“هناك خلط بين مفهوم الرجولة والذكورة لدى الرجل المغربي” سارة زروال- الدار البضاء هل تغير مفهوم الرجولة في المغرب ؟ سؤال ضمن عدد من الاستفسارات والإشكاليات في الدراسة التي نشرها عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي. هل حدث حقا تحول ما في عقلية الرجل وقناعاته تجاه المرأة أوعلاقاته الجنسية ؟ من المؤكد أن عقلية الرجل المغربي أو منظوره لعدد من المواضيع قد تغيرت خلال السنوات الأخيرة ولو بنسب متفاوتة، وذلك نتيجة التطورات التي عرفها المجتمع في كافة الميادين بما في ذلك موضوع المرأة أوتقييمه لمكانتها المجتمعية. ومن تم فان الدراسة السوسيولوجية التي قام بها عبد الصمد الديالمي جاءت لتسلط الضوء على القناعات الحالية للرجل المغربي في منظوره للمرأة عبر إحصائيات تضمنتها هذه الدراسة. من أهم النتائج التي توصل إليها البحث هي أن 66 بالمائة من الرجال المغاربة يرون أنهم ليسوا أفضل مكانة من المرأة، وأغلب هؤلاء الرجال اعتبروا أنه لا ينبغي توظيف السلطة والعنف والمال في العلاقات الجنسية، فيما أقر ثلث الذين تم استطلاع آرائهم أن للفتيات الحق في حياة جنسية قبل الزواج. كما أقر 30 بالمائة من الرجال بحق الفتيات في اتخاذ القرارات الخاصة بالإجهاض. غير أن الأغلبية في هذه الدراسة ترفض المثلية الجنسية. ورغم ذلك يعتبر 25 بالمائة منهم أن المثلية لا تعني فقدان صفة الرجولة. وتعقيبا على ذلك، يقول الباحث الاجتماعي أن هذه النتائج “التي كانت متوقعة” بالنسبة له، تقوم على أرضية الواقع في يومنا هذا بحيث لايمكن التنكر لها. الا أن الأخصائي في الأمراض الجنسية والنفسية، أبو بكر حركات يشكك في صحة هذه النتائج ويعتقد أنها تشير فقط إلى رغبة بعض الأشخاص المستطلعة آراؤهم في التظاهر بالانفتاح والتحرر رغم اختلاف قناعتهم من ذلك . ويلاحظ الخبير حركات أنه عندما يكون الحديث مثلا عن الزوجة أو عن الأخت فان المواقف لدى الرجال تتغير، حيث يضيف قائلا ” من خلال تجربتي فأنا ألاحظ وجود العديد من الشباب الذي لا يجد مشكلا في ممارسة الجنس مع الفتاة قبل الزواج أو حتى في فض بكارتها، بل ان هناك من يعتبر ذلك مدعاة للافتخار، ولكن عندما يتعلق الأمر بزواجه شخصيا فهو يسعى الى البحث عن فتاة عذراء” واستنتج الباحث الديالمي من دراسته أن عدد الذين يحاولون التخلص من فكرة الرجولة في مفهومها الأبوي التقليدي هو قليل. ومثل هذه التوجهات هي حديثة العهد .غير أن الأغلبية تؤمن بسيادة سلطة الرجل داخل المجتمع. ويشرح الديالمي ذلك مشيرا الى قناعات الأغلبية داخل المجتمع قائلا ” من الصعب أن نزعزع هذا المفهوم الأبوي للرجولة المشروعة باسم الطبيعة و الدين” الحداثة الجنسية تستوجب إعادة النظر في تعريف المفاهيم الحديث عن تنظيم العلاقات بين الرجل والمرأة يثير دائما جدلا واسعا في مختلف المجتمعات، لاسيما تلك المتشبثة بالعادات والتقاليد. مثل هذه المجتمعات تمنح الرجل مكانة متميزة وصلاحيات واسعة مقارنة مع المرأة. ومن تم يرى الباحث الاجتماعي عبد الصمد الديالمي أن مفهوم الرجولة في المغرب يحتاج إلى إعادة للنظر، ويعتبر الديالمي أن سيطرة المنظور الرجالي كاملا على هذا المفهوم يضعف نصيب المرأة في تحديد أو تشكيل هذا المفهوم. وعن سبب تناوله لهذا الموضوع بالبحث والدراسة يوضح الديالمي قائلا ” أشتغل على المواضيع التي تهتم بالجنس، ولكي يصبح للجنس سياقا في مفهوم العلاقة الحديثة بين الزوجين يجب أن يتم ذلك من خلال روابط التفاهم والرضا والمشاركة ” . و يؤكد الديالمي أنه في طريق نهج الحداثة الجنسية يجب على الرجل إعادة النظر في تعريف المفاهيم التي تربطه بالمرأة باعتباره شريكا وفاعلا في العلاقات الجنسية. وفي هذا الصدد يرى الخبير أبو بكر حركات حدوث تراجع ملحوظ في سيطرة الرجل على العلاقات الجنسية بينه وبين المرأة، كما يعتقد أنه أصبح من الممكن أن تعبر المرأة عن رغبتها الجنسية بجرأة أكبر، غير أن عددا كبيرا من الأزواج لازالوا يعتبرون بعض المداعبات الجنسية الخفيفة في تلك العلاقات أمرا محرما ، ويستخلص الخبير قائلا “حقا بدأت المرأة تأخذ هي الأخرى المبادرة في العلاقة الجنسية، ولكننا لم نصل بعد إلى مستوى الحوار والتواصل بالشكل الكافي في العلاقات الجنسية بين الشريكين”. وأكد الأخصائي أبو بكر حركات كذلك وجود خلط بين مفهوم الرجولة والذكورة لدى الرجل المغربي، فإذا كانت الرجولة تعبر في بعض تعريفاتها عن المسؤولية وحسن التعامل، فان الرجال كثيرا ما يتصورونها في مدى قدرتهم على الهيمنة خلال العملية الجنسية وفي تحقيق رغباتهم فهيا دون الاكتراث بالرغبات الجنسية للمرأة أيضا. الأخصائي في الأمراض الجنسية والنفسية، أبو بكر حركات يستخلص في تعليقه أنه من الضروري تقييم هذه الدراسة من خلال إطارها الاجتماعي والزمني، حيث إنها أجريت على عينة من الموظفين وليس على عينة تمثل كل المغاربة، كما أن الدراسة قد أجريت قبل عشر سنوات مما يدعو الى وضع نتائجها بين قوسين إلى حين إجراء دراسة ميدانية جديدة قد تؤكد هذه النتائج أو تفندها. مضايقات لمنع إنجاز البحث دراسة الديالمي التي تم إنجازها في ست مدن مغربية استطلعت آراء موظفين في مصالح إدارية ووزارات، كما تضمنت شهادات وحكايات عن تجارب شخصية لهم. غير أن هذه الدراسة السوسيولوجية لم تصل إلى رفوف المكتبات المغربية إلا بعد عشر سنوات. حيث اشتكى الباحث من مضايقات لحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي وكذلك من مؤسسات إدارية لتعثير نشر الدراسة. وقد قام الديالمي بنشر مقالاته في مجلات أكاديمية متخصصة في الخارج الى أن وجد ناشرا مغربيا لهذه الدراسة في وقت لاحق. ويؤكد أنه تعرض للشتم في بعض الإدارات التي شملها التحقيق عند إنجاز الدراسة.