قد يبدو العنوان صادما، لكن ذلك ما شكل الرسالة الأساسية لعبد الصمد الديالمي؛ والتي حرص على تمريرها عبر برنامج ملف النقاش حول الإجهاض بقناة ميدي 1 سات، والتي تكشف عن الأهداف الدفينة والمتمثلة في إقرار الحرية الجنسية المطلقة، التي يريد البعض جر المغرب إليها عبر بوابة الحديث عن الإجهاض السري، ومآسيه الطبية والاجتماعية والقانونية. يثير موضوع تقنين الإجهاض عدة إشكالات في النقاش العمومي، سواء تعلق الأمر بدقة الإحصاءات المعلنة، والتي تتحدث عن ألف حالة إجهاض سري يوميا، أو تعلق الأمر بالاجتهادات الفقهية المطروحة لتحديد شروط وخيارات التقنين، أو تعلق الأمر بالجدل الحقوقي بين حق المرأة في جسدها وبين حق الجنين في الحياة، فضلا عن السجال حول الرهانات الاقتصادية والتجارية الكامنة خلف دعوات التقنين الشامل، إلا أن البرنامج أتاح إمكانية الوقوف عند إشكالية أخرى، تجسد رهانا كامنا يتمثل في استغلال القضية للدعوة لإباحية جنسية، توظف مقولات مرجعية حقوق الإنسان، وتعتبر أن من مقتضيات التنصيص الدستوري على هذه المرجعية إلغاء ما يتعارض معها من تشريعات تحظر العلاقات الجنسية غير الشرعية، أو مقولات أخلاقية تركز على العفة، بل إن هذه المقولات ينبغي أن تتجاوز، باعتبار أن الأخلاق مسألة نسبية، كما أنها تتعارض مع التربية الجنسية للفرد، بحسب ما جاء في تصريحات الديالمي في البرنامج، والذي لك يتردد في مقاطعة ضيوف البرنامج وبشكل حاد في بعض اللحظات. لا نتردد في القول بأن البرنامج نجح في كشف هامشية وشذوذ هذه الأفكار، وذلك بشكل هادئ ومفحم، سواء من طرف مدير دار الحديث الحسنية أو ممثل وزارة العدل أو رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض غير الآمن، سواء عبر تأكيدهم على مركزية التخليق والدعوة للتحلي بقيم العفة أو في التأكيد على نسبية الخطاب الحقوقي ووجود قراءات متعددة ومتغيره لمقتضياته، ثم في وضع حدود فاصلة بين نقاش إشكالية تقنين الإجهاض والإباحية الجنسية، ورفض المضامين الإباحية التي يراد فرضها قسرا على التربية الجنسية. ثمة حاجة لمثل هذا النقاش، والذي لا يختلف عن نقاشات جارية في العالم تخترق المجتمعات، نقف هنا على نموذج دال منها، والمرتبط بالحملة التي يقودها مجلس العائلة في ولاية مينوسوتا بالولايات المتحدةالأمريكية، من أجل تشديد العقوبات الخاصة بالعلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، مع العلم أن هذه الولاية وإلى جانب ولايات أخرى ك نيو هامشير ونورث كارولاينا وساوث كارولاينا، تجرمان هذا النوع من العلاقات، كما تصل عقوباته إلى السجن أو الغرامة. أما المقاربة المؤطرة لذلك، فهي الانطلاق من الآثار المدمرة للعلاقات الجنسية غير الشرعية، على مؤسسة العائلة وعلى تماسكها واستمراريتها، وأعتقد أن ذلك هو المقاربة الغائبة في التعاطي مع إشكالية الإجهاض في بلادنا، وهي المقاربة التي قد تفتح الباب لمعالجة مختلفة لهذه الإشكالية.