القبضة الحديدية لنظام مبارك تنهار.. والشعب يطالبه بالرحيل واصل المتظاهرون تجمعهم أمس الأحد في ميدان التحرير بقلب القاهرة مطالبين بإسقاط الرئيس حسني مبارك، رافضين أن يحل محله اللواء عمر سليمان الذي عين نائبا للرئيس، فيما استمرت مظاهر الانفلات الأمني وقتل العشرات إثر عمليات هروب جماعي من السجون. وفي الوقت نفسه، نصحت عدة دول كأمريكا وفرنسا وتركيا والهند وإيطاليا رعاياها بالجلاء عن مصر ووضعت رهن إشارتهم طائرات لإعادتهم إلى بلدانهم. ومن جانب آخر، قررت الحكومة المصرية توقيف تراخيص قناة «الجزيرة»، وأغلقت مكتبها بالقاهرة ومنعت مراسليها من مزاولة نشاطهم الصحفي، ثم حذفت تردد القناة ظهر أمس، من القمر الصناعي نايل سات المصري. وفي تطور مفاجئ، فوضت الجمعية الوطنية للتغيير، التي تضم عدة قوى وطنية، لمحمد البرادعي «التفاوض مع السلطة». وسمحت قوات الجيش التي انتشرت في القاهرة والمدن الأخرى، بعد غياب قوات الشرطة، للحشود بالدخول إلى وسط الميدان بعد التفتيش وإبراز الوثائق الشخصية. واعتاد المتظاهرين تكثيف احتجاجاتهم في ميدان التحرير بوسط القاهرة في المساء منذ بدء الاحتجاجات الثلاثاء الماضي. وتجمع قرابة عشرة آلاف متظاهر بعد ظهر أمس الأحد في ميدان التحرير ورددوا شعارات معارضة للنائب الجديد لرئيس الجمهورية اللواء عمر سليمان إذ كانوا يهتفون «لا مبارك ولا سليمان يسقط يسقط الطغيان»، بحسب ما تناقلته الوكالات الدولية للأنباء. وفرضت قوات الجيش حصارا أمنيا حول ميدان التحرير حيث منعت مرور السيارات فيه بينما سمح للمتظاهرين بدخول الساحة بعد تفتيشهم. وكان الرئيس المصري حسني مبارك قرر أول أمس السبت تعيين اللواء سليمان, الذي كان مديرا للمخابرات العامة, نائبا للرئيس في محاولة لتهدئة المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع منذ الثلاثاء الماضي لإسقاط نظامه. وأدت الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين إلى سقوط 111 قتيلا على الأقل بينما تسود حالة من الفوضى في البلاد أدت إلى فرار السجناء من معظم السجون المصرية. وقال مصدر أمني إن عشرات الجثث كانت في الطرقات أمس الأحد بالقرب من سجن أبو زعبل (شرق القاهرة)، وهو أحد السجون الكبرى في القاهرة، بعد وقوع تمرد الليلة الماضية وفرار السجناء. ولم يستطع المصدر أن يوضح الملابسات التي أدت إلى سقوط هؤلاء الضحايا مكتفيا بالقول إنه «كان هناك إطلاق نار من داخل وخارج السجن». وأفاد صحفي من وكالة الأنباء الفرنسية أنه رأى 14 جثة تم نقلها إلى مسجد مجاور لسجن أبو زعبل في القاهرة بعد التمرد الذي وقع فيه ليلة السبت الأحد. وقالت المصادر الأمنية أن ثمانية سجناء قتلوا وفر عدد كبير آخر إثر تمرد في سجن أبو زعبل وهو أحد السجون الكبيرة في شرق القاهرة. وأوضح المصدر أن السجناء البالغ عددهم عدة آلاف قاموا بتمرد وتمكنوا جميعا من الفرار بعد أن استولوا على أسلحة رجال الأمن. ويضم هذا السجن عددا كبيرا من الإسلاميين المحتجزين فيه منذ سنوات إضافة إلى بعض السجناء الجنائيين. وفر آلاف السجناء ليلة السبت الأحد بعد تمرد في سجن وادي النطرون الواقع على الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية على بعد 100 كيلومتر شمال العاصمة المصرية، بحسب ما أفاد مصدر أمني. وكان من بين الذين خرجوا من السجن 34 من قادة وكوادر جماعة الإخوان المسلمين تم اعتقالهم الخميس الماضي، بحسب ما قال المحامي عبد المنعم عبد المقصود. وقال «إنهم خرجوا لأنه كان هناك خطر على حياتهم إذا ظلوا بعد خروج كل المساجين». وأفادت المصادر أن عشرات السجناء فروا من سجن الفيوم مساء السبت إثر تمرد مماثل قتل خلاله ضابط شرطة. كما تمكن العديد من السجناء من الفرار في السجون الصغيرة في عدة محافظات مصرية. وجاء فرار السجناء بعد أن خرجت الأوضاع عن السيطرة الأمنية إثر الانتفاضة غير المسبوقة للمصريين للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك الذي يتولى السلطة في البلاد منذ 30 عاما. وتغيرت لهجة الصحافة الحكومية المصرية الصادرة صباح أمس الأحد بشكل واضح عما كانت عليه حتى السبت وتحدثت عن بداية «التغيير» كما هاجمت أمين تنظيم الحزب الوطني الحاكم الذي كان يعد قبل ساعات قليلة الرجل الثالث في نظام الرئيس حسني مبارك. ومن جانبها، أكدت جماعة الإخوان المسلمين في بيان أصدرته بعد ظهر أمس، رفضها «التعيينات الجديدة» التي أصدرها مبارك أول أمس السبت واعتبرت أنها «محاولة للالتفاف على مطالب الشعب المصري ولإجهاض ثورته». وأعلن التلفزيون المصري بعد ظهر أمس أن مبارك قام بزيارة لمركز عمليات القوات المسلحة «لمتابعة» عمليات السيطرة على الوضع الأمني. وأكد ذات المصدر أنه اجتمع مع عمر سليمان وأحمد شفيق ووزير الدفاع في الحكومة المستقيلة المشير حسين طنطاوي ورئيس أركان الجيش سامي عنان.