أمام أزمة الحكم غير المسبوقة التي يواجهها منذ أسابيع، الرئيس الفرنسي “ماكرون” والتي لا يبدو أنها لا تتجه نحو حل أو تسوية تاريخية ترضي المحتجين، دون تنازل كبير من الرئيس عن صلاحياته الدستورية وبرنامجه الرئاسي؛ وجه الكاتب المغربي، الطاهر بن جلون، الموزع الإقامة بين وطنه الأصلي وفرنسا، جملة نصائح جريئة، من موقع المتعاطف والصريح أيضا مع ساكن قصر الإليزيه. وتعرضت النصائح حتى للجوانب الشخصية الحميمة في حياة الرئيس بما فيها غموض علاقاته بزوجته “بريجيت” الذي يشكل، أي الغموض، حسب بنجلون، مصدر إزعاج للفرنسيين وكذا الأجانب؛ مبرزا أن السيدة الأولى، لا يمكنها حل سر مشكلة زوجها وإن كانت هي أعلم الناس بها وبه. واستحضر بن جلون، بهذا الخصوص ما ذكره له مواطن مغربي يملك مطعما في باريس “ما كان علي أن أصوت لصالح رئيس ليس له أبناء” وهو كلام يبدو صحيحا، حسبا الكاتب وإن شابته قسوة. ووردت نصائح صاحب ليلة القدر، في معرض مقال رأي نشرته اليوم الخميس صحيفة “إلباييس” الإسبانية التي عادة ما تتقاسم مقالات كتاب وأدباء معروفين مع شريكتها “لوموند” الفرنسية”. وتقمص بن جلون في المقال/ الرسالة المفتوحة الموجهة لماكرون، دور الفيلسوف والمثقف الناصح، مستعينا بأقوال واستشهادات كتاب وفلاسفة تحدثوا عن إشكاليات السلطة وأزمات الحكم، مركزا على نصيحة مفتاح تتمثل في ضرورة إصغاء الحاكم للناس. واعترف بنجلون، بذكاء ماكرون، الذي مكنه من حرق المراحل وتخطي الحواجز في الطريق إلى السلطة، وأعرب عن الاعتقاد بأن الذكاء المفرط والجامح ربما هو الذي أوقع الرئيس في الأزمة التي يواجهها. ويعتقد الكاتب المغربي، أن على رئيس فرنسا أن يتكلم كثيرا، ليس بخصوص كيفية تدبير سياسة البلاد، وإنما أيضا بخصوص نقاط ضعفه، مشيرا إلى أن ممارسة الحكم هي مثل الفن، لا يتم تقنينه في المدارس وإنما يكتسب بالممارسة والمعاناة، مذكرا بمسار رؤساء فرنسا السابقين: ميتران، شيراك، ساركوزي الذين مروا بدورهم بتجارب مريرة قبل أن يصلوا إلى سدة الحكم؛ مشيدا على الخصوص بالرئيس الراحل ميتران، المثقف والداهية وصاحب تجارب في السلطة والذي كان متمتعا بسلطة الحديث وهيبة الإقناع. وأجمل بنجلون نصائحه للرئيس الفرنسي في ضرورة الإصغاء للناس والتخلص من المحيطين به ومحاولة التوفيق بين الانتقال البيئي والعدالة الاجتماعية، كما الكف عن الهوس بالأثرياء الذين يغازلهم، وباختصار إظهار قدر من التواضع كون الفرنسيين شعبا صعبا، مضيفا عليه (ماكرون) أن يقود ثورة لا تشبه تلك التي يتحدث عنها في كتاب له بنفس العنوان “الثورة”. في هذا السياق يتذكر بنجلون، قولا منسوبا إلى القائد نابليون بونابرت “حينما أهيئ مخططات المعركة، أستحضر أحلام جنودي النائمين”. وختم بن جلون مقاله بالإشارة إلى أن الانتخابات الأوروبية المقبلة ستشكل اختبارا لمدى شعبية الرئيس وتأييده، ما لم يفز الحزب اليميني المتطرف بزعامة “مارين لوبين”.