الركراكي يختم التحضيرات للقاء مالي    طنجة.. شخص يُنهي حياته بحي المصلى    زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية ورياح قوية وطقس بارد من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    كأس إفريقيا.. أنغولا وزيمبابوي في مواجهة مصيرية ضمن المجموعة الثانية        ارتفاع تداولات بورصة الدار البيضاء    الأرصاد الجوية تحذر من تكرار فيضانات آسفي و"تساقطات سلا" السبت المقبل    ساعف: السياق السياسي بالمغرب يعرف انحدارا كبيرا    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    عقد اتحاد طنجة لجمعه العام العادي رغم طلب العصبة تأجيله يثير جدلًا    الفنان الروسي بيوتر إكولوف يحيي حفلا موسيقيا ببيت الصحافة بطنجة    مدرب مالي يناشد جماهير الرجاء لدعم نسور مالي أمام المغرب    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    حين تفتح سانت بطرسبورغ أبوابها ويخرج المغرب من الضوء    نبأ الجميلي تناقش أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة تركيّة    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    "أسود الأطلس" في اختبار قوي أمام "نسور" مالي لحسم التأهل مبكرا إلى ثمن نهائي "الكان"    وزارة العدل وجمعية هيئات المحامين تتدارسان جدل القانون المنظم للمهنة    "الكاف" يعاقب الجيش الملكي بحرمان جماهيره من حضور مباراتين في دوري الأبطال    رحال المكاوي يحصل شهادة الدكتوراه من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط    مطار محمد الخامس يكسر حاجز 11 مليون مسافر بفضل كأس إفريقيا    معهد الجيوفيزياء يوضح تفاصيل هزّتَي مكناس وأسباب عودة النشاط الزلزالي    نتائج الجولة الأولى من دور المجموعات    رئيس النيابة العامة يشكو الخصاص في القضاة والموظفين ويدعو لتطوير التشريعات استجابة للتطورات    حوض سبو.. السدود تسجل نسبة ملء تبلغ 42,8 في المائة        "الجمعية" تحمّل السلطات مسؤولية تدهور صحة معطلين مضربين عن الطعام في تادلة وتطالب بفتح الحوار معهما    السلطات الأمريكية تحقق في صعوبة فتح أبواب سيارات تيسلا    14 دولة تندد بإقرار إسرائيل إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة        أنفوغرافيك | حصيلة 2025.. الجرائم المالية والاقتصادية وغسيل الأموال    الجزائر تُقرّ قانوناً يجرّم الاستعمار الفرنسي ويطالب باعتذار وتعويضات.. وباريس تندد وتصف الخطوة ب«العدائية»    2025 عام دامٍ للصحافة: غزة تسجل أعلى حصيلة مع 43% من الصحفيين القتلى حول العالم    وزارة العدل الأمريكية تحصل على مليون وثيقة يُحتمل ارتباطها بقضية إبستين    إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد حانوكا اليهودي في ملبورن الأسترالية    تهنئة مثيرة لترامب تشمل "حثالة اليسار"    قناة "الحوار التونسية" تعتذر للمغاربة    إطلاق خط سككي جديد فائق السرعة يربط مدينتين تاريخيتين في الصين        فيدرالية اليسار الديمقراطي تحذر من حالة الشلّل الذي تعيشه جماعة المحمدية    الصين تكتشف حقلا نفطيا جديدا في بحر بوهاي    بالإجماع.. المستشارين يصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم مجلس الصحافة    معارض إفريقية متنوعة للصناعة التقليدية بأكادير ضمن فعاليات كأس إفريقيا للأمم 2025        ندوة علمية بكلية الآداب بن مسيك تناقش فقه السيرة النبوية ورهانات الواقع المعاصر    بالملايين.. لائحة الأفلام المغربية المستفيدة من الدعم الحكومي    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    ملتقى العيون للصحافة يعالج دور الإعلام في الدفاع عن الصحراء المغربية    ‬ال»كان‮«: ‬السياسة والاستيتيقا والمجتمع‮    نص: عصافير محتجزة    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كُورُونَا" تُعلّمُنا بَساطَةَ الحياة!
نشر في الصحيفة يوم 08 - 03 - 2021

هذا الفَيرُوس -"كُورُونَا" - يُعلّمُنا الكثير.. وكيفَ نُواجِهُ العَراقِيل.. وتَعقِيداتِ الحياة.. وكيف نُحوّلُ الصّعابَ إلى نَجاحَات..
وهذه الدّروسُ وغيرُها لسنا وحدَنا نتعلّمُها.. حتى الدّولُ الكُبرى، وكبارُ الأثرياء، عبرَ التاريخِ البشري... الصّغارُ والكِبارُ يَستَفيدُون من العِبَر..
الصّدَماتُ مُدَرّسَةٌ ومَدرَسَة..
والأحداثُ الكبرى، والصّدَماتُ الجبّارة، منها تُصنَعُ الانتصارات.. والتّألُقات.. وتَطوّراتُ الدّولِ والمُجتَمَعات..
الصّعوباتُ لها فوائدُ كثيرة.. إنها مَدرَسَةُ الحياة..
تُعلّمُنا أن نَقفِزَ على الحَواجز.. ونتسَلّقَ إلى أعلَى جَبَل..
ولا خيارَ لنا - نحنُ سُكانُ الكَوكبِ الأزرَق - إلاّ أن نَبحثَ عن بدائلَ للحياةِ السّهلة..
وأن نَستَوعبَ قيمةَ البساطة..
- بساطةٌ تحتضنُ العَقلَ والعَملَ والإصرَار...
والشخصُ البَسيطُ - الإيجابِيّ - يَشُقّ طريقَه، وبفَعَاليّة، تحتَ أضواءِ "فَنّ الحَياة"..
ولا يَعبأ بالمَظاهر.. غَنيٌّ بعُمقِه الإنسانِي، وطمُوحاتِه ومَجهُوداتِه..
ولا يَركبُ على إنتاجِ غيرِه.. ولا على الغِشّ.. أو الخِداع.. أو التّزوِير..
مُتَشبّعٌ بالرّوحِ الإيجابية.. ليس أنانيّا.. يَكتَفِي بما بِحَوزتِه.. وبما يَستَطِيع.. ويَشُقُّ الطّريق.. ويَبنِي الغَد..
لا يلتَفتُ إلى الخلفِ إلا لكي يُراجِعَ أخطَاءَه.. ثم يَسِيرُ إلى الأمَام، بدُون مُزاحَمةٍ لرِفاقِ الطّريق..
هي ذي بَساطةُ الحياة..
تُعلّمُنا فنَّ الحياة.. وتقُودُنا لأن نكُونَ في أعماقِنا وتعامُلاتِنا كما نحنُ، وكما هو واقعُنا، لا بصُورةٍ مُزدَوِجة: ظاهِريّة وخَفِيّة.. صورةٌ ظاهِرةٌ للعيان، وأخرَى نفسيةٌ داخِلية..
البساطةُ تُعلّمُنا كيف تَتلاءَمُ وتَتَفاعلُ صُورةُ الدّاخل مع المَظهرِ الخارِجي..
وبساطةُ الحياة ليسَت أن نَظهرَ دُونَ مُستَوانا، بل أن نكُونَ في مُستَوانا الحقيقي، كما نحن، بدُونِ تَلوِينٍ وتَزوِيقٍ ومَساحِيق..
وأن نتَعامَلُ مع الذّاتِ تعامُلاً لا يُنِمّ عن تعقِيدات، بل في تَصالُحٍ مع الذّاتِ ومع الآخَر..
وأن نكُونَ واقعيّين في تَرتِيبِ حَياتِنا، وتَنظيمِ وقتِنا، وحُسنِ التّواصُلِ مع الغير..
والبساطةُ - بهذا المَنظُور - مُهمّةٌ من حيثُ التّعرّفُ على ذوِي مَهاراتٍ وترَاكُماتٍ مَعرفيةٍ وحياةٍ إيجابيّة..
الحياةُ البسِيطةُ الإيجابيّة طريقٌ سالكةٌ إلى تطوِيرِ الذات، وإلى بَساطةِ أفرادٍ آخَرِين: كيف يعِيشُون بشكلٍ طبيعِي، ويتّسمُون باستقلاليةٍ في تفكيرِهِم وقراراتِهم..
والاستِقلاليةُ نفسُها تجعَل كلَّ فردٍ مُبسِّطًا للحياة، صَبُورًا في التّفاعُلِ مع الصّعوبات، مُنسجِما مع ذاتِه وطَبعِه، مُخطّطًا لمُستَقبَلِه.. ويَرسُم الأهدافَ التي يسعَى لتَحقيقِها، داخِلَ السّقفِ الزّمنِي المُحدّد.. ويُجَزّئُ أهدافَه إلى مَراحِل، في كلّ مرحلةٍ يُنجِزُ ما عليه...
وبهذه الطريقةِ يُوظّفُ بساطةَ الحياة، ويعيشُ كما هو، وبالإمكانياتِ المُتاحَة، لا كما يُريدُ غيرُه، ولا تحتَ أو فوقَ قُدراتِه المُمكِنة..
وهكذا يكُونُ واقعيّا مع ذاتِه، مُنسجِمًا مع نفسِه، وبعيدًا عن حياةٍ مُزيّفة..
والحياةُ الزّائفة هي أن يعيشَ المرءُ على المَظاهِر.. وهذا الزّيفُ انفِصامٌ في الشّخصية..
والانفِصامي قد نَلتَقِيه هُنا وهُناك: في حياتِنا العامّة، الإدارات، التعليم.. وفي السياسات، والتّربية الأُسَريّة، وغيرِها...
وفي هذه المُلتقيات، نجدُ نماذجَ بشريّةً تستَهوِيها المَظاهر، وتَتجاهَلُ العُمقَ الذاتي، نفسيّا وعقليّا وسُلوكيّا، ولا تُحقّقُ إنجازاتٍ لخدمةِ المَصلحةِ العامّة، بل مِن أجلِ تلميعِ صُورتِها أمام الآخرين..
ازدواجيةٌ في شخصيةِ بعضِ من تمَكّنوا من تحقيقِ نجاحات، لكنهُم لم يتَخلّصُوا ممّا حَفَرتهُ الطفولةُ في نَفسيّتِهم.. وإلى الآن، ما زالوا يُفكّرون بنفسِ طريقةِ الماضي، حتى والفردُ فيهِم إطارٌ تعليمي أو ثقافي أو سياسي...
- حتى السياسي قد يبقَى حَبِيسَ الطفولة!
وتَجِدُ في تفاعُلاتٍ "انتِخابية" - على سبيلِ المثال - سِلسلةً من المَحظُوراتِ المحفُورةِ في ذهنِ المَعنِي من زمان.. ويُسَرّبُ إلى أجيالِ لاحِقةٍ نفسَ مَمنُوعاتِ أمس: "مَمنُوعٌ أن تسألَ في كذا، وتُناقشَ في كذا، وتقولَ كذا وكذا..."..
إطارٌ سياسي واقتصادي وثقافي، لا يقولُ الحقيقة.. وليس في خدمةِ ما يُرضِي ضميرَه، بل في خِدمةِ مَنظُومةٍ أو مَصَالح.. ويتَلقّى إملاءاتٍ تُحدّد ما عليه أن يقُول، وأن يَفعَل..
وتراهُ يقُولُ ما لا يَفعَل.. ويَبقَى في صِراعٍ مع نَفسِيتِه..
تَناقُضٌ بين ما في عُمقِه وما في تصرِيحاتِه وأفعالِه..
ويَعِيشُ حياةً زائِفة.. وانتِهازيّة..
وقد يتَمكّنُ من كسبِ مَداخيل، وفي العُمقِ ليسَ سعيدا..
شريحةٌ بَشَريّةٌ أَشبَهُ ما تكونُ بدَهاءِ الثّعالب.. وفي تواصُلاتِها تتَلَعثَم.. وتتَخيّرُ الكلِمات، وتبحَثُ عن مَضمُون.. ومن يَسمَعُها يُدرِكُ أن كلامَها ليس خارجًا من القلب..
- هذه حياةٌ زائفَة!
الحياةُ المُزيَّفة قد تَنجحُ مادّيّا، وفي المظاهر فقط.. لكنّها لا تَملكُ بساطةَ الحياة، ونقاءَ السّرِيرة..
وعندما يَتَنبّهُ الغارِقُ في الحياةِ المُزيَّفة، يُدرِكُ أنه قد ابتَعدَ عن عُمقِه، ويُخادِعُ نفسَه، ويَتظاهرُ بما ليس فيه..
عندَها يُدركُ أنه قد فقَدَ جوهَرًا لا يَكمُنُ في الشّكل، بل الجَوهرُ كامِنٌ ساكِنٌ في العُمقِ الإنساني..
والأعماقُ وحدَها تُحققُ راحةَ البال، والسّعادةَ المَنشُودة..
إن بساطةَ الحياة لا تعني القُصورَ في التّفكير.. تعنِي أن تَرى الحياةَ في جَماليةِ البَساطة، والتّواضُع، والاحترام، والمَحبّة!
المُتواضِعُ لا يَنتظرُ شيئا من أحد.. يَعتمِدُ على نفسِه فقط..
وهذا فارِقٌ بين المُعقّدِ ذي الوَجهيْن، والبسيطِ المُتواضِع..
- وفي هذا السّياق، مِنَ الطفلِ نتَعلّم!
الطفلُ يَهتمّ باللّعب، والمَحبّة، والضّحِك، أكثرَ من اهتِمامِه بأيّ شيءٍ آخَر.. السعادةُ هي الهدَف.. المَظاهرُ لا تهُمّه إلا مِن زاويةِ اكتِشافِ ما حَولَه..
والحُبّ عِندَهُ أكبرُ قِيمَة..
فأينَ صِدقُ المَشاعِرِ في فاقدِ حياةٍ مُتوازِنة؟ أينَ الهُدوء؟ والصّفاء؟ والأُسرَة؟ والعَلاقات؟
أينَ أنت؟ أينَ نَفسُك؟ أين الطُّمَأنِينة؟ أين السّعادة؟ أليست هذه أولَوِيّة الأولَويّات؟
ولماذا التّعقِيدات؟ أليسَت حَولَنا مَنَارَاتٌ هي في بَساطتِها وتحَدّياتِها قُدوَة؟ وفي تَواضُعِها وصَفائِها هي قُدوَة؟ وفي صِدقِها ونَزاهتِها وعِلمِها هي قُدوَة؟
ما أكثرَ المَنارات في بِلادِنا، ولا يراهَا من هُم أحوجُ من غيرِهِم إلى قُدوَة!
قُدوَةٌ في مُواجهةِ التّحدّيات..
- في البَساطةِ والتّواضُع!

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.