14- رجل الإبداع في فضاء الإمتاع العرائش أنفو في مثل هذا اليوم، الخميس 22 غشت 2024، رحل عنا أخونا الدكتور عبد الفتاح فهدي، إلى جوار ربه الحنان المنان، نسأل الله لنا وله الرحمة والمغفرة الواسعة وأن يتقبله عنده بقبول حسن، ولا يحرمنا أجره ولا يفتنا بعده، فقد كان رحيله عند أبنائه وإخوته ومؤسساته ومحبيه فقدا عظيما وصدمة قوية وألما اعتصر قلوبنا وخبل أرواحنا، ولكن نرضى بقضاء الله ونؤمن بقدره وإن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وكل شيء عنده بقضاء وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام، حقيقة جسدها الله في قوله تعالى: " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" آل عمران/185. وأنا أحيي هذه الذكرى الأليمة وإن بهذه المقالة اليتيمة، أذكر نفسي وإخوتي أن الغاية منها ومما سبق وأن كتبناه من مقالات حول المرحوم (13 مقالة تحت عنوان: علمنا الدكتور عبد الفتاح فهدي، رحمه الله)، هو مجرد التذكير ببعض خصاله الحميدة وإنجازاته النيرة في التربية والدعوة والثقافة والعمل المدني..، قصد الاعتبار والانتفاع بها عبر فضاءاته الجمعوية ولما لا كما قال رئيس حركة التوحيد والإصلاح الدكتور "أوس رمال" في حفل "الوفاء" الذي نظمته الحركة احتفاء ووفاء لمن قضوا من أبنائها القادة: تأسيس مؤسسة مدنية باسم "الإخاء والوفاء" تكون مدرسة لحفظ خصالهم وتجاربهم والتدريب عليها ونشرها وتطويرها وهم الذين عافسوا الواقع العنيد وكابدوه حتى استقامت لهم وبصموه وبصمهم بها وهي لا تزال من المداخل والحوامل والروافع والدعامات الأساسية والمعاصرة لما نهتم به في المجتمع من شؤون التربية والدعوة وسؤال النهضة والإصلاح. لقد كان الدكتور عبد الفتاح فهدي، رحمه الله رجلا متعدد الخصال رصين المبادئ ومتقد المواهب، وكل هذا قد جسده في الجمعية التي أسسها هو وإخوانه في فاتح يوليوز 1987 في مدينة الرشيدية بالجنوب الشرقي للمملكة "فضاء الفتح للتربية والتنمية" حاليا، وهي لا تزال جمعية حية وفاعلة وممتدة عبر التراب الوطني تسير على هذه المبادئ تعمل بها وتنشرها بل وتجدد فيها حسب المستجدات والمتطلبات والتراكمات والبصمات..، وقد سبق وأن أشرنا إلى هذه الخصال كعناوين لما سبق وأن كتبناه من مقالات عما تعلمناه من الدكتور عبد الفتاح رحمه الله ومن مدرسة الفضاء عموما ونذكر من ذلك: 1- في سياق الدواعي. 2- معنى المواطنة الصالحة، التزام وعطاء. 3- معنى الانخراط في مشروع الإصلاح. 4- معنى شعار الجمعية: "تنمية الإنسان أولا". 5- معنى التضامن مع قضايا الأمة. 6- رفض الشطط في استعمال السلطة. 7- معنى الأخوة والمحبة والألفة والمودة. 8- معنى العمل الجماعي والانجاز بروح الفريق. 9- معنى الانفتاح والشراكة والتعاون والتضامن. 10- سباعيات وتسميات، الدواعي والمسارات. 11- العمل الجمعوي بين إدارة التنمية وتنمية الإدارة 12- العمل المدني بين جمعية الحل وجمعية المشكل. 13- معنى الشغف بطلب العلم وحب المعرفة. خصال، فوق ما يربط بينها من وضوح الهوية والمرجعية والرؤية الواقعية والغيرة الوطنية والرسالة الإصلاحية والممارسة الميدانية..، فهناك خاصية مهمة جدا وهي خاصية الإبداع، وما أحوجنا إلى الإبداع على قول "ابن خلدون" رائد علم الاجتماع: " التغيير قاعدة الحياة"، وما ساءت أحوال المسلمين واستفحل تخلفهم في العديد من المجالات إلا لأنهم استأنسوا بالجمود واستمرئوا الاستيراد والتقليد بعيدا عن عناء أصالة الاجتهاد وواقعية التجديد وحداثة الإبداع، وهكذا فقد أبدع المرحوم وإخوانه وفضاؤهم وحساسيتهم الحركية وفعلهم المدني على العموم في العديد من المجالات ومنها التي كانوا هم أول من دشنوها فكان لهم بذلك سبق إضافة الإبداع على الإبداع، وقد تجلى ذلك: 1- عندما تبنوا العمل الجمعوي العلني في زمن السرية والانغلاق. 2- عندما اختاروا لفضائهم الجمعوي بعدا إقليميا ثم جهويا فوطنيا في زمن الجمعيات المحلية. 3- عندما كانوا يغيرون أهداف وأسماء جمعيتهم كل 7 سنوات حسب المستجدات والمتطلبات. 4- عندما انتقلوا إلى العمل المتخصص في الطفولة والشباب في زمن العمل الشمولي الذي يفعل كل شيء.. 5- عندما اعتمدوا العمل المشترك بين الرجال والنساء في وقت لا تزال فيه المرأة مغيبة عن الجمعيات. 6- عندما نظموا معارض الكتاب المتجول وأدخلوا عبره آلاف الكتب إلى المنطقة فكوا بها عزلتها الثقافية. 7- عندما كانوا يعتمدون التدبير الجماعي والتفويض الوظيفي في زمن الاستفراد وقيادة: "ما أريكم إلا ما أرى". 8- عندما اهتموا بقضايا الوطن والأمة ونظموا لها أسابيع ثقافية حافلة بالمحاضرات والأمسيات والدوريات. 9- عندما اكتروا لهم مقرا خاصا يسع أنشطتهم، ولم يكتفوا بمن دار الشباب عليهم بسويعات في قاعاتها .. 10- عندما لم ينتظروا لهم منصب خطابة ووعظ في المسجد فصنعوا لهم داخل مقرهم كرسي علم بكل شيء لا زال يشهد بدرس الثلاثاء للدكتور عبد الفتاح، وما حظي به من إقبال كثيف ومستمر من طرف مختلف الفئات. 11- عندما أسسوا لهم أندية للمطالعة والفكر والحوار ولجنا للرياضة والعمل الاجتماعي، بل أندية فنية للمسرح والإنشاد وقد بنوا لها منصة داخل المقر في وقت كانت فيه مثل هذه الأنشطة غريبة وبدعة. 12- عندما أنجزوا عقودا من المخيمات الناجحة في فضاءات رسمية زمن المخيمات السرية المتوحشة. 13- عندما أبدعوا في إعداد المشاريع وعقد شراكات بشأنها مع قطاعات وزارية في زمن الاستنكاف المزعوم. 14- عندما نظموا تداريب مؤطري الطفولة في وقت كان حظ المنطقة منها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. 15- عندما لا زالت فروعهم تبدع في أنشطتها المتميزة من مهرجانات وملتقيات ورياض أطفال وكفالة يتيم.. 16- عندما انخرط المرحوم عبد الفتاح خلال كل هذا في ملتقى سجلماسة لفن الملحون منذ تأسيسه وكان عضوا فاعلا في مختلف دوراته بعروضه ومداخلاته القيمة، عملا على البحث في التراث ومغربة التربية والثقافة، وهي أهداف طالما تسطرها الجمعيات ولكن لا تنجز فيها شيئا. ويستمر الفضاء، ويستمر معه ورش التدافع والترافع، يستمر فيه الإبداع والإقناع والإمتاع بروح الفريق والعمل الجماعي، ولا نخشى بإذن الله على فضائنا وروح الأجيال المؤسسة والأجيال اللاحقة فيه تتفاعل ويلهم بعضها بعضا ويساعد بعضها بعضا كل من مكانه وبإمكانه، والجميع كل يوم يضحون من أجل حمل الأمانة واستمرار الرسالة أملا في نيل رضا الله تعالى وشرف خدمة الصالح العام للوطن والأمة، فحفظ الله الأجيال العاملة وهي تحمل المشعل ورحم القاضون منا إلى رحمة ربهم وعفوه وعطفه ومنه، وعلى رأسهم الرئيس المؤسس أخونا الدكتور عبد الفتاح فهدي، وأملنا في الله أن يتجسد في الجميع بعض قوله تعالى: " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " الأحزاب/ 23.