العرائش أنفو في زمن تتسارع فيه وتيرة النسيان، يطل الكاتب عبد الإله المجدوبي، ابن مدينة العرائش المقيم بالديار الأوروبية، بعمل أدبي فريد يعيد للذاكرة العرائشية نبضها، وللمكان دفء حكاياته. كتابه الجديد "المنسيون الحاضرون" ليس مجرد مؤلف ورقي، بل هو رحلة بصرية وسردية في ذاكرة مدينة تتنفس بين البحر والأزقة القديمة، وتحمل بين جدرانها أسرار بشر مرّوا وتركوا بصمتهم في صمتٍ نبيل. الكتاب، الذي من المنتظر أن يرى النور قبل نهاية السنة الجارية، يستعيد ملامح الناس الذين صنعوا تاريخ العرائش الموازي، ذاك التاريخ الذي لم يُكتب في الدفاتر الرسمية، لكنه ظل محفوراً في وجدان أبنائها. بين أماكن اندثرت وأخرى ما تزال شاهدة على الزمن الجميل، يسرد المجدوبي حكايات بلسان الوفاء للمكان والحنين للإنسان. بأسلوبه السلس وبلاغته الهادئة، استطاع الكاتب أن يمزج بين الحنين والتوثيق، وبين الذاكرة الفردية والجماعية، ليجعل من القراءة في كتابه أشبه بسفرٍ إلى العرائش القديمة، حيث المقاهي التي جمعت الرفاق، والأزقة التي حفظت خطوات العابرين، والوجوه التي لم تغب عن القلب رغم غيابها عن الصورة. وما يميز هذا العمل أكثر، هو الغاية النبيلة التي اختارها صاحبه؛ إذ قرر عبد الإله المجدوبي أن تعود مداخيل الكتاب إلى دار الأيتام والمتخلى عنهم بمدينة العرائش، في بادرة إنسانية راقية تعكس أصالة الرجل وعمق انتمائه لمدينته وأهلها. إنه مشروع أدبي وإنساني في آن واحد، يعبّر عن وفاء كاتبٍ لم يقطع حبل الذاكرة رغم المسافة، ويؤكد أن أبناء العرائش في المهجر ما زالوا يحملون المدينة في قلوبهم، ويترجمون حبهم لها عبر أعمال تبقى شاهدة على عمق العلاقة بين الإنسان والمكان. من موقعنا، نتوجه بالشكر والعرفان للأستاذ عبد الإله المجدوبي على هذه الالتفاتة الراقية، وعلى كل ما يقدمه من سرد جميل يخلد الوجوه والأمكنة التي شكّلت ملامح العرائش الإنسانية والثقافية. إنه بحق من أبناء العرائش البررة، الذين يكتبون بمداد الوفاء، ويمنحون لذاكرة المدينة حياةً جديدة في زمن يميل إلى النسيان. الكتاب "المنسيون الحاضرون" سيكون متوفراً بالمكتبات قبل نهاية السنة إن شاء الله. تحية تقدير للكاتب عبد الإله المجدوبي، ولجميع أبناء العرائش الذين ما زالوا يكتبون بحبٍ عن مدينتهم التي لا تشيخ.