الخط : إستمع للمقال بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، اخترنا التوقف عند هذه الصورة التي تؤرخ لمرحلة ما بعد إعلان الاستقلال، وبداية البناء والتشييد والتنوير التربوي والفكري، وهي المرحلة التي سماها المغفور له محمد الخامس ب: "الجهاد الاكبر". وقد التقطتت الصورة اعلاه سنة 1956، وهي تجمع ثلة من أهل الفكر والفقه والتنوير، من أعضاء المجلس العلمي الأول لمدينة تطوان. ويظهر في الصورة على اليمين الأستاذ العربي اللوه الذي استقر بتطوان سنة 1930، بعد عودته من تحصيل العلم بجامع الزيتونة، وزاول القضاء بقبيلة بني يدر، ثم أستاذا بجامعة القرويين، وبعدة معاهد قبل أن ينتخب برلمانيا سنة 1963، لكن الأستاذ االلوه ظل ملازما للعلوم والتأليف، وإصدر عدة مناهل ومجلدات ضخمة في عام العقائد ومنها "الرائد في علم العقائد" و"المنطق التجريبي"و"المنهال في كفاح أبطال الشمال" وغيرها. ويوجد في الصورة إلى جانب الأستاذ اللوه الحاج امحمد بنونة ذو الأصول المعروفة في تطوان، وصاحب المذكرات والمراجع العلمية المتنوعة، رغم سطو المستعمر الإسباني على مكتبته التي كانت موجودة في منطقة الطويلع، فيما سمي حينها بمحنة تطاون، ومن المذكرات التي تم نهبها "المذكرة الذهبية" و"تاريخ المغرب" ومراسلات الأستاذ بنونة مع الأمير شكيب أرسلان، وحكايات روائية عن كفاح المغاربة ضد المستعمر، وقد قاد الأستاذ بنونة عدة أنشطة سياسية إلى جانب الأستاذ عبد الخالق الطريس داخل حزب الإصلاح الوطني، كما ساهم إلى جانبه في كتابة مقالات تنويرية ضمن جريدة الحياة. أما الأستاذ الثالث على اليمين في الصورة فهو الفقيه الصحافي والسياسي البليغ التهامي الوزاني، الذي ناضل حينها على مستوى التعليم وأنشطة المجتمع المدني، وأسس جمعية "الطالب" وظل رئيسا لها من 1940 إلى 1945، كما ساهم إلى جانب الأستاذ عبد الخالق الطريس في تأسيس حزب الإصلاح الوطني، وجريدة "الريف" التي كانت لسانا للحزب المذكور، وكان التهامي الوزاني محررا مرموقا لافتتاحياتها. وفي الصورة يوجد ايضا الأستاذ محمد أمزيان الذي عرف بأدوراه التوعوية في مجالات الإرشاد والوعظ، كما شغل رئيسا لمحكمة الاستئناف بتطوان، وأستاذا في المعهد العالي بنفس المدينة، ورئيسا لمجلسها العلمي. وخامس من بالصورة ضمن أعضاء المجلس العلمي الأعلى، هو الأستاذ الشاعر ابراهيم الإلغي الذي قدم إلى تطوان من منطقة إلغ بتافراوت، واستطاع بمعارفه أن يستقطب عدة طلبة وباحثين من داخل وخارج تطوان، قصد التحصيل والمساهمة في جهود التنوير الفكري والتوعية التربوية، وقد تنقل بين مساجد المغرب ليؤدي رسالته العلمية التي كان يعتبرها أمانة ومسؤولية وطنية، وساهم إلى جانب صديقه الأستاذ محمد الفلاح في تنشيط الحركة الفكرية بتطوان، والقيام بعدة تحقيقات للكثير من المراجع والمؤلفات الكبرى، قد عمل الأستاذ الالغي أستاذا بمعاهد كثيرة منها المعهد المغربي للدراسات، والمعهد الفني والمعهد الديني العالي. وضمن الأساتذة الذين قادوا حركة التنوير والتعليم بتطوان من خلال الأندية الفكرية والصالونات الأدبية، يوجد في الصورة محمد الفلاح كثالث شخص على اليسار، وقد عرف في تطوان بمعارفه اللغوية والأدبية وبتحقيقاته العلمية والفقهية، ومنها الأجزاء الخامس والسادس في أواسط السبعينيات، والأجزاء الثامن والثالث عشر في أوائل الثمانينيات، من كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" وهي تحقيقات تمت بمعية زملائه الأساتذة الكرام: سعيد أعراب ومحمد التائب السعيدي ومصطفى أحمد العلوي وعبد القادر الصحراوي وغيرهم. ومن بين الندوات العلمية الشهيرة التي احتضنتها تطوان بمساهمة قيمة للأستاذ محمد فلاح وإشراف صديقه الدكتور محمد تقي الدين الهلالي، نذكر تلك التي نظمت سنة 1361 هجرية، وهي رابع أشهر ندوة علمية احتضنتها المدينة في تاريخها الحديث واليمن في منزل الدكتور الهلالي بباب الصعيدة، وكان من أبرز روادها الأساتذة السادة: أحمد هارون ومحمد العبودي وعبد السلام المؤذن وعبد اللطيف الخطيب ومحمد ابن فريحة وأحمد العمراني ومحمد بناني وسعيد أعراب وهذا الأخير هو نفسه الموجود في أول الصورة أعلاه من اليسار. ومما عرف به الأستاذ محمد فلاح أنه نبغ في عدة علوم، وأنه كان موسوعيا ورعا، وذو أخلاق وقيم عالية، وكان شديد الحرص على تتبع المناهج العلمية التي تدرس للطلاب حتى تخلو من أي أخطاء نحوية أو إملائية، وقد حرص على تعليم أبنائه المعارف النافعة والمنفتحة على العلوم الحديثة، ولا أدل على ذلك من كون ابنته أمال فلاح السغروشني نهلت من أحدث العلوم، وخاصة علوم تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي ، وهي الخبيرة التي تشرف حاليا كوزيرة على قطاع الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة. الوسوم العلماء المجلس العلمي المغرب بطوان ثورة الملك والشعب رجال المقاومة