاز السري يكتسب شرعية قانونية.
- التكريس الدستوري للمؤسسة الأمنية
بعد الحراك السياسي الذي عرفه المغرب منذ فبراير2011 في إطار الحراك الذي عرفته المنطقة العربية، تمت المصادقة على دستور فاتح يوليوز 2011 الذي أقر مجموعة من الحقوق الفردية الأساسية كالحق في الحياة ، مجرما أي مس بسلامة الشخص الجسدية أو المعنوية، ومحرما أي شكل من أشكال التعذيب الشيء الذي انعكس من خلال الفصول ( 20- 21- 22-23).
بالإضافة إلى ذلك تمت لأول مرة في تاريخ المغرب دسترة المؤسسة الأمنية من خلال (إحداث مجلس أعلى للأمن، بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مؤسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة. ي يرأس الملك هذا المجلس، وله أن يفوض لرئيس الحكومة صلاحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس، على أساس جدول أعمال محدد.
يضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، علاوة على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الوزراء المكلفين بالداخلية، والشؤون الخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الإدارات الأمنية، وضباط سامين بالقوات المسلحة الملكية، وكل شخصية أخرى يعتبر حضورها مفيدا لأشغال المجلس. ويحدد نظام داخلي للمجلس قواعد تنظيمه وتسييره.)
* آليات المقاربة الأمنية في عهد الملك محمد السادس
لتنزيل مرتكزات العقيدة الأمنية التي تبلورت مع تولي الملك محمد السادس الحكم ، تم تبني مقاربة أمنية تستند إلى عدة آليات من بينها :
* التنسيق بين مختلف المصالح والأجهزة الأمنية
منذ تولي الملك محمد السادس الحكم ارتكزت الاستراتيجية الأمنية بالمغرب على ضرورة التنسيق بين المصالح الأمنية خاصة ما يتعلق بالجانب الاستخباراتي . ولهذا الغرض تم التركيز على تعيين شخصية أمنية على رأس المديرية العامة للأمن الوطني وفي نفس الوقت على رأس المديرية العامة لإدارة التراب الوطني . وقد ظهر ذلك جليا في إسناد هاتين المهمتين للجنرال حميدو لعنيكري حيث تم تعيين الجنرال حميدو لعنيكري مديرا عاما للمديرية العامة للأمن الوطني في المغرب بعد أن كان يشغل منصب مديرا عاما للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
وعلى نفس الغرار تم تعيين عبد اللطيف الحموشي على رأس نفس الإدارتين. وقد ظهر هذا الحرص في هذا التعيين المزدوج من خلال ما تضمنه البلاغ الملكي الذي أعقب تعيين السيد عبد اللطيف الحموشي مديرا عاما للأمن الوطني مع احتفاظه بمنصبه كمدير عام لإدارة التراب الوطني من "أن هذا التعيين يندرج في إطار العناية المولوية التي يوليها جلالة الملك لأسرة الأمن الوطني وحرص جلالته على ضمان سلامة وأمن المواطنين.
وبالنظر للحنكة والتجربة التي أبان عنها السيد الحموشي يضيف البلاغ فإن هذا التعيين المولوي السامي في هذه المرحلة يهدف لإعطاء دينامية جديدة للإدارة العامة للأمن وتطوير وعصرنة أساليب عملها لما فيه الوطني. كما أن إشراف السيد الحموشي على المديرتين العامتين للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني لفترة معينة يتوخى ضمان التنسيق التام بينهما والرفع من نجاعة عملهما".
ولعل مضمون هذا الخطاب الملكي يعكس تصورا أمنيا يختلف عن التصور الأمني الذي كان سائدا في عهد الملك الحسن الثاني الذي كان يهتم بالإضافة إلى التنافس بين الأجهزة الاستخباراتية ، على عدم الجمع بين رئاسة إدارة الأمن والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. بينما ترسخت لدى السلطات الأمنية ، خصوصا بعد التفجيرات الإرهابية بالدارالبيضاء، ضرورة أن يتم التنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية المدنية و التحكم في المعلومة السياسية من خلال جمع شخصية أمنية بين المنصبين على الصعيدين العمودي والأفقي.
ووفق هذا التصور يشتغل المكتب المركزي للأبحاث القضائية في تتبع وملاحقة الخلايا الإرهابية . وقد أوضح السيد الشرقاوي حبوب، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، في حديث حصري خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، في استعراض لحصيلة مكافحة المكتب للأنشطة الإرهابية "أن هذه النتائج تعد ثمرة تعاون وثيق وفعال بين مختلف الأجهزة الأمنية الوطنية، مبرزا في هذا الصدد، أن السياسة الأمنية للمغرب تتميز بفعاليتها وبالانسجام بين المؤسسات المعنية. وسجل أن هذه السياسة أثمرت نتائج وإنجازات ملموسة تمثلت في تفكيك عدد كبير من الخلايا الإرهابية .وأكد المدير العام للمكتب الشرقاوي حبوب أن هناك تعاونا "تاما وغير مشروط" بين المؤسسات الأمنية، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بتعاون أفقي وعمودي".
كما شرح في هذا السياق في حوار مع بيان اليوم بتاريخ 16 ماي 2023 كيفية عمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي يتلخص في الاعتماد على المعلومات التي توفرها له المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، حيث أن خصوصية المكتب تتمثل بالأساس في المزاوجة بين العمل الاستخباراتي والعمل القضائي.
فهناك نوع من التنسيق بين جميع المصالح الأمنية بشكل أفقي وعمودي، وتكون هناك لقاءات دورية أسبوعية وسنوية أو آنية إذا اقتضى الحال للنظر في القضايا التي تمس أمن المواطن. وبالتالي فبفضل المعلومات الدقيقة وبفضل المجهودات الدءوبة والاستمرارية والمواكبة المستدامة والمستميتة التي يبذلها جميع موظفي المصالح المركزية التابعة لمديرية مراقبة التراب الوطني والتي تزود المكتب بتلك المعلومات، حيث يتم التنسيق في هذا الباب واستغلال المعلومة بشكل جيد ودقيق، وعندما يظهر أن المعلومات التي توفرها المصالح المركزية سواء على مستوى الجريمة المنظمة أو الجريمة الإرهابية، ويظهر أن هناك عناصر مادية متوفرة في الجريمة (مثلا شخص يقتني مواد مشبوهة عبارة عن سوائل أو سماد الفلاحة الذي يستعمل في صناعة المتفجرات، أو يدخل مكانا لاستعمال الإنترنيت لأغراض إرهابية) تتحرك عناصر المكتب للقيام بالتدخل لتحييد أي عمل إجرامي يهدد النظام العام وسلامة المواطنين.
* مراقبة الشبكة العنكبوتية
تتكلف مصلحة «الاتصالات الراديو إلكتريكية» داخل المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التي تتوفر على أجهزة تنصت جد متطورة ، بمتابعة آلاف المكالمات الهاتفية كل يوم، وتترصد جميع رسائل الفاكس التي تود معرفة تفاصيلها. كما تخترق علب البريد الإلكتروني على الشبكة العنكبوتبة لمن تشاء.. كما يمكنها طلب مساعدة شركات الاتصالات بخصوص مكالمات أو اتصالات هاتفية تم إجراؤها في فترة سابقة لم يكن صاحبها قد وضع فيها تحت المراقبة. أما اللائحة الاعتيادية لشرطة «الراديو إلكتريك» فتتنوع من الوزارات إلى السفارات مرورا بالأحزاب السياسية، ومكاتب المنظمات الدولية، والشركات متعددة الجنسيات.. وبطبيعة الحال الصحافيين وأبرز المعارضين السياسيين.
وإلى جانب هذه اللائحة هناك نظام خاص يجعل آلة التسجيل تنطلق «أوتوماتيكيا» كلما وردت في مجال اشتغالها كلمة يرغب «جواسيس» المملكة في معرفة من ينطق بها أو يضمنها في مراسلاته عبر الفاكس أو الإيمايل. يمضون يومهم في الاستماع إلى مئات المكالمات المشتبه فيها وقراءة عشرات الرسائل المشكوك في أمرها، إذ غالبا ما يلجأ أصحابها إلى اعتماد لغة مشفرة.. قبل أن يضعوا أهمها فوق مكتب المدير العام.
وبمختلف ربوع المملكة تنتصب آذان وعيون أعوان السلطة ومساعديهم، إلى جانب رجال الاستعلامات العامة ومخبريهم، لترصد كل تحركات المواطنين، سواء كانوا منتظمين في أحزاب أو جمعيات أو نقابات أو بعيدين عن عالم السياسة . لكن أمام تزايد الأنشطة الإرهابية بالمملكة ، لجأت الأجهزة الأمنية إلى الضربات الاستباقية لتفكيك بعض الخلايا المتهمة بالانتماء إلى هذه التيارات الجهادية ، معتمدة في ذلك على مراقبة المواقع الإلكترونية بعدما اكتشفت بأن بعض مكونات هذه الحركات تلجأ إلى هذه الوسيلة للتواصل والتنسيق فيما بينها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي .
فقد سهلت مراقبة الأجهزة الأمنية للمجال الافتراضي تفكيك مجموعة من الخلايا السلفية ، حيث أعلنت السلطات الأمنية المغربية أنها فككت خلال بضع سنوات حوالي 60 خلية إرهابية، من بينها خلايا كانت تنشط مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأخرى لديها علاقة بتفجيرات مدريد في مارس 2004، وأكثر من خلية كانت تخطط لترحيل مقاتلين إلى العراق للقتال إلى جانب تنظيم القاعدة .وهكذا تم في نهاية سنة 2010، تفكيك خلايا في كل من الدارالبيضاء، ووجدة، والناضور، ومراكش، وفاس، قدم أعضاؤها للمحاكمة بتهمة صنع المتفجرات، والتخطيط لتنفيذ هجمات تستهدف مصالح أجنبية داخل المغرب.
وبالتالي، فقد أصبحت مراقبة تحركات بعض الخلايا المتطرفة عبر آلية شبكات التواصل الاجتماعي من ضمن الاستراتيجية الامنية الاستباقية لتفكيك العديد من الخلايا واعتقال نشطائها في عدة مدن بالمملكة خاصة أولئك الذين يعتنقون بعض افكار السلفية الجهادية بما فيهم أتباع ومبايعي دولة الخلافة ببلاد الشام سواء في أوج ظهورها أو بعدما تم القضاء عليها عسكريا وانتقالها إلى منطقة الساحل.
* مأسسة التواصل الأمني
تبنت المؤسسة الأمنية ، سياسة تواصلية تقوم بالأساس على الانفتاح على الرأي العام، و الانفتاح على الفضاء المدرسي والمحيط الاجتماعي، وكذا الانخراط في الفضاء الرقمي
* الانفتاح على الراي العام
أحدثت المديرية العامة للأمن الوطني ، لمجابهة التهديدات الأمنية المتصاعدة التي لا تقتصر على تحركات وأنشطة الخلايا الإرهابية ، وتدوينات وفيديوهات التشرميل الذي قد تشيع جو الإحساس بعدم الأمن داخل الرأي العام، حوالي21 بنية أمنية جديدة خاصة بالتواصل الأمني المؤسساتي، واحدة مركزية على مستوى ديوان المدير العام للأمن الوطني، وعشرين مصلحة لا ممركزة على صعيد ولايات الأمن والأمن الجهوي والإقليمي، والتي تتحدد مهمتها في تسهيل عمل وسائل الإعلام وتيسير وصول المواطن والصحافي للحق في المعلومة الأمنية.
كما أنشأت المديرية العامة للأمن الوطني منصب "الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني" كنقطة ارتكاز بين المؤسسة الأمنية ووسائل الإعلام، وكمصدر رسمي للمعلومات والأخبار المرتبطة بالقضايا الكبرى التي تستأثر باهتمام الرأي العام. وهكذا اختارت المديرية العامة للأمن الوطني توجها جديدا لإستراتيجيتها التواصلية مؤداه "لا تحجب عن وسائل الإعلام والرأي العام إلا ما يفرض القانون وتقييدات النشر حجبه"؛ وذلك كشعار بديل عن فلسفة العمل الكلاسيكية التي كانت تفرض على مصالح الأمن في السابق تبني مقولة "لا تقل لوسائل الإعلام إلا ما يجب عليك أن تقوله لهم".
وفي هذا السياق، درجت المديرية العامة للأمن الوطني على المشاركة في عدة ندوات تنظمها مؤسسات وطنية أو إقليمية أو دولية، منها الندوة العلمية الدولية حول موضوع "التربية الإعلامية: آفاق وتطلعات" التي نظمت في 22 فبراير 2024 من طرف (الإيسيسكو) وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية، بتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وجامعة الدول العربية ممثلة في قطاع الإعلام والاتصال لمناقشة سبل ترسيخ مفاهيم وقيم التربية الإعلامية، والعمل على إدراجها في المناهج التعليمية المختلفة لتطوير مهارات التفكير النقدي، وتعزيز آليات الحصول على المعلومات الصحيحة من مصادرها الموثوقة.
وهكذا أكد الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، بو بكر سبيك، في مداخلته خلال هذه الندوة على أن اختيار هذا الموضوع تمليه ضرورة تحصين المجتمع ضد مختلف المخاطر المستجدة، فضلا عن تعزيز الوعي المشترك بأهمية التربية والتحسيس باعتبارهما المدخل الأساسي للوقاية من الجريمة، مضيفا بأن أن قطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني قام "ببلورة مقاربة مندمجة لتوطيد البعد التحسيسي في العمل الأمني، وتوطين التربية والتوعية في مخططات المناهج الشرطية"، مبرزا أن الأمن في مفهومه الشامل يتجاوز الرؤية الكلاسيكية التي كانت تحصره سابقا في معادلة الوقاية والزجر.
بالاضافة إلى ذلك ، فمنذ الزيارة الملكية لمقر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني الجديد ، انخرطت هذه المديرية في مقاربة تواصلية تستهدف الانفتاح على وسائل الإعلام الوطنية والدولية، لإخبارهم عن الخلايا الإرهابية، التي يتم تفكيكها حيث داومت الديستي على تقديم كافة التفاصيل عن مخططاتها وتحركاتها . وبهذا الصدد سبق لعبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الكشف أمام وسائل الإعلام الوطنية والدولية عن تفكيك عدة خلايا إرهابية تنحدر من عدة مدن مغربية .كما تابع خلفه نفس السياسة التواصلية، من خلال إجراء عدة حوارات واستجوابات بهذا الخصوص مع وسائل الإعلام من صحف وغيرها.
كما تدخل مجلة "الشرطة" ضمن الأدوات التواصلية التي تراهن عليها المديرية العامة للأمن الوطني في مخاطبة المواطنين وموظفي الأمن والمجتمع بصفة عامة، حيث تتخصص هذه المجلة في التعريف بقطاع الأمن ودعم مشاريع الإصلاح والتحول الذين تعرفهما المؤسسة الأمنية، علاوة على إفراد منصة قانونية وإدخال فقرات تحسيسية موجهة إلى الجيل الناشئ من خلال ومضات تحسيسية بواسطة الأنشطة المرسومة التي يساهم في إنتاجها موظفو الشرطة.
وفي هذا السياق، صرحت العميد الممتاز أمل برقية، في لقاء صحفي إلى أنه على الرغم من الظروف الصعبة الناجمة عن جائحة كوفيد ، فقد كان التواصل في عمق الإنجازات الملموسة التي حققتها المديرية العامة؛ في مجال الإخبار والتحسيس ومحاربة الأخبار الكاذبة بطريقة شفافة ومنفتحة.حيث إن "التواصل المؤسساتي هو وظيفة متأصلة في الحياة اليومية لموظفي الأمن، ويتم تحديثها وترسيخها كل عام، معبرة بذلك عن صورة الشرطة المواطنة الشفافة وقبل كل شيء في خدمة المواطن".
كما أطلقت المديرية العامة للأمن الوطني النسخة الالكترونية من مجلة "الشرطة" على تطبيق معلوماتي يمكن تحميله على الهواتف المحمولة واللوحات الإلكترونية التي تعمل بنظام تشغيل "أندرويد" وios للتمكن من الاطلاع على الأعداد الجديدة فور صدورها باللغتين العربية والفرنسية. وتمكين الجميع من الولوج إلى المعلومة الأمنية. في حين قامت بأرشفة جزء من الأعداد القديمة ونشرها في محاولة لتوثيق التاريخ الأمني للمملكة، وذلك في أفق رقمنة جميع الأعداد القديمة ابتداءً من سنة 1961.
* الانفتاح على الفضاء المدرسي
نظرا لما أصبح يتهدد الفضاء المدرسي والتعليمي من مخاطر تتمثل في انتشار مظاهر العنف واستفحال بيع المخدرات عملت مصالح الأمن الوطني على تنفيذ مخططها الرامي لتدعيم التحسيس بالوسط المدرسي، وتحصين التلاميذ ضد مخاطر الجنوح وإساءة استعمال الأنظمة المعلوماتية. فقد بلغ عدد التلميذات والتلاميذ المستفيدين من عمليات التوعية والتحسيس حوالي 141 ألف و241 مستفيدا، يتوزعون على 1816 مؤسسة تعليمية.
كما عقدت مصالح الأمن على المستوى الجهوي والمحلي اجتماعات تنسيقية وتشاورية مع 1821 جمعية وهيئة غير حكومية، تناولت قضايا مرتبطة بانتظارات الساكنة من المؤسسة الأمنية. كما قامت هذه المؤسسة في سنة 2021 بإثراء المحفظة البيداغوجية المخصصة للحملات التحسيسية في الوسط المدرسي، من خلال إعداد وتوزيع قصص مصورة للتعريف بمخاطر الإرهاب والتطرف وشغب الملاعب.
وقد استفاد من هذه الحملات التوعوية 240 ألفا و406 من التلاميذ والتلميذات، ينتمون إلى ستة آلاف و164 مؤسسة تعليمية موزعة على الصعيد الوطني، برسم الموسم الدراسي 2021-2020. في حين واصلت مصالح التواصل الأمني التجاوب مع طلبات الأطفال الصغار الذين يرغبون في ارتداء بذلات الشرطة، حيث استقبلت خلال سنة 2023، أحد عشر طفلا قاصرا ممن ظهروا في أشرطة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو من تقدم عبر أولياء أمورهم بطلبات كتابية، حيث تم منحهم ألبسة كاملة لجهاز الشرطة بكامل إكسسواراتها، ومعدات للتعلم، كما تم تمكينهم من القيام بزيارات ميدانية لمختلف مرافق الأمن الوطني.
- الانفتاح على المحيط المجتمعي
تدعيما لمظاهر الشرطة المجتمعية، وتكريس صورة شرطة القرب بادرت المديرية العامة للأمن الوطني إلى تنظيم دورات سنوية لأيام الأبواب المفتوحة كموعد سنوي قار للتواصل مع المباشر مع المواطن في مختلف جهات المملكة. حيث نظمت هذه التظاهرة التواصلية لأول مرة في الدارالبيضاء في سنة 2020، لتعقبها تظاهرة مراكش سنة 2021، وتليها تظاهرة طنجة سنة 2022، في حين نظمت سنة 2023 النسخة الرابعة من أيام الأبواب المفتوحة للأمن بمدينة فاس، بالتزامن مع ذكرى تأسيس الأمن الوطني، وهي التظاهرة التواصلية التي شهدت حضورا جماهيريا غير مسبوق ناهز مليون و150 ألف زائر خلال خمسة أيام، فضلا عن أكثر من خمسة ملايين مشاهد زاروا الحساب الرسمي للتظاهرة على وسائط الاتصال الرقمية.
في حين اختيرت مدينة أكادير لاحتضان الدورة الخامسة من "الأبواب المفتوحة للأمن الوطني" التي دأبت المديرية العامة للأمن الوطني على تنظيمها سنويا، وذلك ما بين 17 و21 ماي 2024، تزامنا مع الاحتفاء بالذكرى 68 لتأسيس هذه المؤسسة الأمنية.
* الانفتاح على الفضاء الرقمي لتدعيم الإحساس بالأمن
بادرت المديرية العامة للأمن الوطني إلى تعزيز تواصلها الرقمي وانفتاحها الافتراضي في وسائط الاتصال الجماهيري ودعائم الإعلام البديل. إذ تم إحداث حساب رسمي على موقع "تويتر" لنشر تغريدات حول قضايا الأمن العام ومكافحة الجريمة. كما تم إحداث حساب مماثل على موقع "فيسبوك"، يتولى نشر وتقاسم التدوينات بالقضايا والجرائم المرتكبة التي تثير اهتمامات المواطن. وهكذا واصل الحساب الرسمي للأمن الوطني على موقع "فيسبوك" حصد مستخدمين ومتفاعلين جدد، ليصل إلى 282.638 منخرطا خلال سنة 2021 ، مقابل 191.903 منخرطين خلال سنة 2020.
إذ بلغ متابعو الحساب الرسمي للأمن الوطني على موقع "تويتر" 317.074 مستخدما خلال سنة 2021، بنسبة زيادة ناهزت 40 في المائة مقارنة مع سنة 2020، بإجمالي عدد التغريدات ناهز 1061 تغريدة تتعلق بالمجهودات المبذولة في المجال الأمني. وحسب المعطيات الأخيرة للمديرية فقد بلغ عدد المنخرطين في الحسابات الرسمية لمصالح الأمن مليون و127 ألف و944 منخرط، يتوزعون كالآتي: 480 ألف و944 في حساب إكس (تويتر سابقا)، و440 ألف في حساب فايسبوك،و 207 ألف في حساب إنستغرام. كما تم نشر 476 تغريدة وتدوينة في الحسابات الرسمية للأمن الوطني في منصة "تويتر" و"فيسبوك"، فضلا عن تعميم 106 بيانات حقيقة لتصويب الأخبار الزائفة التي تمس بالشعور بالأمن.
ونشر 1541 بلاغا وخبرا وملفا صحافيا حول مختلف القضايا التي عالجتها مصالح الأمن الوطني. في حين اضطلعت مصالح التواصل الأمني بمهام عملياتية خلال سنة 2023، تمثلت في تنشيط قنوات الرصد المعلوماتي عن المحتويات العنيفة التي تمس بالشعور بالأمن لدى المواطنين والأجانب، حيث تم رصد 260 محتوى إجرامي مطبوع بالعنف، والتي تم إخضاعها للخبرات التقنية اللازمة، والتقصيات الميدانية الضرورية، قبل نشر بلاغات وبيانات حقيقة بشأنها في معدل زمني يتراوح ما بين ساعة وخمس ساعات على أبعد تقدير، درءا لتناسل الإشاعات وتبديدا لحالات الإحساس بانعدام الأمن التي قد تنجم عن هذه المحتويات العنيفة.
ولمواكبة تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق الأطلس الكبير ،نشرت مصالح الأمن الوطني 538 محتوى على حساباتها في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ركزت فيها على توضيح حقيقة بعض الجرائم، وتكذيب الأخبار الزائفة خصوصا تلك التي ارتبطت بتداعيات هذه الكارثة الطبيعية، حيث أفردت مصالح التواصل الأمني حيزا مهما من عملها لرصد المحتويات الزائفة التي برزت خلال مرحلة تدبير الزلزال، وسلطت الضوء على مساهمات الأمن الوطني في مساعدة الضحايا والتخفيف من آثار هذه الكارثة. وقد عرفت المحتويات المنشورة في هذا الصدد تجاوبا كبيرا من طرف المواطنين، حيث بلغ مستوى التجاوب مع بعض التدوينات والتغريدات أكثر من 290 ألف مشاهدة و4800 إعجاب في التغريدة والتدوينة الواحدة.
وعلى العموم فقد عرفت العقيدة الأمنية للمملكة تمثل ليس فقط من خلال تحديث الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ودعم التنسيق بين مختلف الفاعلين الأمنيين، بل العمل على ترسيخ الأمن الداخلي. فالأمن، في تصور الملك محمد السادس، ليس فقط في مواجهة التهديدات، بل هو بناء متواصل لبيئة آمنة تحافظ على أمن الدولة وسلامة المواطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.