يقتضي الايمان باليوم الآخر مجموعة من المقتضيات منها: الايمان بالبعث، الشفاعة، الايمان بالحساب، واعطاء الصحائف، وغيرها من المقتضيات، التي سنذكرها العدد الموالي ان شاء الله تعالى. أولا: الإيمان بالبعث ويبدأ اليوم الآخر بالبعث وهو إعادة الإنسان روحا وجسدا كما كان في الدنيا، حين يُنفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة غير منتعلين، عُراة غير مستترين، غُرلاً غير مختتنين، قال الله تعالى: «كما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينا، إنا كنا فاعلين» سورة الأنبياء:104. وهذه الإعادة تكون بعد العدم التام، ولا يستطيع الإنسان معرفة هذه النشأة الأخرى، لأنها تختلف تمام الاختلاف عن النشأة الأولى، قال الله تعالى: «نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين، على أن نبدل امثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون، ولقد علمتم النشأة الاولى فلولا تذكرون»سورة الواقعة 62-60 والبعث: حق ثابت دلَّ عليه الكتاب والسنة وإجماع المسلمين. قال الله تعالى: «ثم إنكم بعد ذلك لميتون، ثم إنكم يوم القيامة تبعثون»سورة المؤمنون: 16-15. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يُحشر الناس يوم القيامة حُفاة عراة غُرلاً(مسلم) وأجمع المسلمون على ثبوته، وهو مقتضى الحكمة، حيث تقتضي أن يجعل الله تعالى لهذه الخليقة معاداً يجازيهم فيه على ما كلَّفهم به، قال الله تعالى: «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون»سورة المؤمنون: 115. وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: «إن الذي فرض عليك القرءان لرادك الى معاد»سورة القصص85. ثانيا: الشفاعة لغة: الوسيلة والطلب، وعرفا: سؤال الخير للغير والشفاعة الخاصة لبعض الناس حق إذا تحققت شروطها، وهي: إذن الله تعالى، ورضاه عن المشفوع له، قال الله تعالى: «وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان ياذن الله لمن يشاء ويرضى»سورة النجم:26. فبعد طول موقف يوم البعث والنشور يأتي الناس الأنبياء طلبا للشفاعة حتى يقضى بين العباد فتكون الشفاعة الكبرى لمحمد صلى الله عليه وسلم. ثالثا: الإيمان بالحساب يُحاسب العبد على عمله، ويجازى عليه، قال الله تعالى: «إن إلينا إيابهم، ثم إن علينا حسابهمسورة الغاشية25-26، وقال تعالى: «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمونسورة الأنعام160، وقال سبحانه: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا، وإن كان مثقال حبة من خردل ءاتينا بها وكفى بنا حاسبين»سورة الأنبياء 47. والحساب والجزاء على الأعمال مقتضى الحكمة؛ فالله تعالى أنزل الكتب، وأرسل الرسل، وفرض على العباد قبول ما جاءوا به، والعمل بما يجب العمل به منه... فلو لم يكن حساب ولا جزاء لكان هذا من العبث الذي ينزَّهُ الربّ الحكيم عنه، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: «فلنسئلن الذين أرسل اليهم ولنسئلن المرسلين، فلنقصن عليهم بعلم، وما كنا غائبين»سورة الأعراف7-6. رابعا: إعطاء الصحائف الصحائف هي الكتب التي كتبتها الملائكة وأحصوا فيها ما فعله كل إنسان في الحياة الدنيا من الأعمال القولية والفعلية، قال تعالى: «وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيمة كتبا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا»سورة الإسراء 13-14. ومنهم من يعطى كتابه بيمينه، ومنهم من يعطاه بشماله؛ قال تعالى: «فاما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هآؤم اقرءوا كتابيه، اني ظننت اني ملاق حسابيه، فهو في عيشة راضية، في جنة عالية، قطوفها دانية، كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية، واما من أوتي كتابه بشماله فيقول يليتني لم اوت كتابيه، ولم أدر ما حسابيه، ياليتها كانت القاضية، ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه، خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه»سورة الحاقة 23-18.