أعيد مؤخرا رسم خريطة لمسار الرحالة المغربي ابن بطوطة، توثق تنقلاته في القرن الرابع عشر من سواحل المغرب الأطلسية إلى أقاصي الصين، في رحلة تجاوزت 120 ألف كيلومتر عبر قارات وممالك ومراكز علمية. - إعلان - انطلق ابن بطوطة من فاس سنة 1325 قاصدا مكةالمكرمة لأداء فريضة الحج، قبل أن يسلك طرقا متعددة شملت القوافل الصحراوية ووادي النيل وصولا إلى القاهرة، ثم الحجاز تحت حماية المماليك. لاحقا، قادته رحلاته إلى الأناضول وآسيا الوسطى والهند، حيث عمل قاضيا في بلاط سلطان دلهي، ومنها إلى موانئ المحيط الهندي والساحل الجنوبي للصين. المدن التي زارها، مثل دمشق وسمرقند ومقديشو وكاليكوت وزايتون، كانت مراكز حيوية للتجارة والعلم، تلتقي فيها طرق القوافل الإفريقية الآسيوية بالممرات البحرية في المحيط الهندي. وقد تنوعت السلع المتبادلة بين الذهب السوداني والتوابل الهندية والحرير الصيني، إلى جانب تبادل الأفكار والقوانين والتقاليد الإسلامية. استقبله حكام بارزون بينهم السلطان محمد تغلق في الهند والخان أوزبك على نهر الفولغا، ما أتاح له الاطلاع على أنماط الحكم في العالم الإسلامي وعلاقاته الدبلوماسية مع بيزنطة والمغول وممالك إفريقيا. وتعد "الرحلة" التي دونها ابن بطوطة مصدرا فريدا للمؤرخين والباحثين، لما تقدمه من رؤية شاملة لوحدة الفضاء الثقافي الإسلامي قبل العصر الحديث، ولشبكة طرق تجارية وثقافية ربطت طنجة بكانتون.