أكد محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن الحديث عن ضمان الأمن الطاقي ببلادنا، ليس مجرد شعار، لأنه يفرض سياسة عمومية واضحة، وقرارات تجعل الدولة قادرة على التحكم في تلك الفضاءات المرتبطة بالطاقة، وأن تكون لها الأدوات من أجل مراقبة ما يحدث سواء تعلق الأمر بالكهرباء أو بمواد طاقية أخرى. وأوضح نبيل بنعبد الله في كلمة له خلال اليوم الدراسي الذي نظمه فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بتعاون مع الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول واللجنة التحضيرية لمنتدى اقتصاديي التقدم، أول أمس الأربعاء، حول موضوع "الأهمية الإستراتيجية لصناعة تكرير البترول في تعزيز الأمن الطاقي ومعالجة اختلالات سوق المحروقات بالمغرب" (أوضح) أن المغرب في المجال الطاقي أسس مقومات أساسية منذ الاستقلال لكي يتمكن من أن تكون له قوة ضاربة على المستوى الطاقي، وكان الهدف من إنشاء محطة لاسامير هو ضمان السيادة الطاقية لبلادنا. وأضاف محمد نبيل بنعبد الله أن مصفاة لاسامير وصلت اليوم إلى الباب المسدود بالنظر لعدة أسباب منها ما هو معلن ومنها ما هو غير معلن، حول الخلاف بين المستثمرين الخواص والدولة، وهي الآن في وضع عالق، مشيرا إلى أن الحكومة تتحمل المسؤولية بشكل كبير في هذا الوضع، لأن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي. وذكر الزعيم السياسي أن حزبه التقدم والاشتراكية سبق وأن طلب بفتح حوار حول الموضوع، بين مختلف الأطراف من أجل عودة المؤسسة، على الأقل، لحالتها العادية، لكن هذه الدعوة لم تلق أي تجاوب من طرف الحكومة، مما يطرح أكثر من علامات استفهام، لمعرفة من المستفيد من هذه الوضعية، ولإماطة اللثام عن تضارب المصالح في هذا القطاع الحيوي، حيث يتداخل فيه السياسي بالاقتصادي. وقال محمد نبيل بعبد الله، "إن البلدان الديمقراطية توضح حدود تداخل السياسي والاقتصادي ولكن في المغرب هذا غير واضح"، مشيرا إلى أن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب تقدم بمقترحي قانون في الموضوع، ويتعلق الأمر، يضيف المتحدث، بمقترح قانون حول تنظيم أسعار المحروقات، ومقترح قانون حول تفويت أصول الشركة المغربية لصناعة التكرير "سامير" لحساب الدولة، ولم تتم حتى دراستها من طرف الحكومة، وهذا أمر غير مفهوم في نظر الأمين العام لحزب الكتاب. وشدد محمد نبيل بنعبد الله، على أنه بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية، يتعين أن تعود شركة سامير إلى وضعية الإنتاج، لأن هناك حلولا ممكنة لذلك، ومن الضروري في نظره أن تكون للمغرب شركة للتكرير مما سيؤثر بشكل إيجابي على الأسعار الممارسة داخيا، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي وسيادي واضح بالنسبة للأدوار التي يجب أن تضطلع بها شركة سامير. من جانبه، أكد رشيد الحموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، على أن المسألة الطاقية وخاصة المحروقات، هي مسألة حيوية ولها تبعات اقتصادية واجتماعية كبرى، مشيرا إلى أن الغاية من هذا اليوم الدراسي هو تسليط الضوء على هذه الأهمية التي يكتسيها قطاع المحروقات سواء على الصعيد التنموي والاقتصادي والمالي لبلادنا، أو على مستوى علاقته بأوضاع المقاولة الوطنية، وكذا بالأوضاع الاجتماعية المتسمة بغلاء أسعار معظم المواد الاستهلاكية مع ما تلعبه أثمنة المحروقات من دور محوري في هذا الغلاء. وذكر رشيد الحموني بالمبادرات التشريعية التي بلورها فريق التقدم والاشتراكية في موضوع المحروقات، لكنها لم تلق أي تجاوب من قبل الحكومة، مشيرا في هذا الصدد إلى ما وصفه ب "إفشال" تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول استيراد الغاز الروسي، والتي أثارت ضجة لدى الرأي العام الوطني، لافتا إلى أن فرق الأغلبية رفضت التوقيع على طلب تشكيل هذه اللجنة، بالإضافة إلى رفض فريق لم يذكره بالاسم، لكنه قال "إنه فريق شبه أغلبي". وفسر الحموني عدم التجاوب مع مقترح تشكيل لجنة تقصي حول ما عرف ب "فضيحة الغاز الروسي" باحتمال وجود متورطين مغاربة يراد التستر عليهم، أو ربما لم يرد للمغربة معرفة ما ستصل إليه هذه اللجنة، لأن ملف المحروقات عموما، يضيف الحموني أصبح بمثابة طابو يحرم الحديث عنه. ومن بين المقترحات التشريعية التي اقترحها فريق التقدم والاشتراكية وأوردها، رشيد الحموني، مقترحي قانون الأول حول تفويت أصول شركة لاسامير للدولة، من أجل أن تستعيد الشركة نشاطها، لكن لم يتم التجاوب مع هذا المقترح، معربا عن استغرابه لكون أحد فرق الأغلبية كان قد اقترح نفس المقترح لما كان في المعارضة في الولاية السابقة لكنه رفضه عندما أصبح في الأغلبية، أما المقترح الثاني يهم تنظيم أسعار المحروقات. وتدخل زكرياء صدقي مدير المحروقات بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في موضوع صناعة التكرير وسوق المحروقات بالمغرب، وخلص إلى أن المغرب يسير في اتجاه تطوير الغاز الطبيعي كطاقة للانتقال الطاقي، مشيرا إلى دخول المملكة المغربية لأول مرة للسوق الدولية للغاز الطبيعي المسال. وأضاف زكرياء صدقي أن الحكومة برمجت محطات جديدة تشتغل بالغاز الطبيعي وتحويل توربينات الفيول للعمل بالغاز الطبيعي، كما تم الشروع في تحيين خارطة الطريق للغاز الطبيعي، وتسريع وتيرة تطوير الطاقات المتجددة. وذكر المتحدث، في هذا الصدد برفع حصة الطاقات المتجددة إلى ما يفوق 52 % في أفق 2030 وتسريع وتيرة تطوير الطاقات المتجددة من أجل تعزيز سيادة المغرب الطاقية، وتقليص كلفة الطاقة، والتموقع في الاقتصاد الخالي من الكربون في العقود القادمة، وتثمين استعمالات الطاقات المتجددة، لاسيما في مجالات تحلية مياه البحر والهيدروجين الأخضر واستخداماته. بدوره، وقف محمد بنموسى الفاعل الاقتصادي والعضو بلجنة النموذج التنموي، على البعد التاريخي لشركة سامير وعلى الأسباب التي أدت إلى إفلاسها، مبرزا في هذا السياق الأسباب المباشرة والغير مباشرة لذلك، والتي تأتي في مقدمتها، خوصصة الشركة بشكل غير شفاف وغير عادل سنة 1997، حيث تم تفويتها في إطار خوصصة مباشرة دون طلب عروض منافسة، فيما يتمثل السبب الثاني، بحسب الفاعل الاقتصادي، في تغيير اللائحة السلبية للشركات التي لا يمكن بيعها للخواص، والتي كانت من ضمنها شركة سامير، لكنها أصبحت، بين عشية وضحاها، ضمن الشركات المعروضة للخوصصة التي تمت دون احترام مخطط التفويت حيث أن القرار الذي اتخذ في ذلك الوقت هو أن تحتفظ الدولة بنسبة من رأسمال الشركة وأن تكون عضوا في مجلس إدارتها للمراقبة والنجاعة في التسيير، إلا أنه، يضيف محمد بنموسى، تم بيع الشركة للخواص بشكل كامل. وفي السياق ذاته، أورد العضو السابق في لجنة النموذج التنموي، العديد من المخالفات التي شابت مجموعة من الجوانب القانونية في الشركة بما فيها تلك المتعلقة بالتفتيش والمراقبة، أو تلك المتعلقة بعلاقتها بالأبناك وشركات المحاسبة التي كانت تصادق على تقارير وهمية، مشيرا إلى تقصير الوزارة التي كانت لها صلاحية الإشراف آنذاك، بالإضافة إلى مسؤولية وزارة المالية حينها، حيث أن إدارة الجمارك منحت أموالا طائلة للشركة دون ضمانة بنكية. كما تطرق محمد بنموسى إلى المسؤولية المباشرة لصاحب رأسمال الشركة الشيخ العمودي، والمدير العام للشركة الذي كان قبل توليه هذا المنصب وزيرا مكلفا بالخوصصة، وكذا مسؤولية مكاتب المحاسبات التي أشرت على حسابات مغشوشة وكانوا يبيعون الوهم ويعطون معلومات خاطئة حول الشركة، بالإضافة إلى تقصير الرقابة البنكية والرقابة المالية ورقابة الهيئة المكلفة بسوق الرساميل، بحسب المتحدث، وفشل البنك المركزي في مراقبة النزيف المالي للشركة، وسوء إدارة الإفلاس، منذ صدور قرار المحكمة التجارية بالدارالبيضاء. من جانبه شدد الحسين اليمني رئيس الجبهة الوطنية لإنقاد المصفاة المغربية للبترول، خلال هذا اليوم الدراسي الذي أداره صلاح الوديع رئيس حركة ضمير، (شدد) على ضرورة ضمان الحاجيات الطاقية لبلادنا وفق الكميات والأسعار المناسبة، وهو ما يتطلب في نظره، مراجعة القوانين الجاري بها العمل وتجميعها في مدونة للطاقة وتأسيس الوكالة الوطنية للطاقة من أجل مراقبة تقنين وضبط القطاع وتحفيز الاستثمارات. ودعا اليمني إلى ضرورة تعزيز وتقوية دور الدولة في تحديد أسعار الطاقة والتخطيط والإنتاج والمراقبة وتثبيت السيادة الطاقية بكل تجلياتها والتقليل من التبعية للخارج والإفلات من الابتزاز ومن ضغط اللوبيات الاقتصادية في القطاع، وتسريع تنويع المزيج الطاقي بالرفع من حصة الطاقات المتجددة وامتلاك مفاتيح صناعاتها والانتباه لتداعياتها السلبية على استعمار الأراضي وعلى معيش سكان الجوار وارتباطها بالمخزونات المحدودة لمعادن التخزين. كما أكد الحسين اليمني على أهمية التشجيع على الاستثمار في التنقيب واستخراج النفط والغاز وتطوير الشبكة الوطنية للغاز الطبيعي وربطها مع أوروبا وإفريقيا ومع نقط تفريغ البواخر العائمة، وإحياء صناعات تكرير البترول بمصفاة المحمدية وتطويرها ببناء مجمع الصناعات البتروكيماوية وربطها بالشبكة الوطنية للغاز الطبيعي والرفع من القدرات الوطنية لتخزين المواد البترولية والفصل بين التخزين والتوزيع. وتدخل خلال هذا اللقاء المحامي بهيئة الرباط، والدكتور في قانون الأعمال سمير أوخليفا حول الجوانب القانونية لشركة سامير ووضعيتها الحالية كقضية معروضة أمام القضاء وأمام التحكيم الدولي، موضحا أن المسطرة المفتوحة أمام القضاء الوطني لا علاقة لها بالمسطرة المفتوحة على المستوى الدولي. وقال في هذا الصدد "إن المساطر المفتوحة أمام القضاء التجاري الدولي لا يمكن أن توقف المساطر المفتوحة أمام القانون الوطني"، مشيرا إلى أن المسطرة الأولى لا علاقة لها بمسطرة التصفية القضائية لا من حيث الأطراف ولا من حيث الموضوع. بدوره وقف الطيب بنعلي ممثل الجامعة الوطنية لأرباب ومسيري محطات الوقود بالمغرب، على أهم الإشكالات التي يعاني منها القطاع على هذا المستوى، مشيرا إلى أن أرباب المحطات ليسوا هم من يحدد سعر المحروقات وإنما شركات التوزيع هي التي تفرض ذلك. وأضاف الطيب بنعلي أن التحرير المتحدث عنه في مجال المحروقات، هو تحرير أعرج، لأن أرباب محطات الوقود هم الحلقة الأضعف، وهم في مواجهة مباشرة مع المواطن، مشيرا إلى أنهم خاضعون لعقود وصفها ب "الإذعان" لافتا إلى أنهم طالبوا أكثر من مرة بمراجعة تلك العقود لكن دون جدوى، مما جعل القطاع، بحسبه يعاني من مشاكل عديدة لدرجة أن العديد من المحطات أعلنت إفلاسها. محمد حجيوي