توقف المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في يومه الخامس من دورته الثانية والعشرين، عند لحظة إنسانية مؤثرة خصصها لتكريم الفنانة المغربية القديرة راوية، تقديرا لمسار فني طويل جعل منها إحدى أبرز الوجوه التي حملت روح الأداء المغربي بصدق وقوة وحساسية استثنائية. لحظة امتزجت فيها الدموع بالتصفيق، واستعاد خلالها الحاضرون مسار فنانة اعتبرت التمثيل نمط حياة، وقدمت عبر عقود أدوارا حفرت حضورها في وجدان الجمهور. ولم يكن هذا التكريم مجرد محطة احتفالية عابرة، بل وقفة لاستحضار مسار مهني ثري في التلفزيون والسينما، نسجت خلاله راوية علاقة محبة واحترام مع أجيال من المغاربة، ممن وجدوا في حضورها قيمة فنية وإنسانية راسخة. كما استحضر المهرجان، في الليلة نفسها، أسماء فنانين رحلوا هذا العام وتركوا بصمة قوية في السينما المغربية، من بينهم علي حسن، محمد الخلفي، عبد القادر مطاع، محمد الشوبي، مصطفى الزعري، نعيمة بوحمالة، منعم كباب، أمينة بركات، ومحمد الرزين. وقدم المخرج نور الدين الخماري كلمة مؤثرة في حق الفنانة المكرمة، مشيرا إلى أنها "لا تمثل، بل تعيش الشخصيات بكل تفاصيلها"، وأنها منحت السينما الشعبية المغربية بريقا خاصا وشاركت في أعمال وطنية ودولية تركت أثرًا عميقا. واستعاد الخماري تجربته معها في فيلمي كازانيغراوالزيرو، مستذكرا مشهدا صعبا أصرت راوية على إعادته مرارا بحثا عن الكمال. وأكد الخماري تقديره الكبير لها قائلا: "اليونان لديها إيرين باباس، ومصر لديها يسرا، ونحن لدينا راوية". كما وجه شكره إلى الملك محمد السادس والأمير مولاي رشيد على دعمهما المتواصل للمهرجان، إضافة إلى فريق العمل الساهر على ضمان المستوى الدولي لهذه التظاهرة. وعلى خشبة المسرح، عبرت راوية عن تأثرها العميق، قائلة: "تصفيقاتكم كالمطر نزلت علي في صحراء فارتويت. شكرا لكم". وأضافت أن هذا التكريم "مولوي وعزيز" على قلبها، موجهة شكرها لجلالة الملك محمد السادس وللأمير مولاي رشيد، ولجميع العاملين في الخفاء على نجاح المهرجان. وأهدت الفنانة التكريم إلى الجمهور المغربي داخل الوطن وخارجه، مستذكرة مشاركتها قبل تسع سنوات ضمن لجنة تحكيم المهرجان، وقائلة إنها تعود اليوم إلى المنصة بفضل الثقة التي وضعها فيها المخرجون والمخرجات لأداء شخصياتهم. واختتمت كلمتها بامتنان كبير لجميع زملائها من الممثلين والمبدعين الذين جمعتها بهم أعمال فنية على مدى ثلاثين سنة، معتبرة أن الفضل في تكريمها يعود إليهم وإلى لحظات الإبداع التي شاركوها معها.