لم يخف أثر الصدمة التي تلقتها الرياضة المغربية بسبب الأداء الضعيف والنتائج الهزيلة التي حصل عليها المنتخب المغربي لكرة القدم، حتى اهتزت سمعة المغرب في أم الألعاب الرياضية، ألعاب القوى، بعد تورط ثلاثة عدائين في تناول المنشطات، كانوا يمثلون بالنسبة للجامعة المغربية أبرز المرشحين للتتويج. فبعد المجد الذي كان تتبوأه ألعاب القوى المغربية، مع رموز عالمية وضعت لمسات على هذه الرياضة، تدق أولمبياد لندن 2012 ناقوس خطر، بل تؤشر على دخول هذه الرياضة منعطف الكارثة الوطنية. لقد كان المفترض أن تلتقط الجامعة والوزارة معا الإشارة بعد أن فقد المغرب قبل هذه الأولمبياد بأسابيع ثلاثا من أبرز نجومه بسبب تناول المنشطات، وكان يفترض أن توجد الترسانة القانونية وتتقوى الأجهزة المؤسسية الرياضية بما يؤهلها لمواجهة دخول هذه الآفة الخطيرة إلى الرياضة الوطنية، لكن للأسف لم يخرج قانون محاربة النشطات للوجود، وتقاعست الجامعة عن واجبها في إنشاء وكالة وطنية لمكافحة المنشطات ومختبر وطني لاختبار العدائين، فجاءت الكارثة التي شوهت سمعة المغرب الرياضية في الخارج، وأساءت إلى رصيدها ومجدها الرياضي في أم الألعاب. طبعا، ليس قدرا على المغرب وعلى شعبه أن يتقبل الصدمات وخيبات الأمل المتكررة، فالسياسة الرياضية غير منزهة عن المساءلة، والقرارات التي تتخذ في هذا القطاع ليست معفية من المحاسبة، فعهد التنزيل الديمقراطي للدستور ، يقتضي إخضاع من يجب محاسبته للمحاسبة، كما يقتضي اتخاذ القرارات اللازمة للحفاظ على سمعة المغرب الرياضية في الداخل والخارج. المشكلة، أن الجامعة الوطنية لألعاب القوى، استبقت هذه المحاسبة، وألقت بكامل المسؤولية على اللاعبين، وتوعدتهم بالقضاء وأداء غرامات مالية، واعتبرت أنها قامت بما يجب، ووفرت كل الإمكانات الضرورية لتحقيق التتويج المغربي في هذه الألمبياد، فيما لم يتحمل وزير الشبيبة والرياضة الصدمة في البدء، ولم يصدق أن تسقط ألعاب القوى المغربية في وحل المنشطات، وظن أن الأمر يتعلق بمؤامرة على ألعاب القوى المغربية، قبل أن يعود ويتوعد عبر وكالة فرانس برس، برد فعل قوي تجاه تعاطي المنشطات في المغرب. هناك حاجة اليوم للتأكيد على أن الشعب المغربي لم يعد يتحمل هذه الصدمات المتكررة، كما أنه ليس مستعدا لقبول منطق تعليق الشماعة على اللاعبين، ولا راغبا في مشاهدة لعبة إلقاء المسؤولية بين الوزارة والجامعات. هناك خلل كبير في بيت الرياضة المغربية، يرده البعض إلى استمرار حالة التحكم في المرفق الرياضي، ويرده البعض الآخر إلى حالة الازدواجية غير المريحة بين القطاع الوصي والجامعات المسيرة، ويرده البعض الآخر إلى تعمق الاختلالات التي عرفتها الرياضة المغربية في السابق، وعدم مواكبتها بقرارات جريئة تقطع مع أسبابها ومظاهرها. مهما اختلف التشخيص، فإن هناك حاجة إلى قرارات جريئة تحدد بدقة المسؤوليات، وتوقف هذا النزيف، وتجعل المرفق الرياضي، مؤطرا بالسياسة الحكومية، ويجعل مؤسساته وهيئاته كاملة خاضعة للمحاسبة والمساءلة، واتخاذ القرارات الضرورية لإنقاذها وإنقاذ سمعة المغرب. إن ما حدث في برلين، ثم في لندن، يؤشر بأن الأمر لم يعد يتعلق فقط بألعاب القوى، ولا حتى بالرياضة المغربية، وإنما يتعلق بسمعة المغرب وصورته أمام العالم، مما يعني أن مسؤولية إنقاذ الرياضة أصبح يستلزم قرارا حكوميا قويا يستطيع إسناد إرادة الإصلاح ضد من يعاكسها. إن استمرار منطق الاستسهال وتعليق الشماعة على الطرف الأضعف، لتبرير استمرار نفس الهياكل والأشخاص في تدبير الشأن الرياضي لن يولد إلا كوارث متلاحقة سيكون من الصعب تجاوز تداعياتها الخطيرة وبشكل خاص على سمعة المغرب الرياضية في العالم.