1. الرئيسية 2. المغرب الكبير تزامنا وتعزيز المغرب لعتاده العسكري.. الجزائر على أعتاب تسلم قاذفات سو-34 ومقاتلات سو-57 الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 12 غشت 2025 - 9:00 عاد الحديث عن سباق التسلح بين المغرب والجزائر إلى الواجهة، عقب تداول معطيات عن قرب تسلم الجزائر أول قاذفة تكتيكية من طراز سو-34 "فولباك"، ضمن صفقة كُشف أول مرة عن نيتها سنة 2016 لتعويض جزء من أسطول سو-24 "فانسر". الصور التي التُقطت في مطار جوكوفسكي قرب موسكو لطائرة سو-34 بتمويه صحراوي غير مألوف رجّحت وجهتها التصديرية أن تكون الجزائر سيما وأنها الزبون الوحيد الذي أبدى اهتماما ثابتا بهذا الطراز، فيما وبالتوازي، تتواتر تقارير عن عقد جزائري لنسخة التصدير من مقاتلات الجيل الخامس سو-57E، مع أحاديث عن تسليم أولي في 2025، وهي معطيات لم تؤكدها أو تنفيها الحكومة الجزائرية رسميا. على الضفة المقابلة، يمضي المغرب في برنامج تحديث نوعي لقواته الجوية على محورين الأول استلام دفعات مروحيات الهجوم الأميركية AH-64E أباتشي (24 طائرة متعاقد عليها منذ 2020)، حيث نظّم في مارس 2025 حفل استقبال أول دفعة بسلا، والثاني يتصل بملف إف-16 حيث حصل المغرب على موافقة أميركية لاقتناء 25 مقاتلة F-16 بلوك 72 (فايبر) وترقية أسطوله الحالي إلى معيار F-16V، مع ترتيبات تسليح مرافقة كصواريخ "أمرام"، وهذه العقود تضع سلاح الجو الملكي ضمن زبائن النسخ الأحدث من المنصات الغربية، وتمنحه هامش دمج واسع لمنظومات القيادة والسيطرة الغربية. في خلفية هذه الصفقات يرتفع منحى الانفاق المالي للطرفين، فالجزائر تتطلع إلى سد فجوات القدرة الهجومية بعقود روسية ثقيلة الكلفة (سو-34، سو-57E)، بينما يرفع المغرب ميزانية الدفاع ويربطها بمسار مغربة الصناعة الدفاعية عبر إنشاء مناطق صناعية متخصصة بشراكات عمومية، ما يعني أن جزءا من فاتورة التحديث سيتحوّل مع الوقت إلى سلاسل توريد محلية، أما تقديرات 2025 فتتحدث عن ميزانية دفاع تقارب 133 مليار درهم، مع توجه رسمي لتطوير الصناعة العسكرية محليا من خلال شركة تسيير لمناطق صناعية دفاعية أنشئت بمرسوم حكومي في يونيو الماضي. عقائديا، تميل الجزائر في تحديثها الجوي إلى "ثقل الضربة" والعمق العملياتي ف"سو-34" مصممة لمدى يتجاوز 3000–4000 كلم وحمولة تسليح كبيرة مع أنظمة ملاحة وهجوم متقدمة، ما يمنح سلاحها الجوي قدرة ضربات دقيقة بعيدة المدى ودوريات هجومية موسّعة. إذا أضيفت إليها "سو-57E" كمنصة شبحية متعددة المهام، فالمعادلة المنشودة هي فتح مظلة تفوق جوي موضعي مع سلاح هجومي بعيد، لكن نجاح هذا التحدي مرهون بعوامل لوجستية وسياسية، وهي ضغط الحرب الأوكرانية على خطوط الإنتاج الروسية وتأثيره على جداول التسليم والدعم الفني وقطع الغيار، فضلا عن منظومات التسليح الذكي المرافقة التي قد تتأخر أو تُقنّن وقد ألمحت تقارير دفاعية غربية بالفعل إلى أن موسكو قد تواجه صعوبة في تضمين حزم السلاح المتكاملة لبعض عقود التصدير في المدى القريب. في المقابل، يختار المغرب مقاربة "الجاهزية الشبكية" التي تمزج بين منصات مُجرّبة غربيا وتكامل منظومات الاستشعار والتسليح والبيانات ضمن بيئة قيادة وسيطرة أطلسية، فدخول "أباتشي" AH-64E يعني رفع قدرات مكافحة الدروع والدعم الجوي القريب، وربط الأجنحة الدوّارة بمسرح عمليات بري متحرك فيما تمنح F-16V بلوك 72 رادارات AESA وتسليح جو-جو وجو-سطح متطور، إضافة إلى حزمة تحديث تضمن تقاربا معياريا داخل الأسطول وهذا التوجه يقلّل مخاطر الإمداد والتدريب والاعتمادية، ويُسند بقدرة تمويل وصيانة وسط شبكة تحالفات غربية واضحة. من زاوية الردع والتوازن، تبدو المعادلة بين "ثقل الضربة" الجزائرية و"الشبكة المعيارية" المغربية أقرب إلى سباق "نوعية" أكثر منه سباق "كَمّ"، فالجزائر تسعى إلى توسيع مدى الذراع الجوية الهجومية وتعظيم أثر الضربة الأولى، بينما يعمل المغرب على تقليص زمن الاستجابة ورفع وعي الميدان وتكامل المستشعرات والأسلحة ضمن بنية قيادة رقمية. وعمليا، أي تفوّق نظري بمقاتلة جيل خامس أو قاذفة ثقيلة قد يتقلّص إذا واجه بيئة دفاع جوي مرنة، واعتمادية لوجستية أعلى وتكامل معلوماتي أفضل لدى الطرف المقابل ولهذا السبب، يوازي المغرب تحديث المنصات بزيادة الإنفاق على الذخائر الذكية وأنظمة الصيانة والتدريب طويل الأمد، وهو ما تعكسه موافقات تسليح أميركية مكمّلة لصالح أسطول إف-16 الجديد. اقتصاديا وصناعيا، يراهن المغرب على استنبات جزء من سلسلة القيمة عبر مناطق صناعية دفاعية، في حين تبقى الجزائر شديدة الارتباط بالمورد الروسي من حيث المنصات والذخائر والدعم الفني، ما يجعلها أكثر عرضة لتقلبات جيوسياسية تؤثر على المواعيد وسلاسل الإمداد. وإذا كانت عقود سو-34/سو-57 تمنح الجزائر أوراق قوة دعائية وتكنولوجية، فإن قابليتها للتحقق في الزمن المحدد ستظل رهنا بقدرة الصناعة الروسية على التسليم تحت ضغط الحرب والعقوبات وعلى الجانب الآخر، يوزّع المغرب المخاطر عبر تنويع الموردين الغربيين، ويُدخل عناصر تصنيع/تجميع وخدمات ما بعد البيع إلى السوق المحلية كجزء من استراتيجية تقليل الكلفة الكلية للملكية على المدى البعيد. هذا، وإذا صحّت مؤشرات تسليم سو-34 وربما سو-57E للجزائر خلال 2025–2026، فسنكون أمام صعود جزائري في القدرات الهجومية البعيدة مع بصمة ردعية عالية، مقابل ترسّخ مغربي في الجاهزية الشبكية وحاضنة صناعية دفاعية ناشئة تعِد بتقليص تبعية الإمداد على المدى المتوسط لكن ميزان الردع لا يُقاس بالمنصة وحدها بل بمنظومة التشغيل والذخيرة والتدريب والدعم الفني والاقتصاد السياسي للعقود وحتى تتضح جداول التسليم النهائية الروسية ومدى شمولها للحزم التسليحية، سيظل التفوق الفعلي رهنا بما يثبت على الأرض أي جاهزية، قابلية صيانة، وتكامل عملياتي عبر السلاح المشترك.