1. الرئيسية 2. المغرب "الأصالة والمعاصرة" يُعيد "المتمرد" هشام المهاجري إلى المكتب السياسي.. والأخير ل"الصحيفة": عودتي انتصار للديمقراطية وحزبنا ليس ثكنة عسكرية الصحيفة - خولة اجعيفري السبت 31 ماي 2025 - 15:06 أعلن المجلس الوطني للحزب، خلال دورته الثلاثين المنعقدة عن عودة البرلماني هشام المهاجري إلى المكتب السياسي بعد أزيد من سنة من تجميد عضويته، في خطوة وُصفت داخل الأوساط التنظيمية بأنها إعادة ترميم لواحد من أبرز الوجوه البرلمانية التي شكّلت صوتا ناقدا من داخل الأغلبية، فيما اعتبره المعني بالأمر دليل اخر على أن "الجرار"، "مسرحا للحوار والديمقراطية وليس ثكنة عسكرية". القرار، الذي أعلنت عنه فاطمة الزهراء المنصوري، منسقة القيادة الجماعية للحزب، لم يأتِ منعزلا عن السياق العام الذي يشهده الحزب منذ دخوله الحكومة، بل جاء ليعكس – بحسب مراقبين – عودة نوع من الاتزان بين الانضباط الحزبي وحرية التعبير من داخل التنظيم السياسي، فقد شمل القرار أيضا التحاق البرلماني عادل بيطار بالمكتب السياسي، فيما بدا أنه محاولة لإعادة التوازن بين كفاءات ميدانية وأخرى تنظيمية في أفق الاستحقاقات المقبلة. المهاجري: "انتصار للديمقراطية قبل أن يكون انتصارا لي" في أول تعليق له عقب هذا المستجد، قال هشام المهاجري في تصريح خصّ به "الصحيفة"، إن قرار عودته يمثل "دليلا آخر على أن البام يحمل جينات الديمقراطية، والحوار، والانفتاح"، مشددا على أن مقترح إعادة إدماجه في المكتب السياسي، رغم الخلافات السابقة مع بعض مكونات الحزب، "جاء بطريقة ديمقراطية تعبّر عن حيوية المؤسسة الحزبية وتعدد وجهات النظر داخلها". واعتبر المهاجري أن هذا القرار "ليس انتصارا شخصيا"، وإنما هو انتصار لثقافة الإنصات والتشاركية التي تميز الحزب، ولقدرته على تجاوز لحظات التوتر بمنطق جماعي يحترم القانون الداخلي والدستور وروح الاختلاف. وأضاف المهاجري في حديثه ل "الصحيفة": "كما كنت منضبطا في الماضي لقرارات الحزب رغم الاختلاف، فإنني أنضبط اليوم أيضا، لأن حزبنا ليس ثكنة عسكرية، بل مساحة شاسعة للحوار واحتضان الرأي والرأي الآخر، وهذا مكمن قوته". من التجميد إلى العود... مسار متعرج في سياق الأغلبية عودة المهاجري إلى المكتب السياسي تعيد إلى الواجهة أحد أكثر الملفات جدلا داخل الأصالة والمعاصرة منذ انضمامه إلى الأغلبية الحكومية، خاصة بعد مداخلته النارية خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2023، والتي انتقد فيها السياسات الحكومية الاقتصادية والاجتماعية، في خطوة وُصفت آنذاك بأنها خرق واضح لميثاق الأغلبية السياسية. على إثر ذلك، قرر المكتب السياسي للحزب تجميد عضويته وإحالة ملفه على لجنة التحكيم والأخلاقيات، معتبرا أنه "مس بمبادئ الحزب والتحالفات الموقعة مع باقي مكونات الأغلبية"، وفق ما جاء في بلاغ رسمي صدر حينها. كما قدم المهاجري، في نونبر 2022، استقالته من رئاسة لجنة الداخلية بمجلس النواب، معتبرا في تصريح صحافي أن "هذا المنصب يعود للحزب، وبما أن الحزب لم يعد يريدني، فلا يمكنني أن أتشبث به"، ما عكس وقتها قناعة داخلية بضرورة الانسحاب من المواقع التنظيمية دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع القيادة. لكن مع العودة التدريجية للمهاجري إلى الأنشطة الحزبية منذ يناير الماضي، وظهوره في لقاء تواصلي لمكونات الحزب بجهة مراكشآسفي، عادت مؤشرات التقارب بينه وبين القيادة الجماعية لتُرخي بظلالها، وتهيئ الأرضية لعودته إلى المكتب السياسي، في صيغة مصالحة داخلية صامتة. الأصالة والمعاصرة يُعيد ترتيب بيته الداخلي تمثل عودة هشام المهاجري إلى صفوف القيادة الحزبية رسالة مزدوجة، من جهة، تؤكد عمل حزب الأصالة والمعاصرة على استيعاب الاختلاف دون تفجير المؤسسة من الداخل سيما وأنها تأتي في سياق التحضير للانتخابات، ومن جهة ثانية، تعكس قدرة السياسي على تكييف خطابه مع ضرورات المرحلة، دون أن يتنازل بالكامل عن استقلاليته النقدية. ويُجمع عدد من الفاعلين داخل الحزب على أن المهاجري، رغم خروجه عن خط الانضباط الصارم، ظل دائم الحضور في الذاكرة التنظيمية كصوت رقابي جريء، خاصة داخل مجلس النواب، حيث لعب دورا نوعيا في تتبع السياسات العمومية، وغالبا ما حاز تقدير الرأي العام في ملفات ذات حساسية اجتماعية. وعودة المهاجري ليست فقط مؤشرا على تسوية خلاف شخصي، بل تعكس – وفق عدد من المتتبعين – ديناميكية تنظيمية داخل الأصالة والمعاصرة، تهدف إلى تقوية اللحمة الداخلية في سياق وطني يتجه نحو تحولات انتخابية وسياسية دقيقة، كما تؤكد هذه العودة أن الحزب، ورغم حدّة بعض القرارات السابقة، لا يغلق أبوابه أمام أبنائه، بل يتيح فرص المراجعة والانخراط من جديد وفق منطق المصلحة العامة والانضباط المؤسساتي. و لا تبدو عودة هشام المهاجري مجرد حدث عابر في روزنامة الحزب، بل هي علامة على تعايش ممكن بين الالتزام والانفتاح، بين الموقف الصريح والانضباط التنظيمي، وهي معادلة ليست سهلة، لكنها في حال نجاحها قد تؤسس لنموذج حزبي قادر على تجديد نفسه من الداخل دون أن يفقد صلابته السياسية.