كانت جبهة البوليساريو تراهن على فوز أي مرشح للرئاسة الموريتانية باستثناء محمد ولد الغزواني، الذي سبق أن أوضح مواقفه قبيل الانتخابات، كما أنه معروف بالانتماء للمعسكر المعادي لجبهة الانفصاليين، وقد فاز بأغلبية أصوات الناخبين وفي الدور الأول، ويعتبر مرشح الحزب الحاكم في الولاية السابقة حيث دعمه محمد ولد عبد العزيز، الرئيس الموريتاني السابق بصفته رئيسا للحزب الجمهوري وليس رئيسا للدولة. وكانت مواقف محمد ولد عبد العزيز، تسير في اتجاه رفض أي تعامل مع جبهة البوليساريو، حيث صرح قائلا "إن دول العالم لا تريد إقامة دويلة تفصل المغرب وموريتانيا"، ورغم محاولة قادة الجبهة التقليل من أهمية هذا التصريح إلا أنه يبين بوضوح الموقف الدولي الذي لن يقبل قيام دولة العصابة بالصحراء، كما أن المغرب عبر أنه مستعد للدفاع ببسالة عن وحدته الترابية.
بعد فوز ولد الغزواني تكون جبهة البوليساريو قد تلقت أقوى صفعة في تاريخها، باعتبار الرئيس الجديد لا يقبل بتاتا أي نوع من التعامل مع الجبهة لا من قريب ولا من بعيد، مما يضاعف من أزمتها الراهنة، خصوصا وأن الراعي الرسمي للانفصاليين هو الجزائر، التي تعيش وضعا صعبا منذ تفجر الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية، التي كلفت العسكر إبعاد بوتفليقة دون أن يتمكنوا من إيجاد بديل يرضي المحتجين في الشارع.
بين الداعم الرسمي الذي يعيش مشاكل عديدة، وموريتانيا التي ستنتقل من الحياد السلبي إلى رفض التعامل مع الجبهة، سنكون أمام معطى جديد في هذا النزاع المفتعل، لحمته أن موريتانيا دولة جارة للمغرب ولا يمكن أن تكون منطلقا للمؤامرة ضده ولا يمكن أن يجد فيها الانفصاليون موقع قدم.
وقد يكون هذا التحول إيذانا بإيجاد حل للنزاع الذي دام طويلا، حيث ستجد الجبهة، وخصوصا قادتها المستمتعون بالأموال التي يحصلون عليها، نفسها في مواجهة الرمال، وستضطر إلى الخضوع لصوت الضمير، الذي لا يجد بديلا عن الحكم الذاتي كأرقى أشكال الحلول الممكنة، وهو الحل الذي لا غالب ولا مغلوب فيه والرابح هو الإنسان الصحراوي، الذي عاش مشتتا بفعل الاحتجاز الذي تمارسه عصابة البوليساريو.